طور باحثون في الولايات المتحدة الأمريكية جهازًا جديدًا يستطيع أن يعيد القلوب الميتة إلى الحياة مجدّدا، وحتى بعد توقفّها عن النبض في جسد صاحبها، إنّها لأخبار سارّة لأولئك الذين يحتاجون لعملية زراعة قلب. ولكن هذا سيطرح أمامنا سؤالًا أخلاقيا: كيف لنا أن نُعلِم الشخص الميت أنّ قلبه سيدقّ من جديد داخل جسد إنسان آخر.

الآن، إن كنت بحاجة إلى عملية زراعة قلب فعليك انتظار موافقة عائلة مريض بحالة إنباتية (الحالة الإنباتية أو الخضرية Vegetative State (VT) هي اضطراب في الوعي نتيجة ضرر في الدماغ تختلف عن الغيبوبة  comaبمرور المريض بحالات اليقظة والنوم والتعبير عن المشاعر والإحساس والكلام غير المفهوم والصراخ) لأن عملية زراعة قلب من شخص متوفّي تعتبر خطيرة، يتم تبريد القلب داخل جسد المريض وهو حي ثمّ يوقَف عن النبض بلطف ثم يتم إخراجه ووضعه في وعاء بدرجة حرارة 4 درجة مئوية.

تبريد القلب سوف يؤثّر على النشاط الأيضي (الاستقلابي) للقلب فينخفض معدّل الاستقلاب بمقدار 90 بالمئة، وهذا يمنح الأطباء الوقت الكافي لزراعة القلب في جسد شخص آخر وليبدأ القلب بالنبض قبل أن ينفذ من الأوكسجين. يتم تجهيز أكثر من 180 قلبًا باستخدام هذه التقنية لتصبح متاحة للزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام، وهذا الرقم غير كافٍ لتلبية الحاجة، حيث تجري 2400 عملية زراعة قلب في الولايات المتحدة سنويًّا، وهذا الرقم بقي ثابتًا ولم يتغير على مدى عشرين عامًا.

لكن الجهاز الجديد الذي تمّ تطويره من قبل شركة ترانس ميديكا يعمل على الحفاظ على القلوب المأخوذة دافئة وليست باردة؛ ينقل القلب إلى غرفة معقمة ويثبّت على عربة ذات عجلات في داخلها شبكة أنابيب موصولة إلى القلب لتحافظ على إمداده بشكل ثابت بالدم والأوكسجين والمغذيات، الفريق الذي أنجز التصميم يقول بأنه سيطيل المدة التي يمكن فيها للقلب أن يبقى وظيفيًّا خارج الجسد .

وبتلخيص لما سبق ،عملية زراعة القلب كانت تتم بنقل القلب بشكل مباشر وخلال مدة زمنية قصيرة جدّا من المتبِرع إلى المتبرَع إليه والجهاز الجديد يطيل من هذه المدة من خلال وضع القلب في مكان مناسب يجعله يستمر في القيام بوظيفته لمدة أطول من الزمن.

ويقول عباس أرديهالي رئيس برنامج زراعة القلب والرئة في جامعة كاليفورنيا لوس أنجيلوس : «لم يتم حفظ عضو بشري خارج جسد إنسان أبدًا حتى جاء هذا الجهاز مضيفًا هذه الحقيقة السريرية، وقد يكون المنطق البديهي لدى أي شخص عادي (غير مختص ) يقول :”بدلًا من وضع قلبي في مكان متجمِّد، فلتضعوه في مكان دافئ وحافظوا عليه نابضًا” وهذا ما يقدِّمه الجهاز فعلًا».

ولكن ماذا عن الجانب السلبي؟ حسنًا بصرف النظر عن الثمن الذي يبلغ 250000 دولار أمريكي، فإن هذا النوع من العمليات يطرح تساؤلات كثيرة، ومنها: كيف لي أن أحدّد متى يعتبر الشخص الميت ميّتًا إذا كان من الممكن أخذ القلب ووضعه في الجهاز وإعادة تشغيله وزراعته من جديد في جسد مالكه الأصلي؟ وهل يعتبر توقّف قلب المريض مرة واحدة كافيًّا لاعتباره ميّتًا، طبعًا يجب أن يعلم الأهل بكل ذلك ولهم القرار حينها.

يقول الاختصاصي في علم الأخلاقيات الطبية روبرت تروغ Robert Truog: «هؤلاء الأشخاص قد ماتوا مرّة واحدة ومن الجائز والمسموح به أن نأخذ أعضاءهم، ولكن السؤال إذا ما كانوا يتألمون، وأودّ أن أؤكد أنهم لا يتألمون».

من المؤكد بأنّه سؤال مثير للاهتمام، وبالتأكيد سوف نستمر في مواجهة هذا السؤال إذا تقدّمت تقنية إحياء وحفظ الأعضاء وأصبحت أكثر تطورًا، وربما صفوف الفلسفة للطلاب الجامعيين سوف تناقش هذا السؤال يومًا ما.


 

المصدر