ما الذي يمكن أن يحدث لو أكلت أكثر أنواع الفلفل حرارة؟!

إن أقوى، و ربما ألذ، التأثيرات التي ترافق تناول الطعام الحار يحدث بفضل مادة كيميائية موجودة في الفلفل الحار: الكابسيسين (Capsaicin).

الانزعاج الناتج عن أكل مادة الكابسيسين يساعد في ردع الاستهلاك المفرط لها، ولكن مع أولئك الذين يستطيعون تحمل كلاً من الألم الجسدي و العقلي، تتراوح العواقب بين كونها غير سارة انتهاءً باعتبارها قاتلة ببساطة.

الأهمية البيولوجية للطعام الحار

بالرغم من الألم المصاحب لتناول الطعام الحار، يعتقد الباحثون أن تلك اللذعة التي تعطي الأطباق خصوصية يصعب وصفها يمكن أنها ساعدت في ضمان استمرار بعض الثقافات.

و بالتجوال حول العالم، يمكننا ملاحظة أن البلاد ذات المناخ الأدفأ تقدم أطباقاً لاذعة أكثر، حيث وجد الباحثون في جامعة كورنيل (Cornell) أن ذلك ليس من قبيل المصادفة.

الحرارة تتسبب بفساد الطعام، و قبل استخدام التبريد الكهربائي كان لذلك مخاطر صحية خطيرة في المناخات الحارة. و في دراساتهم عام ١٩٩٨، وجد الفريق أن العديد من التوابل التي تعطي الطعام لذعته لها دور أيضاً في حمايته من نمو البكتيريا و الفطريات.

لقد أدى الكابسيسين بالتحديد إلى قتل أو تثبيط ما يصل إلى ٧٥٪ من البكتيريا في الطعام، وفقاً لبيان صحفي.

مالذي سيحدث إذا أكلت أحرّ نوع من الفلفل في العالم؟

بالرغم من استخدام الفلفل في كثير من الأطباق حول العالم، فإن للكابسيسين تأثير عصبي و يمكن لنسب مرتفعة بشكل كافٍ منه أن تسبب نوبات، سكتات قلبية و ربما الموت.

النوع الأحرّ من الفلفل في العالم هو فلفل بوت جولوكيا (Bhut Jolokia chili pepper) و المشهور أيضاً بالفلفل الشبح.

وتبعاً لما قاله الدكتور باول بوسلاند (Paul Bosland)، مكتشف هذا الفلفل، فإن كمية كافية منه خلال فترة قصيرة ستؤدي حتماً إلى الموت

وقد أفضت دراسة بحثية عام ١٩٨٠ إلى أن تناول ٣ باوند (١,٣ كغ) من مسحوق الفلفل الشديد اللذعة متل الفلفل الشبح يمكن أن يقتل شخصاً يزن ١٥٠ باوند (٦٨ كغ).

يقول بوسلاند لموقع ليف ساينس ( live Sceince) “ولكن الجسم سوف يتفاعل بسرعة مع الموقف كي يمنع حدوث ذلك”.

ليس من الضرورة أكل الفلفل الشبح للشعور بتأثير الكابسيسين. “روري بارات” صحفي خاص يعمل في المملكة المتحدة، تعرف بشكل مباشر على آثار تناول الكثير من الكابسيسين بعد التهامه برغر مشبع بصلصة فلفل بيري بيري الحار من الهند أدى إلى نقله إلى المشفى.

وحسب تجربة “بارات”، فإنه قد شعر بألم موجع في فمه بعد لحظات من قضمته الأولى للبرغر، و قد ازداد الوضع سوءاً بمرور الوقت.

“حالما وصل ما ابتلعته إلى معدتي أو ما يقارب ذلك، بدأت قدماي بالاهتزاز ويداي بالتشنج، اعتقد أني كنت ألهث”.

كتب بارات في بريده إلى “ميديكال دايلي” (Medical Daily). “كانت عيناي تدوران في مؤخرة جمجمتي، كنت شاحباً جداً، وكان من الصعب أن أتكلم حينها”.

استمرت تجربة بارات مقدار ثلاث ساعات، و مع أنها لم تفضي إلى أي ضرر دائم، فقد اهتز اعتداده بتناول الطعام الحار.

الفم، الأنف و العينين

بالرغم من أنك قد تظن بأن طعم الكاري الأخضر التايلندي لذيذ، بيد أن جسمك يعتبر الكابسيسين مادة هجومية بحاجة إلى التخلص منها فوراً.

وبحسب موقع سلايت (Slate)، فإنه يسبب تفاعل الغدد المخاطية لاستدراك الوضع. وتكون النتيجة بسيلان أنفي و زيادة اللعاب في الفم.

الدماغ

وعلى الفور تقريباً حال ما تتناول القضمة الأولى من طبق حار، سينتابك شعور بالحرارة، بالرغم من أن حرارتك في الواقع لم ترتفع.

السبب وراء هذا الشعور الكاذب بالحرارة هو قدرة الكابسيسين على التأثير على مستقبلات الألم المعروفة باسم (TRPV1)، التي لا تتفاعل عادة إلا بوجود الحرارة. وما أن يتم تنشيط المستقبلات الحساسة للحرارة، ترسل الأعصاب رسائل إلى دماغك تجعلك تشعر كما لو كنت قريباً من مصدر للحرارة، بالرغم من عدم وجود أي تغيير في درجات الحرارة الفعلية، بحسب “سلايت”.

ما أن تتفاعل مستقبلات الألم الحساسة للحرارة، يعتقد الدماغ بأن حرارتك ارتفعت و سوف يعمل للحؤول دون ذلك. في هذه الحالة، سوف يقوم الجسم بواحدة من أفضل الدفاعات ضد ارتفاع الحرارة: التعرق.

وهذا ما ذكرته ساينتيفيك أميريكان (Scientific American) بأنه السبب في تعرق الأشخاص بشكل أكبر عند تناول الطعام الحار. كما أن تفعيل (TRPV1) يسبب تمدد الشعيرات الدموية، و بالتالي السماح للحرارة بالوصول إلى سطح الجسم فتشعر بوهجها أكثر. هذا ما يسبب احمراراً في الوجه و اليدين عند تناول الطعام الحار.

بالنسبة للكثيرين، و خاصة أولئك غير المعتادين على تناول الطعام الحار، فإن الكثير من الكابسيسين في الوجبة ممكن أن يسبب اضطرابات هضمية. فالكابسيسين يحرض الأمعاء على زيادة إنتاج المواد المخاطية، كما في العينين و الفم و الأنف.

كما يحرض الكابسيسين الأمعاء للقيام بتقلصات أقوى، كل هذا في محاولة للتخلص من المادة الهجومية بأسرع وقت ممكن. و بما أن هذه التقنية عادة ما تنجز المهمة بنجاح، فإنها قد تسبب أحياناً آثاراً مزعجة كالإسهال و القيء.


اعداد: ريم ابو شعر