ملخص الدراسة: وجد العلماء أنّ الخلايا المختصّة بتجدد العصبونات الشّمّيّة، يمكن تعديلها وراثيًّا لتقوم بتقديم العلاج المضادّ للسّرطان لأورام الدّماغ المميتة الّتي تسمّى بـ (glioblastoma).

حيث أنّه يوجد نوع خاص من الخلايا الّذي له القدرة على إعادة تجديد العصبونات الشّمّيّة يمكن أن يعدّل وراثيًّا ليقدم العلاج المضاد للسّرطان إلى أورام الدّماغ الخطيرة.

وفي بحث أجراه العلماء قاموا باستخدام نموذجٍ من الخلايا الشّمّيّة المغمِّدة لتقديم العامل المضادّ للسّرطان فقط للخلايا الورميّة، ولاحظوا كيف تقلّص حجم الورم وامتدّت مدّة البقاء عند النّموذج الفأري.

(Glioblastoma): النمط الأكثر عدوانيةً وخباثةً بين أنماط سرطانات الدّماغ، وعلى الرّغم من المعالجة الشّديدة والمركّزة لهذه الأورام بالجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي، لكنّ غالبًا ما تتكرّر مؤديةً إلى معدّل بقاء ما يقارب الخمس سنوات في أقلّ من 10% من الحالات.

الخلايا المغمِّدة الشّمّيّة توجد في الأنف على مدار حياة كافّة الثّديّيات ومنهم البشر، ويمكنها أن تهاجر من التّجويف الأنفي إلى مواقع الالتهابات وتملك القدرة على أن تمثل دور (حصان طروادة) عندما تقدم العلاج القاتل للخلايا حيث تتميز بقدرتها على عبور الحاجز الدماغي الذي يحيل دون دخول العلاجات المضادة للسرطان الأخرى.

العصبونات الشّمّية هي الخلايا الموجودة في التّجويف الأنفي التي تتحسّس شمّيًا وتنقل الإشارات العصبيّة إلى الدماغ ولها القدرة على التّجدّد والذي يعدّ نادرًا في الجهاز العصبي، وتوجه العصبونات المتشكلة حديثًا في الجوف الأنفي أليافًا إلى البصلة الشّمّيّة في الدّماغ بحد ذاته وتسمّى هذه الألياف بالمحوار.

تقوم الخلايا (OEC) بإحاطة المحوار الجديد المتشكّل وتساعد بإعادة تشكّله بابتلاع بقايا وحطام الخلايا الميتة والمتأذّية، وإنّ هذه القدرة الفريدة في إعادة التجدّد العصبي قادت إلى دراساتٍ على قدرتها في علاجات إصابات النّخاع الشّوكي والاضطرابات العصبية التنكسية والتّصلب الجانبي الضّموري.

ونتيجة الاتصال المباشر بين التّجويف الأنفي والدّماغ ، تمت دراسة تقديم الدّواء عن طريق الأنف كوسيلةٍ تعبر الحاجز الدّماغي الدّمويّ.

حيث تمتلك خلايا (OECs) القدرة على الهجرة إلى الدّماغ والانجذاب إلى (الجزيئات الالتهابيّة – inflammatory molecules) ومنها إلى الجزيئات المفرزة من الخلايا السّرطانيّة، كل ذلك قاد إلى دراسة لعلاج ذلك النمط السّرطانيّ الخبيث.

لقد بيّنوا أوّلاً أنّ الخلايا (OECs) الموسومة المقدمة إلى التجويف الأنفي للنموذج الفأري المحقون سابقًا بخلايا (human gliomas) فهي لم تهاجر فقط إلى مواقع الخلايا الورمية المحقونة ولكن تتبعت الـ (tumor-initiating cells) وترشحت في نسيجٍ دماغيٍّ مجاورٍ.

قام الفريق البحثي بهندسة هذه الخلايا جينيًّت بحيث تصبح قادرةً على التعبير عن البروتين المندمج (CU) الذي يحول المنتج غير السام المسمى (5-FC) إلى علاجٍ كيماويٍّ قاتلٍ للخلايا.

وبعد التأكيد بالعمل المخبري على قدرة هذه الخلايا للقيام بهذ العمل عن طريق تقديم خلايا (OECs) التي تعبر عن (CU) أو (للمراقبة والتّقييم) إلى التّجويف الأنفي للفأر بعد أسبوع من حقن أدمغة الفئران بالخلايا المُشَكِّلَة للورم.

وبعد سبعة أيّامٍ من حقن الخلايا تلقّت كلتا المجموعتين من الحيوانات حقنًا يوميّةً من (5-FC) لمدّة سبعة أيّامٍ أخرى، وبعد أسبوعين من ذلك لاحظنا أنّ الفئران التي تلقت (OCEs) معدلة وراثيًّا تتميّز بأورامٍ أصغر في موقع الحقن، وهجرة أورامٍ أقلّ عبر الدّماغ وكما أنّ الخلايا الورميّة تموت فيها بنسبةٍ أكبر منه في مجموعة السيطرة.

كما لاحظوا أنّ العلاج ب (OCE) فقط دون (5-FC) أدّى إلى معدّل بقاءٍ أطول بين الفئران التي حُقِنَتت بالورم ولم تعالج بأيّ شيءٍ.

نستدل مما وجدناه أنّ الخلايا (OECs) المعبّرة عن (CU) عبر طريقها الطبيعي إلى الدماغ تستهدف الأورام الدّماغيّة بطريقةٍ نوعيةٍ حيث تحوّل (5-FC) إلى (5-FU) – أي إلى دواءٍ في موقع الورم – قائدةً إلى علاجٍ فعالٍ قاتلٍ لخلايا الورم عبر فعل (bystander effect).

ونتيجةً للانجذاب الكبير لهذه الخلايا إلى العوامل الالتهابيّة المُفرزة من الخلايا الورميّة، ونؤمن بأنّه يمكن استخدام هذه الخلايا كأداةٍ علاجيّةٍ ضدّ أنواعٍ مختلفةٍ من سرطانات الدّماغ والأورام المتموضّعة في أجزاء أخرى من الجسم وهذا ما يتحرى عنه العلماء في يومنا هذا.


  • ترجمة: رهف السّيّد
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر