إذا كنت من الأشخاص الذين يبتعدون عن محادثةٍ ما أو تشعر بالارتباك حيال ما قلته وما إذا كنت قد تركت انطباعًا سيئًا، فلست الوحيد!

الخبر السار هو أنّ الأبحاث الجديدة تظهر أننا من المرجح نستهين بمدى إعجاب الغرباء بنا.

ابتهجوا! يستغرق الأمر وقتًا حتى يتعرف شخص ما على مدى فظاعتك.

أجرى علماء النفس من كورنيل وييل وهارفارد وجامعة إسيكس تجربةً من خمسة أجزاء، وكتب الباحثون في تقريرهم: «إنّ إجراء محادثاتٍ مع أشخاصٍ جددٍ هو جزء أساسيّ من الحياة الاجتماعية».

وأضافوا: «هي الطريقة التي نلتقي بها مع الأصدقاء الجدد والشركاء الحميمين، فهي التي تساعدنا على التأقلم مع حيٍّ جديدٍ أو مكان عملٍ جديدٍ، إنّها طريقة أساسية نتعلمها حول العالم».

وما لم تكن أنيسًا اجتماعيًا وتختلط فورًا بمن حولك، فحالتك مناسبة أيضًا للتعبير عن التعليقات غير اللائقة والمحادثات الصغيرة التي تجعلنا نفكر جيدًا في سبب قولنا ذلك.

إنّ المصطلح الذي يستخدمه علماء النفس لهذا الاختلاف بين انطباعنا والواقع هو (فجوة الإعجاب).

فنميل بطبيعتنا إلى أن نخطئ إلى جانب الاعتقاد بأنّ محاولاتنا في كوننا مهذبين استُقبِلت بشكلٍ سيءٍ لعدة أسبابٍ.

هناك خطر من كون التعليقات لن تكون متبادلةً على سبيل المثال، لذلك نحن متحفظون مع القليل من المجاملات.

عندما يُعَبَّر عن هذه الأنواع من التعليقات، فإننا نفتقدها بسهولةٍ أيضًا لأنّنا نركز على تجنب التساؤل حول علاقاتهم السابقة، فهل أخبرتهم أنني أكره فيلمهم المفضل؟!

استنادًا إلى أدلةٍ سابقةٍ تشير إلى وجود فجوة الإعجاب، أراد الباحثون معرفة المزيد حول كيفية عملها.

بعد تأكيد وجود عدم توافقٍ ذاتيّ قويّ مع مجموعةٍ صغيرةٍ من المشاركين، دعا الفريق 84 طالبًا لإجراء محادثةٍ مدتها خمس دقائق مع متطوعٍ آخرٍ ثم الخوض في التفاصيل عند شرح وجهة نظرهم حول المناقشة.

لقد وجدنا أننا نميل إلى الحكم بسلبية على أفعالنا أكثر مما نفعل مع الآخرين.

حتى عندما قام الباحثون بتكرار الدراسة فيما بعد مع مئة مشتركٍ آخرٍ في المجتمع الأوسع، ظلت هذه الملاحظة واضحةً إلى حد ما.

ولكن هل ستستمر هذه الفجوة المتشابهة خلال مناقشاتٍ أطول؟

بعد كل شيء، رُبَّما يستغرق الأمر أكثر من بضع دقائقٍ للتعرف على شخص ما.

وفي دراسة ثانية، دعا الباحثون 102 متطوع للتحدث براحتهم، ويُشترط أن تكون مدة الحديث 45 دقيقةً على الأقل.

بغض النظر عن المدة التي مرت المحادثة بها، سواء كانت دقيقة أو دقيقتين ضمن محادثة لـ 40 دقيقةً، فإنّ العدد نفسه تقريبًا من المشاركين خرجوا بفجواتٍ متشابهةٍ.

من الواضح أنّ الثغرات الموجودة هي ميزة إنسانية، وتوفر لنا نوعًا من الحماية ضد الشعور بالضعف عند توسيع محيط دائرتنا الاجتماعية.

ولتحديد الوقت الذي تتراجع فيه هذه الفجوة – إن وجدت – تعاون الباحثون في دراسة بعد تعايش 102 من طلاب الجامعات لمدة 12 شهرًا.

في خمس نقاطٍ على مدار السنة، أجرى الباحثون استطلاعًا للطلاب حول مدى إعجابهم بالأفراد الذين شاركوهم جناحهم، وكيف ظنّوا أنّهم قد ينظرون إليهم بأنفسهم.

سيكون من دواعي سرورنا معرفة تزامن هذه الانطباعات في نهاية المطاف، ولكن قد يستغرق الأمر عدة أشهرٍ للوصول إلى تلك النقطة.

ولكنّ هذا لا يعني أننا لسنا معرضين للوقوع في أخطاءٍ قليلةٍ.

تشير الأبحاث السابقة إلى أنّ نصف الأشخاص الذين تفكر بهم كأصدقاء يشعرون الشعور ذاته تجاهك.

ولكنّ التعليقات الشخصية حول العادات التي نجريها في المحادثات الأولى، وزيادة الصور المنشورة عندما يضيفنا شخص ما على Facebook.. نعم، لا تندب حظك قد تتحول هذه الفجوة إلى حقيقة.

ومع ذلك، بالنسبة للدراسات فقد نكون أسوأ منتقدين لأنفسنا، ولا أحدٍ يهتم بنا بقدرنا، لأنّ الأشخاص بطبيعتهم يحاولون جاهدين تجنب قول شيءٍ غبيٍّ.

وقال الباحثون: «باختصار، يشعر الناس بأنّ إحساسهم الاجتماعي مرتبك، وبدون وعي يُنَفِذ الناس سلوكًا يجعل المحادثات سلسةً بشكلٍ ملحوظٍ».


  • ترجمة: كنان مرعي
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر