كان الاعتقاد السائد لدى الأمريكيين في العقدين الأخيرين أنّ تناول الدهون هو المسؤول عن السمنة وكسب الوزن، ولكنّ العديد من الأبحاث تنفي ذلك.

تبعاً لآرون كارول؛ وهو بروفيسور علم الأطفال في كلية الطب بجامعة إنديانا فإنّ استهلاك الدهون لا يسبب زيادةً في الوزن، وعلى العكس تمامًا فقد يساعدنا على خسارة عدّة أرطال.

لذلك فهو ينصح بإضافة أنواعٍ معيّنة من الأطعمة كالأفوكادو وسمك السلمون والمكسّرات إلى نظامنا الغذائي.

يستند البروفيسور آرون في كلامه إلى إحدى الدراسات التي قامت بمقارنة أشخاصٍ يتبعون حميةً عالية الدهون قليلة الكربوهيدرات مع أشخاصٍ يتبعون حميةً قليلة الدهون عالية الكربوهيدرات، وخلصت الدراسة إلى أنّ الأشخاص الذين يستهلكون كميّةً محدودةً جدًّا من الدهون لا يخسرون الوزن ولا يجنون بالمقابل أي فائدة صحّية.

ومن جهةٍ أُخرى فإنّ الأشخاص الذين يتبعون حميةً غنيّةً بالدهون وفقيرةً بالكربوهيدرات المكرّرة مثل الخبز الأبيض والأرُز الأبيض

قد خسروا الوزن بالفعل وجنوا بعض الفوائد الصحية.

بالنسبة للأطباء وأخصائيي التغذية، فإنّ هذه النتائج تشيرُ إلى أنّ السبب الحقيقي وراء كسب الوزن هو ليس استهلاك الدهون، بل هو استهلاك السكّر والكربوهيدرات المكررة التي تتحلّل بسهولة وتتحول إلى سكر.

الحمية فقيرة الدهون لا تساعد في فقدان الوزن!

إحدى الدراسات التي قامت بالمقارنة بين 135000 شخص يتبعون نوعي الحميتين سابقتي الذكر ضمن 18 دولة مختلفة وجدت أنّ الرابط أقوى بين الموت -بجميع أسبابه- والحمية فقيرة الدهون بالإضافة لوجود رابطٍ أعلى بينها وبين الآفات والسكتات القلبية.

وفي المقابل، وجدت الدراسة أنّ الأشخاص الذين يتبعون الحمية قليلة الكربوهيدرات أقلّ عرضةً لما ذُكر آنفًا.
والعديدُ من الدراسات في نفس المجال قد أظهرت نفس النتائج.

وفي إحدى الدراسات التي امتدّت لثمان سنوات تمّت على 50 ألف امرأة، اتبعت نصفهنَّ تقريبًا نظامًا غذائيًّا قليل الدهون، لم تُظهر النتائج في نهاية الدراسة أي انخفاض لخطر حدوث سرطان الثدي والقولون أو أمراض القلب لديهنّ، وكانت خسارة الوزن -في حال حصول خسارة- بسيطةً جدًّا.

ويتابع البروفيسور آرون بقوله أنّ الدراسات والأدلة التي تدعم الحمية قليلة الكربوهيدرات كثيرةٌ جدًّا مقابل نقصٍ كبيرٍ في الأدلّة الداعمة للحمية قليلة الدهون.

الجسم يحتاج الدهون ليقوم بوظائفه:

الدهون أساسية ومهمّة لتخثر الدم وحركية العضلات وتُعتبر مقوِّمًا رئيسيًّا لبناء الأغشية الخلوية؛ والغشاء الخلويّ هو الدرع الذي يغلّف كل خلية من خلايا الجسم، إضافةً لأهميتها في بناء الغمد الذي يغلف الأعصاب.

وفي النهاية، فالدهون تساعدنا بامتصاص الفيتامينات والمعادن من الأغذية التي نتناولها.

عندما لايتناول الإنسان الدهون فإنّه يميل لاستهلاك الكثير من السكر والكربوهيدرات المكرّرة، وقد رُبط استهلاك هذين الأخيرين بزيادة الوزن والتسبب بالسمنة.

وبعد استعراض 50 دراسة بحثت في مسألة كسب الوزن، وُجد أنّه كلما ازداد استهلاك الحبوب المكرّرة (كالخبز الأبيض والأرزّ الأبيض) كلما ازداد الوزن، بينما لايحدث هذا في الحمية التي تحتوي أغذية الحبوب الكاملة مثل الأرز الأسمر والخبز البُرّ أو المصنوع من حبوب القمح الكاملة.

والجدير بالذكر، وما يعتبر بنفس الوقت جزءًا من المشكلة أنّ استهلاك السكر والكربوهيدرات المكرّرة يزيد الرغبة بالأكل والإفراط فيه.

عليك بتناول المزيد من الأسماك والأفوكادو والمكسرات

ويجب ألا يغيب عن الذكر أنّ بعض أنواع الدهون تُعتبر صحّيةً أكثر وأفضل من غيرها، وليست كل الدهون متشابهة ومتساوية بقيمتها الغذائية وفوائدها الصّحّية، ويجب الإكثار -كما ذكرنا- من تناول الدهون الصحية كالتي تأتي من السمك والأفوكادو بدلًا من تلك الحيوانية، وذلك حسب أحد أخصائيي التغذية في جامعة هارفارد والذي قاد الدراسة التي سنأتي على ذكرها الآن.

في هذه الدراسة التي نُشرت مؤخّرًا في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، قام الباحثون باختبار ما يحصل للأشخاص عندما يستبدلون جزءًا من سعراتهم التي يتناولونها من الدهون المشبعة (والتي توجد غالبًا في اللحوم ومنتجات الألبان) بالدهون غير المشبعة، وكانت نتيجة هذا الاستبدال تنطوي على كثيرٍ من الفوائد، فقد انخفض لديهم خطر الموت والعديد من الحالات كأمراض القلب والكثير من الأمراض العصبية التنكّسية.

وتبعًا للمدوّنة الصحيّة التي تديرها جامعة هارفارد فإنّ الدهون الصحية كالتي تأتي من زيت الزيتون والمكسّرات والسمك تسمى دهون وحيدة ومتعددة اللا إشباع، وغير الصحية هي الدهون المتحوِّلة والمشبعة كالتي توجد في الأطعمة المعالجة.

خلاصة القول أنّ تناول الدهون لن يجعلك سمينًا، لكن المسؤول عن زيادة وزنك هو الإفراط بتناول السكر.


  • ترجمة: عمر اسماعيل
  • تدقيق: ماجدة زيدان
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر