زينون الإيلي فيلسوف يوناني ولد عام 490 ق.م في بلدة إيليا، وانتقل إلى أثينا حي التقى بسقراط الذي كان لا يزال صغيراً، وعرض عليه كتابه الذي طرح به أشهر مفارقاته، والتي أرّقت علماء الرياضيات والفيزياء والفلاسفة وأفضت إلى إعادة البحث مراراً وتكراراً حول مفهوم الحركة والزمان والمكان واللانهاية عبر تاريخ العلم والفلسفة وحتى يومنا هذا.

كان زينون يقصد من وراء تلك المفارقات الدفاع عن فرضية بارمنيدس والتي كانت تقول أن الحركة مستحيلة منطقياً، ولكن بحجج أقوى من التي قدمها بارمنيدس، فما هي تلك المفارقات التي قدمها زينون؟

مفارقة آخيل والسباق

لنفترض أن آخيل متسابق يوناني اراد الاشتراك في سباق أثينا، وعلى فرض أن الحركة ممكنة، فكي يصل آخيل الى نهاية السباق لا بد له أن يقطع نصف المسافة، ولكي يقطع نصف المسافة لا بد أن يقطع ربعها، ولكي يقطع ربعها لابد أن يقطع ثمنها وهكذا سيصل آخيل إلى نتيجة مفادها أنه ليس بإمكانه أن يقطع أي مسافة بل إنه لا يمكنه أن يتحرك من مكانه أبداً، لأن تجزئة المسافة لامتناهي، والحركة ما هي سوى قطع المسافة والانتقال من نقطة إلى أخرى.

مفارقة السهم

لنفترض أن هناك سهماً طوله نصف متر انطلق من موضعه، ولكن انطلاقه يعني انه يتحرك في كل، آن من الزمان إلى موضع جديد يشغل به حيّزاً قدره نصف متر، وإذا قمنا برصده سنجده ثابتاً لا يتحرك ودائم السكون يشغل حيّزاً ثابتاً مقداره نصف متر، وبالتالي فأين الحركة المزعومة التي تتحدث عن أن السهم متحرك أو في حالة حركة؟

يتساءل زينون ..

مفارقة الخيول المتحركه

لنفترض أن خيولاً تتحرك نحو الغرب واخرى بمحاذاتها نحو الشرق، فكل صف من هذه الخيول يتحرك حركة مضاعفة بالنسبة للآخر، أو بسرعة مضاعفة كما يراه الآخر، وبالتالي نحن بحاجة إلى نقطة ثابتة ثباتاً كلياً بذاتها كي نقيس عليها حركة الأجسام الأخرى وإلّا فلا مجال للقول بالحركة طالما أن الحركة التي نتحدث عنها ما هي سوى أمر نسبي عارض ومتغيّر.

أثارت هذه المفارقات منذ تحدث عنها زينون وحتى عصرنا الحاضر الكثير من المشكلات وخاصة في القرن التاسع عشر عند نيوتن ولايبنتز حين وضعا عمليات حساب التفاضل والتكامل والنهايات الصغرية بينما اكتفى بعض العلماء بالقول باستحالة الوصول للنهايات بالنسبة للزمان والمكان والحركة وإنما أقصى ما يمكننا هو الاقتراب أكثر فأكثر، وبالطبع لا يمكننا الجزم بذلك، ولكن هذا ما هو عليه الحال بالنسبة للرياضيات والفيزياء والفلسفة حتى الآن، وإن شئت التأكد من ذلك ما عليك سوى البحث عن عدد حقيقي كامل وتام ومتناه يعبر بدقة عن قيمة ثلث الواحد.

أي حاصل قسمة العدد 1 على ثلاثة.


  • إعداد: زاهر رفاعية
  • تحرير: طارق الشعر
  • مصادر البحث: انتوني جوتليب، حلم العقل، ترجمة محمد طلبة نصّار، دار هنداوي، مصر، 2014، ص91 – 98