يرى فيلسوف العلم كارل بوبر أن النظرية تكون علمية بمقدار قابلتيها للدحض، أو التفنيد، أو التكذيب.

ومعنى ذلك أنه وعلى خلاف النظرة الكلاسيكية لمفهوم النظرية العلمية والذي كانت تقول أن الهدف هو وضع الفرضية ومحاولة اثباتها، أراد بوبر القول أن النظرية لكي تكون علمية يجب أن تكون قائمة على إمكانية إيجاد ما يدحضها ويكذّبها، ولكنها تبقى صحيحة طالما لم يوجد هذا التفنيد.

بالتالي فالمأخذ الذي يأخذه البعض على النظرية العلمية أنه قد يوجد ما يجعلها خاطئة هو بالتحديد ما يجعلها علميّة وصحيحة، لأن البحث عما يفندها هو ما يجعلها صحيحة غير مدحوضة بعد.

وبالتالي: فالذي يمكن أن يدحض نظرية التطور في تفسير العالم الحي يجب أن يكون معطى مغاير لما تفترضه النظرية، معطى وليس افتراض وجود معطى، لأن افتراض وجود المعطى والبحث عنه من أجل تفنيد النظرية كما قلنا هو بالضبط ما يجعل النظرية علمية وهو ما يجعلها صحيحة حتى الآن.

يقول كارل بوبر: وجود بجعة سوداء واحدة تنقض الفرضية القائلة أن كل البجع أبيض، وبالفعل حين اكتشف البشر بجع أسود في قارة استراليا سقطت الفرضية، ولكن بالطبع ليس الافتراض أو الاحتمال السابق لوجود بجع أسود هو الذي كان كفيلاً بنقض الفرضية وتفنيدها.

بل المعطى الحقيقي المخالف للفرضية هو الذي جعلها خاطئة.

الخلاصة: طالما كانت المعطيات الجديدة تؤيد النظرية القائمة ستبقى قائمة وستبقى علمية حتى يظهر المعطى الذي يخالف تلك النظرية، وذلك في رحلة البحث عما يفنّد النظرية لا عمّا يثبتها.


للمزيد:

راجع كتاب كارل بوبر: بؤس الآيديولوجيا، ترجمة عبد الحميد صبرة.

وكتاب منطق الكشف العلمي لكارل بوبر: ترجمة ماهر عبد القادر محمد علي، دار النهضة العربية، بيروت.


اعداد: زاهر رفاعية

تحرير: طارق الشعر