قام علماء استراليون بتصميم بنية ثلاثية الأبعاد لرقاقة السيليكون، والتي تعتمد على مبدأ البتات الكمومية qubits للذرة الواحدة، الأمر الذي يتوافق مع تقنيات التصنيع على المستوى الذري، مما يوفّر مخططًا لبناء حاسوب كمومي بحجم كامل.

إن العلماء والمهندسين من مركز الشورى الأسترالي للبحوث المتقدمة في الحوسبة الكمومية وتكنولوجيا الاتصالات (CQC2T)، والتي مقرها في جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW)، هم روّاد العالم في السباق لتطوير حاسوب كمومي باستخدام السيليكون – وهي مادة معروفة جيدًا وتفضلها شركات الحوسبة والإلكترونيات الدقيقة.

وقد أوجدت فرق يقودها باحثون من جامعة UNSW استراتيجية تصنيع فريدة من نوعها من شأنها أن تمكّننا من طرح الأجهزة ذات المستوى الذري، كما أنهم طورو البتات الكمومية الأكثر كفاءة في العالم من السيليكون إما باستخدام الإلكترون أو باستخدام الدوران النووي لذرات الفوسفور الوحيدة. ويجدر بنا الذكر أن البتات الكمومية qubits هي المكونات الأساسية للبيانات في الحواسيب الكمومية.

واحدة من العقبات الاخيرة لزيادة حجم حاسوب كمومي عملي قابل للاستعمال هو المعمارية الحاسوبية. وهنا لا بد من معرفة كيفية التحكم الدقيق بعدة بتات كمومية في نفس الوقت على التوازي، عبر مصفوفة أو مجموعة من عدة آلاف من هذه البتات، وتصحيح الأخطاء الكمومية باستمرار في العمليات الحسابية.

والآن، فقد أدّى تعاون CQC2T، التي تضم باحثين نظريين وعمليين تجريبيين من جامعة ملبورن وجامعة UNSW، إلى تصميم جهاز كهذا. وفي دراسة نشرت يوم الجمعة الواقع في 30 أوكتوبر في مجلة ساينس أدفانسز Science Advances، يصف فريق CQC2T بنية جديدة للسيليكون، والتي تستخدم البتات الكمومية على المستوى الذري المصطفّة والمحاذية لخطوط تحكم، التي هي في الأساس أسلاك ضيقة رفيعة جدا، داخل تصميم ثلاثي الأبعاد.

وقالت البروفيسورة ميشيل سيمونز Michelle Simmons، الباحثة المشاركة في الدراسة والموجهة الإدارية في CQC2T: “لقد أثبتنا أننا يمكن أن نبني الأجهزة في السيليكون على المستوى الذري، وتم العمل على إيجاد بنية واسعة النطاق، حيث يمكننا تأدية بروتوكولات تصحيح الخطأ – مما تؤمّن نظام عملي ايمكن زيادة حجمه إلى أعداد أكبر من البتات الكمومية”.

وأضافت: “إن الشيء العظيم في هذا العمل، وهذه البنية المعمارية الحاسوبية، هو إعطاؤنا نقطة نهاية. ونحن نعرف الآن بالضبط ما يتعين علينا القيام به في السباق الدولي للوصول إلى هناك”.

في تصميم الفريق المفاهيمي، انتقلو من مجموعة او مصفوفة من البتات الكمومية qubits ذات البعد الواحد والمتمركزة على طول خط واحد، إلى مصفوفة ثنائية الأبعاد، متوضعة على مستوي يتمتع بتسماحية أكبر للأخطاء. وإن طبقة البتات الكمومية هذه محصورة في بنية ثلاثية الأبعاد، بين طبقتين من الأسلاك مرتبة في شبكة متجانسة.

ومن خلال تطبيق جهود كهربائية على مجموعة فرعية من هذه الأسلاك، فيمكننا التحكم بعدة بتات كمومية qubits في نفس الوقت وعلى التوازي، وبالتالي يتاح لنا القيام بسلسلة من العمليات باستخدام عدد أقل بكثير من المتحكمات. الأهم من ذلك، فمع تصميمها هذا، فإنها يمكن أن تؤدي بروتوكولات تصحيح الأخطاء لسطح الترميز ثنائي الأبعاد، ومن خلال هذه البروتوكولات فإن أية أخطاء حسابية قد تتسلل إلى عملية الحساب يمكن تصحيحها بزمن أسرع من زمن حدوثها.

وصرّح أستاذ جامعة ملبورن لويد هولينبرغ Lloyd Hollenberg، نائب مدير CQC2T الذي قاد العمل مع زميله الدكتور تشارلز هيل Charles Hill: “لقد وضع فريقنا الاسترالي أفضل بتات كمومية في السيليكون في العالم”. وأضاف: “ومع ذلك، لرفع حجم الجهاز إلى حاسوب كمومي عملي كامل نحتاج إلى أكثر من مجرد كثير من هذه البتات qubits، فنحن بحاجة إلى أن يكون بإمكاننا السيطرة عليها وترتيبها بحيث يمكننا تصحيح الأخطاء ميكا-كموميًا”. ميكا-كموميا هنا هي اختصار لمصطلح ميكانيك الكم quantum mechanics. وقال أيضًا: “في عملنا، طوّرنا مخططًا فريدًا من نوعه لنظامنا ذات البتات الكمومية في السيليكون، لبناء حاسوب كمومي بحجم كامل”.

في ورقتهم البحثية، يقترح الفريق استراتيجية لبناء الجهاز، والتي تستغل قدرة CQC2T الفريدة دوليًا في تصنيع الأجهزة على المستوى الذري. وقد نمذجو أيضًا الجهود الكهربائية المطلوب تطبيقها على أسلاك الشبكة، والمحتاج إليها من أجل معالجة أو مخاطبة البتات الكمومية الفردية، وبالتالي جعل المعالج يعمل.

وقال البروفيسور سفين روج Sven Rogge ، رئيس مدرسة الفيزياء في UNSW “إن هذه البنية تعطينا التعبئة الكثيفة وامكانية العمل على التوازي الضروريتان لزيادة حجم المعالج الكمومي”. وكما أضاف: “في نهاية المطاف، البنية قابلة التحجيم لملايين البتات الكمومية qubits، المطلوبة لصنع معالج كمومي بحجم كامل”.

 

ملحق حول مبادئ الحوسبة الكمومية:

في الحواسيب التقليدية، يتم معالجة البيانات كبتات ثنائية Binary Bits، والتي دائما لها واحدة من حالتين: 0 أو 1. وأما البت الكمومي فيمكن أن يتواجد في كل من هذه الحالتين في وقت واحد، وهي حالة تعرف باسم الموقع الفائق او الحالة الفائقة superposition. إن العملية على بت كمومي qubit تستغل هذه الغرابة الكمومية من خلال السماح بالعديد من العمليات الحسابية التي يتعين القيام بها بالتوازي وبنفس الوقت (نظام بتّان كموميان ينفذ العملية على 4 قيم، ونظام الثلاث بتات كمومية ينفذها على 8 قيم، وهلم جرا).

ونتيجة لذلك، فإن الحواسيب الكمومية تتجاوز بكثير من حيث القدرات الحواسيب الفائقة المعاصرة، وتقدم مزايا هائلة لمجموعة من المشاكل المعقدة، مثل التجوال بسرعة في قواعد البيانات الضخمة، ونمذجة الأسواق المالية، وتحسين عمل شبكات النقل المدنية الضخمة، ونمذجة الجزيئات البيولوجية المعقدة.


 

المصدر