طور العلماء في الصين اختبار لطاخة دم جديدًا لتشخيص السرطان. إذ ركزوا في الدراسة الجديدة على سرطان البنكرياس والمعدة والقولون والمستقيم.
تعتمد التقنية التشخيصية هذه في عملها على شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي يُعرف بالتعلم الآلي، وتتميز هذه الطريقة بسرعتها وقلة تكلفتها مقارنة باختبارات الدم الشاملة المستخدمة حاليًا وغيرها من تقنيات التشخيص.
قد يكون اختبار الدم التجريبي هذا أكثر دقة حتى من اختبارات الدم الشاملة المتاحة حاليًا، وذلك وفقًا للورقة البحثية التي نشرت مؤخرًا في صحيفة Nature Sustainability.
تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب:
يساهم الذكاء الاصطناعي في يومنا هذا بكل شيء فعليًا، ما يؤثر في واقعنا للأفضل أو الأسوأ. يفيد استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة، لكن يتهمه البعض رغم ذلك بسرقة وظائف الناس وابتكار فن مزيف ورهيب.
يستغل الباحثون في مجال الطب الذكاء الاصطناعي ويستخدمون أحدث تقنياته لفهم الأمراض بشكل أفضل والتحكم بها.
تتمثل إحدى محطات رحلة الاكتشاف بتحديد أساليب مبتكرة لتشخيص الحالات الطبية. ويكتسب هذا البحث أهميته من فوائد الكشف المبكر عن السرطان في التوصل إلى نتائج علاجية أفضل.
يتحقق المختصون حاليًا مما إذا كانوا يستطيعون الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، نظرًا لصعوبة تشخيص بعض أنواع السرطانات وقلة اختبارات الدم الموثوق بها.
يحتاج التشخيص الدقيق حاليًا إلى زيارة مرافق صحية ومواصلات ومعدات باهظة الثمن. يجب إجراء اختبار الدم الشامل على سبيل المثال في حجرة تخزين يمكن التحكم بدرجة حرارتها في أثناء النقل والشحن، وهو أمر مكلف أيضًا.
قال مؤلفو الورقة البحثية الجديدة ما يلي: «تعد فاعلية التكلفة المفتاح الأساسي في الكشف عن الأمراض».
تشكل هذه التكاليف عبئًا إضافيًا على البلدان النامية والمناطق الفقيرة، ما يفسر تعدد حالات الإصابة بالسرطان غير المشخصة نتيجة قلة إمكانية الرعاية الطبية. ويعتقد الخبراء بناء على ما سبق أنه وبحلول عام 2030، ستتركز 75% من الوفيات الناتجة عن السرطان في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
أكثر سرعة وأمانًا وأجدر بالثقة من اختبارات الدم الشاملة:
وضح الباحثون أن باستخدام الاختبار التجريبي، استطاعوا تشخيص سرطانات بإجراء اختبار لطاخة الدم الجافة بدقة وحساسية تصل إلى نحو 82-100%. تفوق هذه النتائج جودة اختبارات الدم الشاملة المستخدمة حاليًا، التي تبلغ حساسيتها تقريبا 50-80%.
عرّض الباحثون اختبارات لطاخة الدم لمجال واسع من درجات الحرارة والظروف البيئية في بحثهم، ووجدوا أن العينات بقيت صالحة وحيوية. يحتاج عدد من اختبارات الدم الشاملة المعيارية في المقابل درجات حرارة منخفضة كي لا تفسد.
تعتمد اختبارات الدم المعروفة أيضًا على المعالجة الأولية للعينات، التي تستغرق وقتًا وتعد باهظة الثمن، بينما تحلل اختبارات لطاخة الدم العينات مباشرة، موفرةً بذلك الوقت والمال على المرضى. وتتطلب اختبارات لطاخة الدم مساحة مادية أقل، ما يجعل نقل العينات أسهل وأقل تكلفة.
تعد اختبارات لطاخة الدم آمنةً أكثر، إذ تؤدي عملية تجفيف اللطاخة إلى تعطيل بعض العوامل الإمراضية، بينما تبقى هذه العوامل فعالة في اختبارات الدم الشاملة.
المساعدة على الكشف عن السرطان غير المشخص:
قدر الباحثون في تحليلهم عدد حالات السرطان الجديدة التي سيتمكنون من الكشف عنها وتشخيصها باستخدام اختبار لطاخة الدم الجافة إذا طبقت على نطاق أوسع.
يعتمد الأطباء بشكل أساسي على تنظير القولون للكشف عن سرطان القولون في الوقت الحالي، بينما يستعينون بالتصوير المقطعي المحوسب لتشخيص سرطان البنكرياس، ويشخص سرطان المعدة باستخدام تنظير المعدة. تعد جميع التقنيات السابقة باهظة الثمن وتتطلب كادرًا طبيًا خبيرًا.
وضح الباحثون في المقابل أن هذه الطريقة الجديدة قد تحقق مستويات عالية من التشخيصات الدقيقة، حتى لو أجراها عاملون محليون في مجال الصحة في بيئات عمل سريرية محدودة الموارد. وقدروا أيضًا أن حالات السرطان غير المشخصة لدى السكان المحرومين من الخدمات تتراوح بين 34.56% إلى 84.30%.
طبقت منهجية الكشف عن السرطان على السكان في أرياف الصين، وقدر الباحثون انخفاض معدلات حالات السرطان غير المشخصة بما يلي:
- من 84.30% إلى 29.20% لسرطان القولون والمستقيم.
- من 34.56% إلى 9.30% لسرطان البنكرياس.
- من 77.57% إلى 57.22% لسرطان المعدة.
أجرت صحيفة Medical News Today مقابلة مع أنطون بيلشيك، وهو جراح أورام حائز على الدكتوراه، ورئيس الأطباء، ومدير برنامج الجهاز الهضمي والكبدي في معهد بروفيدنس سانت جونز للسرطان في سانتا مونيكا بكاليفورنيا، ولم يشارك في الدراسة.
سألت الصحيفة عما إذا سببت نتائج الدراسة له المفاجأة والدهشة، فأجاب بيلشيك قائلا: «فاجأتني نتائج الدراسة جدًا. إذ تعد معدلات حالات السرطان غير المشخصة المنخفضة هذه تقديريًا أمرًا مثيرًا للدهشة، خصيصًا في المناطق الأقل تقدمًا».
ما تكلفة اختبار لطاخة الدم؟
ينبغي تطبيق اختبار لطاخة الدم على نطاق واسع من السكان، لتفادي أي تشخيصات مغفل عنها، ما يشير إلى أهمية التكلفة في فعالية هذه التقنية.
قدم مؤلفو الدراسة مثالاً عن كيفية توفير تقنيتهم للمال، إذ وضحوا أنه يمكن إرسال 100 ورقة ترشيح لعينات اختبارات لطاخة الدم من غانسو (وهي إحدى أقل المقاطعات تقدمًا في الصين) إلى مدينة شانغهاي بغضون يوم ونصف فقط، وتتمثل كلفة الشحن بنحو 0.32 دولار فقط.
يحتاج في المقابل نقل 100 عينة مصل سائل، التي تعد أكبر حجمًا بسبع مرات، حوالي 4-5 أيام مع حفظها بدرجات حرارة باردة طول عملية الشحن، وذلك بتكلفة 3.42 دولار.
يلزم تطبيق الاختبارات على البشر:
يعد إيجاد طريقة جديدة دقيقة وفعالة التكلفة لتشخيص السرطان أمرًا مشوقًا، لكن يوجد الكثير من الإجراءات التي يتعين القيام بها قبل إدخال هذه التقنية إلى العيادات.
اختبر الباحثون في هذه الدراسة فاعلية نموذج للذكاء الاصطناعي في فحص بضع مئات عينات دم لأشخاص سبق وشخصت إصابتهم بالسرطان. يريد العلماء تطبيق هذه التقنية على آلاف الأشخاص الحقيقيين، قبل إدراجها في العيادات والمشافي.
ما يزال بيلشيك مع ذلك متفائلًا بإمكانية نجاحها، قائلا: «يجب التحقق من صحة النتائج ودراستها أكثر مستقبلًا، لأنها قد تغير من الممارسات السريرية وتؤثر كثيرًا في حالات تشخيص السرطان المغفل عنها».
اقرأ أيضًا:
الأدوية المضادة للاكتئاب الجديدة تعيد قدرة الجسم على مكافحة السرطان
اختبار دم جديد يُظهر نتائج واعدة في الكشف عن 18 نوعًا من السرطان
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: ألاء ديب