لا تلتزم الحيوانات دائمًا بقوائم الطعام التقليدية، وبالتأكيد لا تقرأ قائمة وجباتها الغذائية المدرجة في الكتب.

تفاجأ العلماء عندما بدأت حديثًا آكلة اللحوم المشهورة “أسماك القرش” باختيار أن تكون نباتية.

كما عرفنا لبعض الوقت بأن قرش البونيثيد- Bonnethead Sharks يلتهم كميات كبيرة من أعشاب البحر، كان يُعتقد أن هذه الأعشاب تجد طريقها إلى فم القرش مصادفة حينما يصطاد سرطانات البحر.

مع ذلك فقد كشف البحث الجديد أن قرش البونيثيد في الحقيقة يستهلك ويهضم الأعشاب البحرية -وهو أول قرش من آكلات اللحوم المعروفة-.

هذا الاكتشاف عن أسماك القرش ليس مجرد حقيقة مثيرة للاهتمام، بل أنه اعتراف مهم لاحتياج البيئات إلى حماية لأسباب ربما لم نأخذها بعين الاعتبار.

من قال إنه لا يوجد أمثلة أخرى لأصناف تتفاعل مع بيئتها بطرق غير متوقعة؟

فهم العالم الطبيعي هو شيء بعيد المنال، وبينما لا تتماشى الاكتشافات العلمية الحديثة مع معدل الدمار البيئي فهي تستمر في الظهور. يبدو أنه لدى الطبيعة عادةً بمفاجأتنا، أو ربما نحن فقط ننسى أن الحيوانات لا تقرأ الكتب التي نكتبها عنها.

في مجال علم التغذية البيئية وحده، هناك عدة أمثلة لحيوانات تكسر القواعد التي وضعناها لها. فإذا كان القرش النباتي صدمة، ماذا عن تحول ما يُفترض أنه نباتي إلى آكل لحوم؟

قد تبدو الأرانب التي تأكل الجثث وأفراس النهر التي تأكل بعضها البعض شيئًا مُستخرجًا من أفلام الرعب، إلّا إنها ليست محدودة لخيال كُتّاب السيناريو.

الروابط المثيرة للسلسلة الغذائية:

لنأخذ حالة فرس النهر أولًا، تم وصف هذه الحيوانات الأفريقية البارزة في أغلب الكتب التدريسية بأنها آكلة أعشاب تمامًا، والتي تستخدم أنيابها الكبيرة وأسنانها لإبراز نفسها وللمعارك الإقليمية.

مع ذلك، فقد شُوهدت هذه الحيوانات النباتية البدينة تأكل جثث الحيوانات، من ضمنها جثث أفراس نهر أُخرى.

لم يُعزَ هذا السلوك إلى ملاحظة واحدة ويعتقد العلماء أنه سيساعد على نشر الأمراض مثل الجمرة الخبيثة-anthrax على نطاق واسع خلال تجمعات أفراس النهر.

أمّا بالنسبة للأرانب الفاتنة الرقيقة، حتى هذه سوف تختار اللحوم على النباتات في بعض الظروف.

في حديقة حيوان مختلطة الأصناف، عُرضت الفئران والدجاج كفريسة لصقور مأسورة، لكنها في الواقع استُهلِكت من قبل الأرانب التي تشاركها نفس المكان.

تكثر الأمثلة المُخيفة عن آكلات الأعشاب السابقة؛ فقد تم الإبلاغ في نهاية الثمانينيات عن سوء سلوك الأغنام والماعز، إذ شوهدت وهي تأكل الأرجل والأجنحة وتقطع رؤوس الفروخ الصغيرة.

قبل بضعة أشهر فقط، تسببت لقطات مروعة لهجوم أغنام على أعشاش طائر الكروان المائي ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة.

ولكن في نيوزيلاندا، قُلبت الأدوار فقد أصبحت الأغنام هي الضحية.

محبوب نيوزيلاندا مهرج الجبل، طائر الكيا، ببغاء محلي يُحِبُّ تذوق الجروح المفتوحة على الماشية، وقد يُرى في بعض الأحيان ينتف اللحم من الحيوانات حينما يقف على ظهورها.

في عام 1895، كان موضوع عادات التغذية للأصناف يثير الاهتمام العلمي.

مع ذلك، كان من مصلحة المزارعين تكوين حملة لإبادة هذه الطيور المتعطشة للدماء والتي أثارت الكثير من القلق.

قد لا تزال هيئة المحلفين غير مستقرة بما يتعلق بطيور الكيا إذا كانت مهرجة أو قاتلة، لكن الذي يظهر بصورة دقيقة هو أنها انتهازية جدًا وقابلة للتكيّف ولا تلتزم بأي قواعد قد نضعها لها.

نظرة جديدة على خيارات الطعام:

تجبرنا هذه الأمثلة على إعادة التفكير في أن مفهوم عادات التغذية انعكاس بسيط لتشريح القناة الهضمية. قد يعتمد سلوك التغذية على توفر الفرص أكثر من الاستعداد الفيسيولوجي.

لا تمتلك الأرانب، وأفراس النهر وطيور الكيا تشريحًا يجعلها جيدة في اصطياد الفريسة، ولكن هذا لا يعني أنها لا تستطيع أن تستفيد من لحم الحيوانات إذا ما أُتيحت لها الفرصة.

وأيضًا، قد لا تكون كل الحيوانات آكلة اللحوم جائعة للحوم كما كنا نعتقد في السابق.

يجب على الحيوانات حُرّة المعيشة أن تستفيد من أكثر الفرص المُقدمة في بيئتها، وإن كان هذا يعني التهام رفيق قد مات للتو، أو اتخاذ نهج المرونة في النظام الغذائي، وهذا ما سوف تفعله.

بعد كل شيء فإن الحيوانات آكلة اللحوم وآكلة الأعشاب ليست سوى أطراف لنهايات السلم، والبشر هم فقط الذين يميلون للتفكير في النقاط على هذا النطاق باعتبارها ثابتة.

لذلك، حتى تتعلم الحيوانات كتابة الكتب الخاصة بها، يجب أن نكون مستعدين لما هو غير متوقع، ولا نأخذ أي شيء من القائمة عندما يتعلق الأمر بفهم عالم الطبيعة.


  • ترجمة: زينب عباس
  • تدقيق: براءة ذويب
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر