برزت المدرسة الإنجليزية الكلاسيكية  للاقتصاد في أواخر القرن الثامن عشر مع آدم سميث (Adam Smith) وبلغت نضجها الفكري الكامل في أعمال دافيد ريكاردو (David Ricardo)  و جون ستيوارت ميل (John Stuart Mill).هيمنت نظريات التيار الكلاسيكي على الفكر الاقتصادي في بريطانيا العظمى إلى حدود عام 1870 وركزت على النمو والحرية الاقتصادية، مشجعة أفكار حرية المقاولة والتجارة ( le laissez-faire )  والمنافسة الحرة.

تم وضع عدد لا يستهان به من مفاهيم ومبادئ الاقتصاد الكلاسيكي (classical economics) في مؤلف سميث “تحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم ” ( ( An inquiry into the nature and Causes of the wealth of nations  (سنة 1776) والتي عارضت بشكل كبير النظرية الإتجارية ( بالإنجليزية mercantilism  وهو مذهب سياسي-اقتصادي ، يقيس قوة اقتصاد الأمم بكميات الذهب والفضة المتوفرة عليها)  السائدة منذ القرن السادس عشر. ناقش سميث  أن  المنافسة والمتاجرة الحرة المستقلة بشكل كامل عن أي  تدخل للدولة ستؤدي إلى تعزيز و تقوية ملحوظة للنمو الاقتصادي. فعندما يبحث كل فرد في المجتمع عن تحقيق مصالحه الخاصة في نظام مقاولة حر فإن النظام بأكمله سينتفع، فالفرد يحقق دون شك أرباحا من خلال إنتاج بضائع قابلة للشراء من طرف أشخاص آخرين.انطلاقا من نفس المبدأ ، ينفق الأفراد المال على البضائع المحتاجة أو المرغوبة .برهن سميث على أن الفوضى الناتجة عن التنافس في البيع و الشراء تتحول إلى نظام تعاون اقتصادي مرتب ،نظام قادر على الإجابة على احتياجات الأفراد وزيادة ثروتهم.كما لاحظ  أن هذا النظام التعاوني يحدث عبر منهج الخيار الفردي بدل الإدارة المركزية.

من خلال تحليل آليات المقاولة الحرة ، أدخل سميث أوليات نظرية قيمة و توزيع العمل. توسع ريكاردو ( (David Ricardo في كلتا الفكرتين في كتابه “مبادئ في السياسة الإقتصادية و الضريبة “(Principles of Political Economy and Taxation )  سنة 1817. في نظريته “قيمة العمل ”  أكد ريكاردو  على أن قيمة البضاعة المنتجة والمباعة تحت ظروف تنافسية ( أي  في اقتصاد حر ) تميل للتناسب مع كلفة العمل اللازمة لإنتاجها. رغم ذلك ، اعترف ريكاردو باعتماد الأسعار على عنصري العرض والطلب خلال فترات زمنية قصيرة. أصبحت هذه الفكرة أساسية بالنسبة للتيار الكلاسيكي ،كذلك تعلق الأمر بنظرية التوزيع لريكاردو، و التي قسمت الناتج الوطني إلى ثلاث طبقات اجتماعية : الأجور بالنسبة للعمال ، الأرباح لمالكي رأس المال ( وسائل الإنتاج) و الإيجار بالنسبة لمالكي الأرض، آخذا النمو المحدود الكامن في أي اقتصاد وطني كمسلّمة ، استنتج ريكاردو أن بإمكان طبقة اجتماعية معينة الحصول على نسبة أكبر من الناتج الوطني على حساب الطبقات الأخرى.

 جدد العالم ميل (Mill)  كل هذه النظريات الريكاردية في كتابه ‘مبادئ في السياسة الاقتصادية ‘ Principals of Political)  (Economy سنة 1848 . بحث ميل أدى إلى وصول الأفكار الاقتصادية الكلاسيكية إلى أوجها حيث استطاع ربط المفاهيم الاقتصادية المجردة بظروف اجتماعية واقعية وبهذا منحت سلطة علمية جديدة  إلى المفاهيم الاقتصادية.

جذبت تعاليم الاقتصاديين الكلاسيكيين الكثير من الانتباه في منتصف القرن 19 .على سبيل المثال ، تبنى ‘كارل ماركس ‘ (Karl (Marx  نظرية قيمة العمل  والذي درس كل  نتائجها المنطقية و دمجها بنظرية  فائض القيمة ( (surplus theory المؤسسة على افتراض أن العمل البشري يخلق كل القيمة ( عندما يتعلق الأمر بالإنتاج) وبالتالي فهو المصدر الوحيد للأرباح.

 كان لأفكار الاقتصاد الكلاسيكي تأثير كبير على  تيار المبادلة الحرة (  (free-Trade،خاصة  مبدأ ريكاردو ” أفضلية المقارنة ” (comparative advantage ) والذي  يقول أنه يجب على كل  أمة ( دولة ) التخصص  في البضائع الأكثر فعالية من حيث الإنتاج، و استيراد كل شيء آخر.بشكل أبسط ، فإن الفكرة تقترح أنه إذا ما اعتمدت الأمم بشكل كامل  على ميزة  التوزيع المحلي للعمل (التخصص في إنتاج بضائع ذات تكلفة بسيطة من ناحية الإنتاج مقارنة ببضائع أخرى ) ، فإن الناتج العالمي سيكون بشكل ثابت أكبر مما هو عليه إذا ما حاولت الأمم  الحصول على الاكتفاء الذاتي انطلاقا من إنتاجها الخاص.

هذه الفكرة ، أدت لجعل نظرية أفضلية المقارنة لريكاردو الحجر الأساس لنظرية التبادل الدولي (international trade) في القرن التاسع عشر.