الأحد الماضي، فازَ جير بولسونارو – Jair Bolsonaro برئاسةِ دولةِ البرازيل بنسبةِ 55.2%، هازمًا مُنافِسَه بما يُقارب 10% من نِسبة الأصوات.

إذا كُنتَ لا تعرِفِ الكثير عن بولسونارو، فهو عُنصريّ، مُناهِض لحقوقِ النِّساء، وضِدّ حقوقِ المثليين.

ومِمّا يُدلّ على ذلك، قوله للسياسيّة ماريا روزاريو: «لن أغتصِبكِ لأنّك لا تستحقيّن ذلك».

ترشّحَ بولسونارو مع الحِزب الاجتماعي الليبرالي، والذي لا يُمكنُ القولُ عنه أنّه ليبرالي أو اجتماعي، لكنّهُ حِزبٌ مُحافظ ومؤيّدٌ لسياسات حُريّة السوق. مع ذلك، حَصلَ هذا الحِزب على نصيبِ الأسد من الانتخابات بسبَبِ رغبةِ الشعب بتغيير النظام الفاسد الذي يحكُمُ البِلاد.

شعبيّتُه الكبيرة وبرامجهُ السياسيّة اليمينيّة أكسبتهُ اسم “ترامب المناطق الاستوائية”.

وكما يُشيرُ لقبه، أعلَنَ بولسونارو أنّهُ سيَسحبُ البرازيل مِن اتفاقيّة باريس، الأمرُ الذي سيوجِّه ضربةً قويّةً لجهودِ العالمِ أجمَع للحدِّ من التغيّرُ المُناخيّ، إذ كانت البرازيل تلتزِمُ من خِلالِ الاتفاقيّة بالحدِّ والتقليل من انبعاث الغازاتِ الناشِئة مِن إزالةِ غاباتِ الأمازون. حيثُ تَعهّدتِ الدولة بتقليل الانبعاثات الكربونيّة بنسبة 43% بحلولِ عام 2030.

هذا ليسَ كُلّ شيءٍ بعد، اتَّحد بولسونارو مع كُتلةِ روراليستا – Ruralista، والتي تدعمُ مصالِحَ مالكي الأراضي الكِبار، ومصالِح العملِ الزّراعي على حِسابِ الحِفاظِ على البيئة.

خِلالَ حملتِهِ الانتخابيّة، تحدّثَ عن قوانين بسيطة لِحمايةِ البيئة، فاتِحًا المجال لسُكّانِ المناطقِ الأصليين باستخراجِ المعادن، كما وضَعَ خُطّةً لإنشاءِ طريقٍ سريعٍ ضخم يمرُّ مِن خلالِ غاباتِ الأمازون.

وخِلالَ حملتِهِ الانتخابيّةِ أيضًا، تحدّثَ عن إزالة قوانين حِماية الأراضي لصالِحِ السُّكانِ الأصليين، مُزيلًا دورَ المؤسسات غير الحُكومية الهادِفة للحفاظِ على البيئة مثل Greenpeace و WWF، كمّا وَعَدَ بتعطيلِ دورِ وزارةِ البيئةِ البرازيليّة.

بما مَعناه، إذا سارَت الأمورُ وِفقًا لُخطَطِ بولسونارو، ستوضَعُ زِمامُ الأمورِ بيدِ وزارةِ الزّراعة، والتي تَتِمُّ إدارَتها مِن قِبلِ أصحاب الأعمالِ الزراعيّة.

ما يعني اهتمامًا أقلّ بالبيئة والاستدامة.

يتحدّث إيدسون دوارت – وزيرُ البيئةِ الحاليّ في البرازيل: «عِوضًا عن نشرِ رسالةِ الحِفاظِ على البيئة والحدّ من قطعِ الغاباتِ ومُحاربةِ الجرائم المُنظّمة؛ يقولُ أنّهُ سيُهاجِمُ وزارةَ البيئة، والمؤسسات المعنيّة في الحِفاظ على البيئة».

إنّ مؤسّستيّ Ibama و ICMBio هُما مؤسسّتانِ فدراليّتان مسؤوليّتهما مَنع التعديّن غير الشرعي، وقطعِ الغابات أيضًا. كما صرّحَ بولسونارو أنّه سيحدّ من سُلطات التراخيصِ البيئيّة.

ويُضيفُ دوارت: «إنّ الأمرَ يُشبهُ أنّ يُصرِّحَ بِسحبِ الشُّرطةِ من الشّوارع».

لِمَ يُعتبرُ موضوعُ البرازيل مُهمًّا؟

إنّ غابة الأمازون الموجودة في البرازيل تُشكِّل حوالي 60% من نسبةِ الغاباتِ الاستوائيّة.

وتُعتبر فعليًّا أحدَ أكبرِ مصارِفِ الكربون في العالم.

أيّ أنّها تُخلِّصُ المنطقة من الانبعاثات الغازيّة والكربونيّة، وفِعليًّا، انخَفَضَتْ فعاليُّتها إلى ثُلثِ ما كانت عليه قبلَ عقدٍ من الزَّمَن.

في الفترةِ ما بين عامي 2005 و 2012، انخَفَضَ مُعدل قطعِ الأشجارِ في الأمازون بِما يُقارِب 20 ألف كيلومترٍ مُربّع، وفي العامِ الماضي ما يُقارِب 6 آلاف كيلومتر مُربّع، أمّا بعدَ النّظامِ الجديد، مِن المُعيب أنّ نَرى الأرقامَ تَنعَكِسُ سَلبًا على حِسابِ الأمازون.

لكنَّ الأمَل لم ينتهِ بعد.

إنّ قراراتِ بولسونارو الخاصّة بالبيئة وسياسَته البيئيّة غير واضحةِ المعالم، بل ومُتغيّرة. مَعَ أنّهُ وَعَدَ بإخراجِ البرازيلِ مِن اتفاقيّة باريس، إلّا أنَّه صرّحَ مؤخّرًا بأنّهُ لن يفعَل.

كَما يوضّحُ بيانُه الرّسميّ دعمَ انتشارِ الطاقةِ المُتجدّدة في البرازيل.

وبالطّبع، فإنّ نِظامَ البرازيل يُعتبرُ نِظامًا ديمقراطيًا، ولو أنّهُ يمرُّ بمراحِلَ حرجة حاليًّا.

ما يعني؛ إذا استمرَّ بولسونارو باتباعِ نظامٍ جديدٍ غير صديقٍ للبيئة، سيجِدُ المجلسَ الأعلى البرازيلي، بَل وباقي مؤسّساتِ الحُكومة في خلافٍ مَعَ قراراتِه.


  • ترجمة: محمد يامين
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر