تقوم بعض المواد الكيميائية المحددة والمتواجدة ضمن العديد من الأشياء التي قد نستخدمها بشكل كبير في حياتنا اليومية بالتأثير على الجسم وصحته، وذلك عن طريق التلاعب بالهرمونات، فبعضها قد يؤدي إلى ارتفاع أحد الهرمونات أو إلى انخفاض آخر، وبعضها قد يقلد تأثير الهرمونات أو قد يقلب أحدها إلى آخر أو قد يتداخل مع عمل الإشارة الهرمونية أو قد يأمر الخلية بالموت المبكر أو قد يتنافس مع بعض المواد الغذائية الأساسية وقد يرتبط بهرمونات أساسية ومهمة أو قد يتراكم ضمن الأعضاء المنتجة للهرمونات.
ولهذا أصدرت مجموعة العمل البيئي «EWG» -وهي أحد المنظمات المعنية بالبيئة والمحاربة لاستخدام المواد السامة- لائحة بأسماء أسوأ 12 مادة كيميائية مسببة لاضطراب عمل الهرمونات مع الطريقة التي تؤثر فيها على الجسم والمواد التي قد تحتويها.
1- ثنائي الفينولA «BPA»:
يتواجد هذا المركب الكيميائي في العديد من المنتجات التي قد نستخدمها بشكل يومي كالأغذية المعلبة والمواد البلاستيكية والواقيات السنية (Dental Sealants)، وهو مشابه في البنية للهرمون الجنسي الأنثوي الأستروجين (Estrogen)، وقد ربطت الدراسات والأبحاث التعرّض له بالكثير من المشاكل الصحية كالسمنة والبلوغ المبكر والإسقاطات (الإجهاض العفوي) وغيرها، ولكن أظهرت هذه الدراسات فقط وجود صلة ورابط بينهما أي لم تقم بإثبات فيما إذا كان التعرض لثنائي الفينولA هو المسبب الفعلي والحقيقي لهذه المشاكل الصحية أم لا، ومع ذلك فإن الدراسات التي تهدف لمعرفة المستويات الضارة منه في البيئة للإنسان لا تزال جارية.
2- الديوكسين «Dioxin»:
تعتبر الديوكسينات طبقًا لمنظمة الصحة العالمية«WHO»من المواد الكيميائية طويلة الأجل ومن الملوثات الثابتة والمستمرة في البيئة الناتجة عن العمليات الصناعية بشكلٍ رئيسي، وتتواجد هذه المركبات في الكثير من الأغذية بحيث تتراكم بشكل رئيسي ضمن الأنسجة الشحمية للحيوانات والتعرض الإنساني لها يكون بشكل رئيسي عن طريق اللحوم والألبان والسمك والمحار، وقد وجدت الدراسات أنّ التعرض لمستويات عالية خلال فترة قصيرة مرتبط بآفات جلدية مثل ظهور بقع داكنة على الجلد والعد الكلوري(Chloracne) وكذلك باضطراب في وظائف الكبد، أمّا التعرض المزمن فمرتبط باضطرابات في الجهاز المناعي وتطور الجهاز العصبي عند الأجنة واضطرابات في الجهازي الغدي الصماوي والوظائف الإنجابية وكذلك السرطان، ومع ذلك وبسبب الانتشار الواسع لهذه المركبات نستطيع القول بأنّ جميع البشر قد تعرضوا لمستويات مختلفة منها (Background Exposure) ولهذا فالتعرض الاعتيادي الطبيعي الحالي لا يُتوَّقع بأنّه يحمل تأثير على صحة الإنسان وسطيًا، ولكن عندما تصل السمية إلى درجةٍ معينةٍ ما ستُلاحَظ التأثيرات الصحية السابقة الذكر، ولهذا فالجهود المبذولة لحماية البيئة يجب أن تقوم بالتشديد على السيطرة على إنتاج مثل هذه المواد عالية السمية وتخفيف التعرض الحالي لها.
3- الأترازين «Atrazine»:
وهو من المبيدات شائعة الاستخدام والملوثة لمياه الشرب وفي الدراسات على الحيوان وجِدَت بأنها مرتبطة بالأورام والبلوغ المتأخر والتهاب البروستات كما عُرِفَت بتأثيرها الذي يقلب الضفادع الذكور إلى إناث، وفي عام 2000 قررت وكالة حماية البيئة الأمريكية «the Environmental Protection Agency» بأنّه من غير المرجح أن يسبب الأترازين السرطان للإنسان.
4- الفثالات «Phthalates»:
تستخدم هذه المواد الكيميائية في صناعة المواد البلاستيكية بهدف جعلها أكثر مرونة كما تستخدم في الكثير من المنتجات كالمواد المذابة وذلك بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وعلى ذلك تتواجد هذه المركبات في المنظفات والملابس الحاوية على مواد بلاستيكية (كالمعاطف المطرية على سبيل المثال) وكذلك ضمن منتجات العناية الشخصية كالصابون ومستحضرات تنظيف الشعر(الشامبو) وطلاء الأظافر، وفي الدراسات على الحيوانات وجد الباحثون أنّها يمكن أن تؤثر على الجهاز التناسلي ولكن تأثير المستويات المنخفضة من هذه المواد على الإنسان غير معروف، ولتقليل التعرض لمثل هذه المواد يمكن تجنب استخدام الأواني البلاستيكية والأغلفة المصنوعة من متعدد كلوريد الفينيل (PVC)وكذلك منتجات العناية الشخصية التي تدرج العطر(fragrance) ضمن مكوناتها فهي غالبًا ما تحتوي على الفثالات أيضًا.
5- البيركلورات «Perchlorate»:
تستخدم هذه المواد الكيميائية لإنتاج وقود الصواريخ وغيرها من المتفجرات ويمكن العثور عليها في العديد من المنتجات ومنتجات الحليب، والكثير من البيركلورات يمكن أن تؤثر على قدرة الغدة الدرقية على صنع الهرمونات، وعلى الرغم من صعوبة تجنبها في الغذاء إلا أنّ تأثيرها يمكن تخفيفه باستهلاك كمية كافية من اليود ضمن النظام الغذائي وكذلك قد يخفف استخدام جهاز تصفية الماء (RO filter) من مستوياتها.
6- مثبطات اللهب «Fire retardants»:
وهي عبارة عن مواد كيميائية تضاف إلى المواد المصنعة مثل اللدائن أو المواد البلاستيكية والأنسجة المختلفة، وذلك من أجل تثبيط أو منع أو تأخير تشكل اللهب في حال حدوث حريق، وأحد أصنافها هو إتيرات ثنائي الفينيل متعدد البروم (polybrominated diphenyl ethers) وهي مواد طويلة الأجل وثابتة في الطبيعة وبحسب مجموعة العمل البيئي فهذه المواد مرتبطة باضطراب نشاط الغدة الدرقية ومشاكل صحية أخرى، وعلى الرغم من السحب التدريجي لمعظم هذه المركبات إلا أنها قد تبقى في الحياة البرية لعقود لكونها مواد طويلة الأجل.
7- الرصاص «Lead»:
وهو من المواد السمية المدروسة بشكل جيد، وله صلة بتضرر الدماغ وانخفاض مستوى الذكاء وفقدان السمع ومشاكل أخرى في الجهاز العصبي، وكذلك يؤثر على الهرمونات إذ يسبب لدى الحيوانات انخفاض في مستويات الهرمونات الجنسية.
8- المواد الكيميائية المشبعة بالفلور «Perfluorinated chemicals» :
تتواجد هذه المواد ضمن معدات الطبخ غير اللاصقة (التي تمنع الطعام من الالتصاق بها) وهي أيضًا من المواد طويلة الأمد والمستمرة في الطبيعة، وبعض هذه المركبات مرتبط بانخفاض جودة النطاف وانخفاض وزن الوليد وأمراض الغدة الدرقية من بين أمراض واضطرابات أخرى، ولكن أي من هذه الدراسات لم تثبت تمامًا أنّ هذه المركبات هي السبب في إحداث تلك المشاكل ولهذا الدراسات لا تزال مستمرة حولها.
9- الزئبق «Mercury»:
هذا المعدن معروف بتداخله مع تطور دماغ الجنين، ويمكنه أيضًا الارتباط بهرمون مسؤول عن تنظيم الإباضة لدى الإناث كما يمكن أن يدمر الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، وتنصح المنظمة بتناول السلمون البري والمرقط لتقليل تأثير التعرض الزئبق، كما تنصح وكالة حماية البيئة الأمريكية النساء الحوامل والمقبلات على ذلك بألّا يستهلكوا أكثر من نحو 340 غرام (12 أونصة أو بمقدار وجبتين متوسطة الحجم في الأسبوع) من السمك منخفض الزئبق (مثل سمك التونا الخفيفة المعلبة والسلمون والبولوك والسلور).
10- الزرنيخ «Arsenic»:
يوجد هذا العنصر بشكل طبيعي في البيئة وكذلك في المبيدات وبهذا يجد طريقه إلى تلويث الماء والغذاء، والزرنيخ غير العضوي هو المعروف بتأثيره المسبب للسرطان إذ وجدت الدراسات أن التعرض المزمن لمستويات قليلة منه مرتبطة بسرطان المثانة والرئة والجلد، وكذلك قد يتداخل مع الطريقة التي يتعامل فيها الجسم مع السكر والكربوهيدرات، وقد أقرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأنّ الزرنيخ المتواجد في الأرز لا يبدو أنه يحمل أي تهديد صحي على المدى القصير ولكن البحث لا يزال مستمر في التأثيرات طويلة الأمد.
11- مبيدات الفوسفات العضوية «Organophosphate pesticides»:
التعرض للمركبات الكيميائية في هذه المبيدات مرتبط بتأثيرات تطال تطور الدماغ والسلوك والخصوبة بحيث يمكنها التأثير على مستويات التستوستيرون.
12- إيترات الغليكول «Glycol ethers»:
تستخدم هذه المركبات الكيميائية كمذيبات أو محلات في منتجات الطلاء والتنظيف، وهي مرتبطة بانخفاض تعداد النطاف لدى الرسامين من بين مشاكل صحية أخرى ولها صلة بالربو والحساسية لدى الأطفال، ويمكن تقليل التعرض لمثل هذه المركبات بتجنب استخدام المواد الحاوية على 2-بوتوكسيثانول (EGBE) وميثوكسيديغليكول(DEGME).
- ترجمة: دانيا الدخيل
- تدقيق بدر الفراك
- المصدر