لقد وصل العالَم الآن إلى مفترق طرق، إمّا أن نحصل على كوكب بدرجة حرارة أعلى بدرجتين مئويتين عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، أو أعلى بمقدار 1.5 درجة مئوية.

لكن ما الفرق الذي ستُحدثه نصف درجة مئوية؟

من الواضح أنها تُحدث الكثير!

هذه هي إحدى النتائج الرئيسية لتقرير جديد ومهمّ أعدّته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ(IPCC)، وهي منظمة تابعة لهيئة الأمم المتحدة هدفها تقييم الأبحاث التي تخصّ تغيّر المناخ.

وافَق قادة دول العالم في اتفاق المناخ في باريس عام 2015 على تحديد مجال مسموح لارتفاع درجة حرارة الأرض بأنْ لا ترتفع أكثر من درجتين مئويتين عن مستوياتها قبل الصناعة. وتبقى الآمال في الحد من هذا الارتفاع ضمن حدود 1.5 درجة مئوية فقط.

إذْ يقول العلم بوضوح أنّ حدود الـ 2 درجة مئوية ليست جيدة بما فيه الكفاية.

ستُصبح الأرض عند ارتفاع 2 درجة مئوية كوكبًا خاليًا من الشعاب المرجانية.

إذْ تضررت الشعاب المرجانية بالفعل من الارتفاع الحالي في درجات الحرارة العالمية، والتي ارتفعت بمقدار درجة مئوية واحدة خلال الـ 150 سنة الماضية.

وحتى لو قام العالم بتحديد ارتفاع الحرارة ضمن 1.5 درجة مئوية فسيكون وضع الشعاب المرجانية سيّئًا جدًّا، إذْ يمكننا توقع خسارة إضافية بنسبة 70% إلى 90% من الغطاء المرجاني.

وبالنسبة لارتفاع درجتين مئويتين فمن المؤكد موت أكثر من 99٪ من الشعاب المرجانية حول العالم.

نتوقع أن يشمل التأثير السلبي الناتج عن زيادة 1.5 درجة مئوية نحو 6% من الحشرات، و8% من النباتات، و4% من الفقاريات وذلك بسبب تقلّص نطاقها الجغرافي الطبيعي.

أمّا تأثير زيادة 2 درجة مئوية فإنّه سيشمل 18% من الحشرات، و16% من النباتات و8% من الفقاريات.

يتعرّض البشر للخطر جنبًا إلى جنب مع النُّظم البيئية والتنوع البيولوجي على كوكب الأرض.

وبالمقارنة بين ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين ومقدار 1.5 درجة مئوية، فإنّ ارتفاع 2 درجة تُعرّض مئات ملايين الأشخاص للفقر بسبب تغير المناخ.

وبارتفاع 1.5 درجة مئوية سيكون ما بين 24 مليون و357 مليون شخص في خطر الفقر المدقع.

فقط بزيادة 0.5 درجة مئوية سنتسبّب بوصول ما بين 86 مليون و 1229 مليون شخص إلى هذه الحالة.

وسينجم الكثير من المخاطر بسبب تغير نمط الطقس مثل الزيادة في مخاطر الجفاف وموجات الحرارة.

بحدود الـ 2 درجة مئوية من الارتفاع يمكن أن يتعرض 37% من سكان العالم لموجات حَرّ شديدة مقارنة بنسبة 14% عند ارتفاع 1.5 درجة مئوية.

كما سيصبح الأمن الغذائي مشكلة كبيرة مع زيادة عدد الأشخاص الذين سيعانون من انخفاض إنتاجية المحاصيل بمقدار 10 أضعاف عند ارتفاع درجة الحرارة 2 بمقدار درجة مئوية مقارنة مع ارتفاع 1.5 درجة مئوية.

إنها بالتأكيد صورة مُحبِطة لكننا لم نفقد الأمل بعد.

وقد أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريرًا يقول أنّه من الممكن تحقيق استقرار مناخي بارتفاع 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2100، وعلينا بالرغم من ذلك أنْ نُغيّر الطريقة التي نفكر ونعمل وننظّم أنفسنا بها.

قالت كايزا كوسونين كبيرة المستشارين في مشروع السلام الأخضر(Greenpeace): «هذا التقرير سيجعلنا نواجه الحقائق كما لم نفعل من قبل، لأنّ الآثار قد حصلت بالفعل.

وسنكون مُجبَرين على النظر في الخيارات المتاحة لنا».

وأضافت: «السؤال الآن هو ما الذي سنفعله؟ وهذا يشملنا جميعًا، فإذا كنتَ تنتظر أن يقوم شخص آخر بالحل نيابةً عنك، فلا تعتمد على ذلك بعد الآن.

يجب أن تكون جزءًا من الحل لأنّ ما نحن مقبلون عليه أصبح الآن واضحًا».


  • ترجمة: حبيب بدران.
  • تدقيق: سهى يازجي.
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر