قام فريق من الباحثين بتطوير موجّه مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، يعتبر الأول من نوعه حيث أنه يساعد على إعادة الوظائف الحسيّة والحركيّة للأعصاب المعقّدة بعد إصابتها.

ويمكن لهذا البحث الرائد مساعدة أكثر من 200,000 شخص سنويًّا ممن يعانون من الإصابات أو الأمراض في الأعصاب. فوفقاً لعيادة مايو (Mayo Clinic)، إن عملية تجديد الأعصاب هي عملية معقّدة، وبسبب ذلك التعقيد فإن إعادة نموّها بعد حدوث إصابة أو مرض أمرٌ نادرٌ جدًا، حيث غالباً ما تكون الإصابات العصبية دائمة، ولكن تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد المتقدمة قد تكون الحلّ لتلك المشكلة.

في هذه الدراسة الجديدة، التي نُشرت في صحيفة (Advanced Functional Materials)، استخدم الباحثون دمجًا بين تقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لتشكيل موجّه من السيليكون مع بعض المؤشرات الكيميائية الحيوية لمساعدة نمو الأعصاب من جديد، وتم اختبار فعالية ذلك الموجّه على الفئران في المختبر.

للوصول إلى النتائج المرجوّة، استخدم الباحثون ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد لنسخ طريقة بناء العصب الوركيّ للفأر. من ثم قاموا ببناء الموجّه بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، مدمجًا معه مؤشرات كيميائية مطبوعة طباعة ثلاثية الأبعاد مهمتها تعزيز تجديد الأعصاب الحسيّة والحركيّة. بعدها تمت زراعة الموجّه داخل الفأر عن طريق ربطه جراحياً إلى النهايات المقطوعة للعصب. وفي خلال فترة تراوحت بين 10 – 12 أسبوع، تحسّنت قدرة الفأر على السير مجددًا.

وبحسب تصريح قائد فريق الدراسة، بروفيسور الهندسة الميكانيكية من جامعة مينيسوتا مايكل ماك ألبين (Michael McAlpine ): “يمثل ذلك دليلًا مهمًا على إمكانية طباعة موجّهات الأعصاب بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتجديد الأعصاب المصابة، كما نأمل يومًا ما أن نحصل على ماسح وطابعة ثلاثية الأبعاد في المستشفى لتكوين تلك الموجّهات فورًا حينما نحتاج إليها لإعادة وظائف الأعصاب.”

تستغرق عمليتا المسح والطباعة ساعة تقريبًا، لكن يحتاج الجسم إلى أسابيع عديدة لإعادة نمو الأعصاب. ويوضح ماك ألبين أن الدراسات السابقة أظهرت فقط إمكانية إعادة نمو الأعصاب الخطّيّة، لكن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تتوصل إلى تكوين موجّه لإعادة نموّ عصبٍ معقّد كالعصب الوركي الذي يأخذ شكل حرف (Y) والذي يمتلك فروعًا حسيّة وحركيّة.

وأضاف: “إن الخطوة القادمة تتمثّل في زراعة تلك الموجّهات في البشر بدلًا من الفئران، وفي حالات عدم القدرة على مسح العصب، فقد يكون هناك يومًا ما مكتبة لأعصابٍ تم مسحها مسبقًا من أناسٍ آخرين أو من الجثث والتي يمكن للمستشفيات الاستفادة منها لتكوين الموجّهات للمرضى.”

هذا البحث يعتبر واعداً للغاية وقد جاء نتيجة جهود فريق من الباحثين من جامعات مختلفة، حيث من أهم المساهمين فيه إضافةً لماك ألبين: بليك جونسون (Blake N. Johnson) من جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا، شياو فنغ جيا (Xiaofeng Jia) من جامعتي ماريلاند وجونز هوبكنز، كارين لانكستر (Karen Z. Lancaster) و استيبان إنجل (Esteban Engel)، ولين إينكيست (Lynn W. Enquist) من جامعة برينستون.

وقد تم تمويل البحث من قبل: المعاهد الوطنية للصحة، وكالة مشاريع أبحاث الوقاية المتقدمة (DARPA)، صندوق أبحاث الخلايا الجذعية في ولاية ماريلاند (Maryland Stem Cell Research Fund)، وبرنامج التحديات الكبرى (Grand Challenges Program) التابع لجامعة برينستون.


المصدر 

إعداد: وليد عادل العبد