طوّر الباحثون في جامعة ميشيغان ميكروسكوبًا قويًا يمكنه تحديد كيفية انتقال الطاقة الضوئية خلال بكتيريا ضوئية في أوقاتٍ زمنيةٍ تبلغ واحد كوادرليون جزء من الثانية.

يمكن أن يساعد الميكروسكوب الباحثين على تطوير مواد كهروضوئيةٍ عضويةٍ أكثر كفاءةً وهي نوع من الخلايا الشمسية التي يمكن أن توفر طاقة والتي تكون أرخص من الخلايا الشمسية المبنية على السيليكون.

تحصل عملية التمثيل الضوئي في النباتات والبكتيريا عندما يضرب الضوء الورقة أو البكتيريا ويقوم نظام من وحدات الاستقبال الصغيرة بحصاد الضوء بتوصيله عبر البروتينات إلى ما يسمى (مركز التفاعل – Reaction Center).

هنا الضوء يكون محاصرًا ويتحول إلى طاقة أيضية للكائنات الحية.

تحاول أستاذة الفيزياء والفيزياء الحيوية في جامعة مشيغان جينيفر أوجيلفي (Jennifer Ogilvie) وفريقها التقاط حركة طاقة الضوء هذه من خلال البروتينات في الخلية، وقد تقدم الفريق خطوةً نحو هذا الهدف في تطوير هذا الميكروسكوب، ونُشِرَت دراستهم في مجلة (Nature Communications).

عمل الفريق المكون من جينيفر أوجيلفي وطالب الدراسات العليا ياسيل أكوستا (Yassel Acosta) وزميل ما بعد الدكتوراه فيفيك تيواري (Vivek Tiwari) معًا لتطوير الميكروسكوب الذي يستخدم طريقةً تسمى (التحليل الطيفي الإلكتروني ثنائي الأبعاد – Two-Dimensional Electronic Spectroscopy) لتوليد صورٍ لانتقال الطاقة داخل البروتينات أثناء عملية التمثيل الضوئي.

يصوّر المجهر منطقةً بحجم خُمس خلايا الدم البشرية ويمكنه التقاط الأحداث التي تستغرق فترة واحد كوادرليون جزء من الثانية، ويعمل التحليل الطيفي ثنائي الأبعاد عن طريق قراءة مستويات الطاقة في النظام بطريقتين:

أولًا يقرأ طول موجة الضوء الذي يُمتص في نظام التمثيل الضوئي، ثم يقرأ طول موجة الضوء المكتشفة داخل النظام ما يسمح بتعقب الطاقة أثناء تدفقها عبر الكائن الحي.

ويجمع الجهاز بين هذه التقنية وبين المجهر الاعتيادي لقياس إشارة بحجم أصغر بمليون مرةٍ من قبل.

العينات المصوَرة للقياسات السابقة أُجريت على المقاطع التي كان يبلغ معدل حجمها أكبر بمليون مرة.

وعند أخذ متوسط القياس لهذه المقاطع الكبيرة فإن ذلك لا يسمح بملاحظة التفاصيل الدقيقة التي قد تنتقل فيها الطاقة داخل النظام نفسه.

قالت أوجيلفي: «لقد جمعنا الآن بين هاتين التقنيتين حتى نتمكن من إجراء عملياتٍ سريعةٍ للغاية بالإضافة إلى معلوماتٍ مفصلةٍ حول كيفية تفاعل هذه الجزيئات، فإذا نظرت إلى منطقة نانوية واحدة من العينة مقابل منطقة نانوية أخرى يمكن أن يبدو التحليل الطيفي مختلفًا جدًا.

في السابق لم أكن أعرف ذلك لأنني لم أحصل إلّا على متوسط المقياس، فلم أتمكن حينها من التعرف على الاختلافات التي يمكن أن تكون مهمةً لفهم كيفية عمل النظام».

في تطوير المجهر درست أوجيلفي وفريقها مستعمراتٍ من الخلايا البكتيرية الضوئية الأرجوانية.

في السابق كان العلماء ينظرون بشكلٍ أساسيٍّ إلى الأجزاء المنقاة من هذه الأنواع من الخلايا، ومن خلال النظر إلى نظام الخلية السليم تمكنت أوجيلايف وفريقها من ملاحظة كيفية تفاعل المكونات المختلفة للنظام بأكمله.

كما درس الفريق البكتيريا التي نمت تحت ظروف الإضاءة العالية وظروف الإضاءة المنخفضة ومزيجٍ من الاثنين معًا، ومن خلال تتبع الضوء المنبعث من البكتيريا تمكن الفريق من رؤية كيفية تغير بنية مستوى الطاقة وتدفق الطاقة من خلال النظام تبعًا لظروف ضوء البكتيريا.

وبهذه الطريقة يمكن لهذا الميكروسكوب مساعدة العلماء على فهم كيفية عمل المواد الكهروضوئية العضوية كما قالت أوجيلفي.

فبدلًا من فكرة وحدات الاستقبال لحصاد الضوء المعقدة الموجود في النباتات والبكتيريا، تحتوي المواد الكهروضوئية العضوية على ما يسمى بالجزيئات (المانحة) والجزيئات (المستقبلة) عندما ينتقل الضوء عبر هذه المواد يرسل الجزيء المانح إلكتروناتٍ إلى الجزيئات المستقبلة لتوليد الكهرباء.

قالت أوجيلفي : «قد نجد أن هناك مناطق لا تنتج فيها النشاطات الأيضية أيّ شحنةٍ كهربائية يمكن جنيها، ومن ثم قد نعثر على مناطق تنتج شحنات بشكلٍ جيّدٍ، فإذا نظرنا إلى التفاعلات بين هذه المكونات، قد نكون قادرين على إيجاد ربطٍ بين تشكل المادة مع المناطق تنتج شحنات والمناطق التي لا تنتج شحنات».

تحدث هذه المناطق في الكائنات الحية لأنّ منطقةً واحدةً من الكائن الحي قد لا تتلقى الكثير من الضوء مثل بقية المناطق الأخرى، وبالتالي فهي مكتضة بوحدات استقبال الضوء وعدد قليل من مراكز التفاعل.

قد توجد مناطق أخرى مشبعة بالضوء، وقد تحتوي البكتيريا على عدد أقل من وحدات استقبال الضوء ولكن تحتوي المزيد من مراكز التفاعل.

في المواد الكهروضوئية قد يتغير توزيع الجزيئات المانحة والمستقبلة تبعًا لتشكل المادة، وقد يؤثر ذلك على كفاءة المادة في تحويل الضوء إلى كهرباء.

قالت أوجيلفي: «كل هذه المواد يجب أن تحتوي على مكوناتٍ مختلفةٍ تقوم بأشياءٍ مختلفةٍ، أي مكونات ستمتص الضوء ومكونات ستأخذ الطاقة من الضوء وتحولها إلى شيءٍ يمكن استخدامه مثل الكهرباء، فمن الصعب أن نتمكن من رسم خريطةٍ في الوقت والمكان المناسب لتدفق الطاقة من خلال تلك الأنظمة».


  • ترجمة: سرمد يحيى
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر