علم الاقتصاد هو أحد العلوم الاجتماعية التي تهتم بتحليل ووصف عمليات الانتاج، التوزيع والاستهلاك للثروة. في القرن التاسع عشر كان عِلم الإقتصاد عبارة عن هواية وتسلية لبعض الأكاديميين. حيث كتب الاقتصاديون في ذلك الوقت عن سياسات الاقتصاد لكنها لم تشرع كقوانين أو اخذت بنظر الأعتبار في إتخاذ القرارات.

في يومنا هذا لاتوجد حكومة او مؤسسة عالمية او مصرفية بدون إطار إقتصادي. بالاضافة الى ذلك يشغل الاقتصاديون عدد من الوظائف في مجالات اخرى كالمحاسبية التجارة، التسويق وإدارة الإعمال.

تعريف علم الإقتصاد

لم يستطع احد أن يعطي تعريفاً محدداً لعلم الإقتصاد. حيث عَرف العالم الإقتصادي الانكليزي الفريد مارشال Alfred Marshall من القرن التاسع عشر علم الاقتصاد على أنهُ ” دراسة البشر لأعمال الحياة الطبيعية. حيث يفحص الجزء المتعلق بالعمل الفردي او الجماعي الذي يرتبط بالمكسب وذلك باستخدام المستلزمات المادية”. في القرن العشرين عَرف ليونيل روبينز Lionel Robbins الاقتصاد على انهُ ” العلم الذي يدرس سلوك الانسان الممنوح والوسائل النادرة التي لها استخدامات اخرى” بمعنى مبسط إن علم الاقتصاد بنظر روبنز هو التوفير. لكن هذا التعريف لا يشمل جميع مناحي الاقتصاد كالناتج المحلي او مستوى الاسعار. لكن هناك تعريف أبسط من قبل العالم الكندي جاكوب فينر Jacob Viner وهو ” علم الاقتصاد هو ما يقوم به الاقتصاديون”

رغم صعوبة وجود تعريف شامل ومحدد وواضح لعلم الاقتصاد لكنهُ كعلم يجيب على العديد من اسئلة الاقتصاديين ليس فقط تحديد أسعار البضائع و الخدمات وانما أسعار الموارد المنتجه لهما كالعمالة والاسواق.وكذلك يقوم علم الاقتصاد بدراسة الاقتصاد الجزئي ،سلوك الأفراد من حيث الاستهلاك الشركات التجارية و التصدير. ويهتم بدراسة الاقتصاد الكلي الذي يعنى بمعرفة مستوى الدخل العام مستوى البطالة ومستوى الاستثمار والتي تصب جميعها في ايجاد طريق لاستقرار الاسعار.

تطور علم الاقتصاد

يرجح ان ولادة علم الاقتصاد بدأت عام 1778 من قبل الفيلسوف الاسكتلندي ادم سمث Adam Smith الذي نشر دراسة حول طبيعة وأسباب ثروة الشعوب. استوحى سميث هذه الدراسة من كتابات الاغريق وبعض ما كتب من القرن الخامس عشر ولكن ليس هناك اسم محدد ساهم اكثر من سميث في تأسيس بما يعرف اليوم بالمدرسة الاقتصادية الكلاسيكية. في عام 1817 كتب دايفد ريكاردو David Ricardo كتاباً عن مباديء الاقتصاد والضرائب رداً على ما كتبه سميث عن ثروة الشعوب حيث اضاف هذا الكتاب طفرة جديدة لهذا العلم. حيث لخصت دراسة ريكاردو حالة التضخم الناتجه عن زيادة اسعار المواد الغذائية مع قلة الاراضي المتوفرة للزراعة وكيف يمكن ايجاد بدائل كالاستيراد والتصدير والمقايضة مع البضائع المنتجة. ألهمت دراسة ريكاردو العالم جون ستيورات ميل John Stuart Mill في كتابه مباديء سياسات الاقتصاد 1848.

بعد هذه المحاولات في تأسيس علم الاقتصاد بدأت تظهر مدارس مختلفه وبأفكار جديدة لم يتطرق لها من قبل كالاقتصاد الماركسي الذي أسسه كارل ماركس Karl Marx من كتابه Das Kapital 1867 حيث اعتبر ماركس اخر الاقتصاديين الكلاسيكيين لما وضعه من مفاهيم جديدة لعلم الاقتصاد. لكن جوبهت المدرسة الماركسية بالعديد من الانتقادات منذ نشوئها وكيف أنها تخفق في حل مشاكل اقتصادية كالضرائب والفوائد حيث وصفت النظرية الماركسية على ان لها تأثير ضعيف على تطور الاقتصاد.

نشأ جيل جديد بعد ذلك يدعى بالهامشية The Marginalism الذي ركز على الفائدة المترتبة من البضائع والخدمات وكيفية اعتبارها مورد اقتصادي حيث اعتبرت الهامشية على انها خط التماس بين الاقتصاد الكلاسيكي والاقتصاد الحديث. حيث استحلت الهامشية العقود الثلاثه الاخيرة من القرن التاسع عشر وركزت هذه المدرسة على العرض والطلب والذي كانت المدرسة الكلاسيكية غافلة عن اهميتهما للاقتصاد. كانت الهامشية متشعبة الى ثلاث مدارس هي الانكليزية والفرنسية والنمساوية تبعاً لأسواق الدول ونظريات علماء الاقتصاد في كل بلد منها ولكنها التأمت بعد الركود الاقتصادي عام 1929 واصبحت في مدرسة واحدة وهي المدرسة الكلاسيكية الحديثة.

في عام 1930 ظهرت مدرسة جديدة وهي الكينزية من قبل العالم الاقتصادي جون مينارد كينز John Maynard Keynes والتي كانت مهتمة بالناتج العام والعمالة وذلك بسبب حالة الركود الاقتصادي العالمي في تلك الفترة. كان للكينزية اثر كبير في الخروج من الركود وذلك عبر تحفيز الحكومات على توفير الأشغال ورفع الضرائب على العمال وتقليل الفوائد على الاعمال التجارية للتقليل من حالة البطالة واعتبرت الكينزية نموذج مهم لحل عدة مشاكل بصورة عملية في ذلك الحين.

بعد الحرب العالمية الثانية دخلت الحسابات الرياضية المعقدة والمتقدمة في الاقتصاد لتحليل واستبيان المشاكل الاقتصادية للقطاعات الصناعية حيث لم يعد علم الاقتصاد مجرد نظريات وحسابات ثابته. وساعدت الحسابات ولغة الارقام في تحويل العلم من مجرد نظريات ومقولات الى حسابات وارقام لا تقبل التشكيك. وفي عام 1969 استحدثت جائزة نوبل لعلم الاقتصاد واصبح علم مهم كسائر باقي العلوم الطبيعية.

من المهم معرفته عن دراسة علم الاقتصاد هي انها دراسة للإصلاح وليس للتغيير الثوري وذلك لأنها لا توفر الدليل الكافي على صحة النتائج رغم كثرة وعمق الدراسات التي اجريت في هذا العلم طوال هذه السنوات. حيث يجابه علم الاقتصاد من قبل البعض على انه ليس علماً حقيقيا، وذلك لأنه مرتبط بسلوك الانسان وهذا ما يصعب تحليله علمياً على العكس من دراسة بعض العلوم كدراسة النواة والخلايا على سبيل المثال. ويضيفون الى ذلك عدم وجود مختبر حقيقي لاختبار النظريات الاقتصادية. وهذا ما دعى علماء الاقتصاد إلى بذل جهود كثيرة من اجل إثبات أن الاقتصاد هو علم كسائر العلوم عن طريق وضع الاحصائات والتحليلات وطرح ما يسمونه ب”النموذج” والذي ممكن تطبيقه نظرياً وطرح توقعات عن امكانية تطبيقه من عدمها على الواقع.

فروع علم الاقتصاد الحديث

الأموال

من أهم وأقدم فروع علم الأقتصاد وأوسعها اعتماداً من قبل الحكومات في التبادلات التجارية. تعتبر الأموال مقياساً لقوة وضعف الاقتصاد من خلال قياس التضخم والعجز للأموال مقابل شراء البضائع. ظهرت نظريات عدة في هذا الفرع كالنظرية الكمية للأموال Quantity theory of money والقوة الشرائية للأموال The purchasing power of money.

النمو والتطور

رغم كونهما فرعين منفصلين لكنهما يندمجان في دراسة واحدة. حيث يعتبر التطور هو بيان أثر الأنظمة الاقتصادية عبر الزمن وذلك عن طريق دراسة الاقتصادين الكلي والجزئي.أما دراسات النمو فتتركز حول مسار التوازن عند تطبيق الأنظمة الاقتصادية مع الاخذ بنظر الاعتبار عامل الزمن وهنالك العديد من النظريات في النمو.

المال العام

والتي تتمثل بالضرائب ومن يدفعها وكيف أن لها اثر على أسعار البضائع والخدمات. لأن كثرة الضرائب على المستهلكين ستعرض الشركات إلى خطر قلة المبيعات وإن زادت على الشركات دون المستهلكين فقد تعرضها للأفلاس أو في احسن الاحوال تسريح الفائض من يدها العاملة. هذا المثال البسيط يبين مدى تعقيد هذا الفرع وظهور العديد من النظريات لمختلف الاحوال الاقتصادية التي تمر بها البلدان.

الاقتصاد الدولي

يهتم هذا الفرع بدارسة فوائد التبادل التجاري بين بلدان العالم من ناحية وهناك نظريات في هذا المجال ومن ناحية اخرى دراسة أثر التغيير في الأسواق الاجنبية على بعضها البعض من ناحية أسعار العملات والتوازن الاقتصادي.

العمالة

من اهم وأقدم فروع علم الاقتصاد حيث يتميز بانه ليس كسائر باقي الفروع حيث إن العمالة لا تباع ولا تشترى ولكن توظف وتستأجر لأداء الخدمات. تحدد الإنتاجية بصورة عامة مدى الإجور المدفوعة للعمال فيكونان معاً عاملان متوازيان لهما أثرهما على حركة السوق.

المؤسسات الصناعية

تعتبر المؤسسات الصناعية على انها هيكل الاسواق. ويدخل في هذا الفرع عوامل عدة كالاحتكار Monopoly ولما له من مشاكل اقتصادية كضعف المنافسة وارتفاع الاسعار. وتضاف المرافق العامه الى المؤسسات الصناعة كأنتاج الماء والكهرباء وغيرها من خدمات البنية التحتية.

الزراعة

تعطي الحكومات أهمية كبيرة لحماية الفلاحين والثروات النباتيه لما لها من اثر على الاسعار والتصدير والناتج العام للبلد. الاقتصاديون المختصون بفرع الزراعة هم على تماس كبير فرعهم لما للتغيرات المتكررة التي تطرأ على الزراعه والمحاصيل وكلفة الانتاج الزراعي المتغيره مع تغير التكنلوجيا في هذا المجال.

القانون والاقتصاد

للقوانين الاثر الواضح على نمو الاقتصاد وحركة الاسواق. ولولا ظهور القوانين لما ظهرت المؤسسات التي تعنى بإدارة الاسواق وحساب الفوائد. ومهمة هذا الفرع هو التقليل من الكلف الانتاجية لجميع نواحي الاقتصاد وحل المشاكل التي تطرأ على الاسواق او المؤسسات.

إقتصاديات المعلومات

تزايدت أهمية هذا الفرع مع نهايات القرن العشرين. حيث يتمثل بنشوء شركات تعمل على ضمان جودة السلع المستهلكة. كمثال على ذلك السيارات المستهلكة. حيث تضمن الشركه الوسيطة بين البائع والمشتري جودة السيارة المعروضة وتحملها لتكاليف اضافية في حالة عدم مصداقية البائع بعد إتمام عملية البيع. وهذا المثال مجرد تبسيط لأمثلة اكبر كالشركات التي تتابع جودة انتاج المصانع والفروع التجارية للشركات لغرض الحفاض على جودة انتاجها.

الاقتصاد المالي

والذي يتمثل بسوق الاوراق المالية Stock market أو البورصات ولما لهذا الفرع من توقعات وتكهنات في حالة الأسواق ووضع الاقتصاد العام. حيث تساعد الدراسة في هذا المجال في الحيلولة دون الوقوع في المقامرة في اتخاذ قرارات البيع والشراء في سوق الاوراق المالية والتي تؤدي في بعض الاحيان الى انهيار اسعار البورصات لبعض البلدان يتبعها تأثير على الاقتصاد العالمي او على الاقل البورصات المرتبطه بها.

المصدر