قد تستطيع الإناث الحياة بدون الذكور، هذا ينطبق على الأقل على تنانين الكومودو. فقد اكتشف العلماء مؤخرًا أن عمالقة عالم الزواحف هذه بإمكانها إنتاج صغارٍ بلا تخصيب من الذكور.

حاليًا في حديقة حيوانات لندن تشيستر؛ تنتظر الأم المستقبلية المسماة فلورا أن تفقس صغارها الثمانية، كل منهم هو نتاج عملية تسمى التوالد العذري (parthenogenesis) أو التلقيح العذري.

قال الباحث المساعد كيفين بولي «Kevin Buley» في حديقة حيوانات تشيستر: «التوالد العذري لم يوثّق إطلاقًا في تنانين الكومودو من قبل، فهذه بالتأكيد سابقة من نوعها في العالم».

لا حاجة للحيوانات المنوية!

وُجِدَ التوالد العذري، حيث تتطوّر البويضة غير المخصبة إلى مرحلة النضج في 70 نوعًا من الفقاريات، من ضمنها الأفاعي الأسيرة وأنواع سحالي الوَرَل. في معظم حالات هذه الزواحف فإن هذه العملية هي الطريقة الوحيدة للتكاثر. في بعض السحالي ذات الذيل السوطي أصبح الذكور كنوعٍ من الزينة، وجميع الأفراد إناثًا. نوع التكاثر اللاجنسي في السحالي ذات الذيل السوطي يُنتِج ذريةً بأكملها من الإناث.

بينما اتضح أن بإمكان تنانين الكومودو القيام بكليهما: فباستطاعتها التكاثر جنسيًا ولاجنسيًا، وذلك حسب ظروف البيئة. ففي معظم حدائق الحيوانات تعيش الإناث وحيدة وتبقى منفصلة عن التنانين الأخرى.

التنانين السحرية:

في شهر أيار/ مايو من هذه السنة، باضت فلورا 25 بيضة، 11 منها كانت على قيد الحياة. علم حارس الحديقة أن فلورا لعبت دور الأم والأب معًا حالما أكدوا أن بيضها كان حيًا. وهذا لأن فلورا لم تتواصل مع تنين ذكر بينما كانت في الحديقة.

انهارت 3 من البيضات النامية خلال فترة التحضين، موفّرة مادة جنينية لاختبار هذه النظرية. عمل طاقم الحديقة مع فيليب واتس «Phillip Watts» من جامعة ليفربول لإتمام التحليل الجيني للبيضات المنهارة.

قال بولي لمجلة لايف ساينس: «أكد اختبار الأبوة هذا أن كل المادة الجنينية في البيض أتت من فلورا، والتي كانت بالتأكيد أمًا وأبًا للبيض النامي».

 

البيض الممتاز:

شرح بولي قائلًا: «يُنَفِّذ الذكور والإناث كلاهما الانقسام الاختزالي، والذي تنقسم فيه الخلايا لتشكيل خلايا جنسية مستقلة: سواء كانت بويضة أو حيوان منوي. يُنْتِج الانقسام الاختزالي في الإناث أربع خلايا سابقة للبويضة، واحدة منهن تصبح البويضة بينما الثلاث الأخريات يعاد امتصاصها بشكل نموذجي إلى جسم الأنثى. بالنسبة لـفلورا؛ فإن واحدة من الخلايا الزائدة تصرّفت كما لو كانت بديلًا للحيوان المنوي وخصّبت البويضة».

قال بولي: »حَدَثُ (الوالد الواحد) يَنْتُجُ في ذرية لها نفس المواد الجينية التي تمتلكها الأم. إذًا فمولود فلورا التنين لن يكون نسخة منها، وذلك بسبب حدوث خلط جيني خلال إنتاج البويضة».

فمثلًا، ليست جميع النسخ من الجينات متطابقة ولكل جين تشكيل بديل. لو امتلك شخص ما أليل (وهو شكل بديل للجين) الشعر الأشقر فسيظهر كشخص أشقر، ولكن إن امتلك أليل الشعر الأشقر وأليل للشعر البني الغامق؛ فسيظهر كشخص ذو شعر بني. وعملية الخلط هذه ظهرت في صغار تنانين الكومودو.

علاقات عائلية:

مع القدرة على التكاثر بدون شريك ذكر؛ فهناك قدرة محتملة لإناث الكومودو لإيجاد مستعمرة جديدة كليًا بمفردهن.

قال بولي: «نظريًا، تستطيع أنثى تنين الكومودو في البرية أن تسبح إلى جزيرة جديدة وتضع بيضًا مخصبًا».

الجانب السلبي أن كل التنانين التي فقست والتي تنتج من هذا النوع من التكاثر العذري هم ذكور. شرح بولي قائلًا: «وهؤلاء سينمون للتزاوج مع أمهاتهم، ولذلك خلال جيل واحد قد يكون هناك مجموعة قادرة على التكاثر الطبيعي (غير العذري) على الجزيرة الجديدة».

وعلى المدى الطويل، فإن هذه الممارسة الشبيهة بعقدة أوديب يمكن أن تقود إلى مشاكل صحية متعلّقة بزواج الأقارب، حيث أن المستعمرة بأكملها ستمتلك نوعًا ما من ضآلة التنوّع الجيني.

للنتائج أيضًا آثار مترتبة على برامج “التربية في الأسْر” والتي ظهرت لضمان نجاة السحالي المهدّدة بالانقراض. حيث يعتقد أن أقل من 4000 تنين كومودو بقيت في البرية، تقيم على ثلاث جزر فحسب في إندونيسيا.

يتساءل العلماء إذا ما كان عزل الإناث والذكور قد يسبّب تبديل طريقة التكاثر من جنسية إلى لاجنسية، والذي قد يقود إلى قلّة التنوّع الجيني.


 

المصدر