وجد الباحثون أن الإشارات الموجودة في أدمغة الناس تختلف تبعًا لجانب معين من شخصية الفرد.

ويسمى هذا بالـ«سيكزوتايبي»، وهو بُعد طبيعي للشخصية يتراوح من صحي إلى منفصم، ويقترح كاستمرارية تربط الوسواس القهري والفصام، وهو اكتشاف يمكن أن يحسّن من طريقة تصنيف وعلاج مرض الفصام.

قادت جامعة نوتنغهام الدراسة المنشورة في «نشرة الفصام» بعنوان: «الارتداد المستقبلي لمرحلة ما بعد الحركة يرتبط مع ميزات فصامية في الأشخاص الأصحاء»، وتشير النتائج إلى أن العديد من الأمراض العقلية يمكن اعتبارها من المتغيرات المتطرفة للشخصية العادية.

أنماط التفكير المشتركة:

تختلف شخصيات الأشخاص بطرق كثيرة، ويمكن قياس هذا التنوع باستخدام الاستبيانات.

وعلى نحو مماثل للكيفية التي يكون فيها بعض الناس أكثر أو أقل ودًا، فإن الفرد السليم الذي يتمتع بشخصية شديدة السكيزوتايبي يشترك في «أنماط تفكير» مع شخص مصاب بالفصام.

هذا الجسر بين الشخصية الطبيعية والمرض العقلي يوفر طريقةً للباحثين لفهم ما إذا كانت أدمغة المرضى الذين يعانون من الفصام مختلفةً تمامًا عن المتطوعين الأصحاء، أو ما إذا كانوا يتداخلون.

استخدم الباحثون تقنيةً تسمى تخطيط الدماغ المغناطيسي (MEG) لقياس موجات الدماغ لدى المتطوعين أثناء تحريكهم لأصبع السبابة.

في عام 2016، وجد فريق بقيادة جامعة نوتنغهام باستخدام نفس الأسلوب أن استجابة الدماغ لحركة الأصبع هذه كانت ضئيلةً لدى المرضى المصابين بالفصام، وكلما كانت أعراض المريض أكثر شدةً، كلما انخفضت الاستجابة.

في هذا العمل الأخير، تم العثور على علاقة مماثلة ولكن لدى متطوعين أصحاء، كان لدى المتطوعين الذين يتمتعون بشخصية أكثر شبهًا بشخص مصاب بالفصام (أو شديد السكيزوتايبي) استجابةٌ قليلةٌ في الدماغ بالمقارنة مع أولئك الذين لديهم شخصيات أقل تشابهًا بالفصام.

التشخيص والتخطيط:

على الرغم من أن هناك حاجةً إلى مزيد من البحث، فإن الباحثين يأملون في المستقبل أن يستخدم هذا الأسلوب أو آخر مماثل للمساعدة في تشخيص وتخطيط العلاج للأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية.

وعلق بيتر ليدل، أستاذ الطب النفسي في معهد الصحة العقلية التابع للجامعة، وكبير الباحثين في الدراسة قائلًا: «يجب أن تساعد هذه النتيجة في تبديد فكرة أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عقلية خطيرة يختلفون بشكل قاطع عما يسمى بـ «الناس العاديين».

والأهم، يخبرنا ذلك بأن نفس نوع الاستراتيجيات التي تساعد أيًا منا على التعامل مع التحديات التي نواجهها في الحياة اليومية يمكن أن تكون مفيدةً أيضًا في التعامل مع التحديات الأكثر إلحاحًا التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون من مرض خطير، ومع ذلك، سيكون من الخطأ التقليل من شأن تلك التحديات».

وعلى نحو مماثل للكيفية التي يكون فيها بعض الناس أكثر أو أقل ودًا، فإن الفرد السليم الذي يتمتع بشخصية شديدة السكيزوتايبي يشترك في «أنماط تفكير» مع شخص مصاب بمرض الفصام.

وكان هذا البحث الذي أجري في مركز السير بيتر مانسفيلد للتصوير بجامعة نوتنغهام وفي جامعة كارديف، جزءًا من مشروع أكبر يهدف إلى تزويد العلماء بالصورة التفصيلية لوظائف الدماغ الصحية عند استخدام تخطيط الدماغ المغناطيسي.

فهي تقنية نادرة نسبيًا؛ أقل من 150 آلةً في جميع أنحاء العالم.

وعلق الدكتور بنجامين هانت، المؤلف الرئيسي لهذا البحث والذي يعمل الآن في مستشفى «الأطفال المرضى» في تورنتو، كندا: «إن تخطيط الدماغ المغناطيسي تقنية قوية للغاية للنظر في كيفية عمل الدماغ.

على الرغم من أن هذا العمل مثير للغاية لدراسة الذهان، فإنه يعتمد على أعمال أخرى مثيرة تثبت أن تخطيط الدماغ المغناطيسي يمكن أن يكون مفيدًا لتشخيص الصحة العقلية.

وأنا آمل أيضًا أنه من خلال إظهار وجود صلة دماغية مستمرة بين الأشخاص الأصحاء والأشخاص المصابين بالفصام، فإن هذا العمل سوف يساعد على إزالة الوصمة المرتبطة بالمرض العقلي».


  • ترجمة: كيرلس يوسف نجاح
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر