الثقوب السوداء هي عبارةٌ عن مناطق في الفضاء قوة جاذبيتها كبيرة جدًا لدرجة أنها لا تسمح بمرور الضوء من خلالها.

تنتج هذه القوة عن ضغط المادة في مساحةٍ صغيرة جدًا، وهذا الضغط يحدث في مرحلة انتهاء حياة النجم، تنتج بعض الثقوب السوداء عن النجوم الميتة.

بما أن الضوء لا يستطيع المرور من خلال الثقوب السوداء فهي غير مرئية، ومع ذلك، يمكن رصدها من خلال التلسكوبات الفضائية التي تملك معداتٍ خاصة لذلك، وذلك من خلال مراقبة سلوك المواد والنجوم القريبة جدًا من الثقوب السوداء.

كم يبلغ حجم الثقوب السوداء؟

يختلف حجم الثقوب السوداء من ثقبٍ لآخر، وذلك يعتمد على نوع الثقب، إذ تختلف أنواع الثقوب السوداء من حيث الحجم والكتلة وهما ما يحدّدان نوعه.

أصغر ثقبٍ أسود يُعرف بالثقب الأسود البدائي، يعتقد العلماء أن هذا النوع من الثقوب السوداء يكون بحجم ذرة وبكتلة جبلٍ كبير.

النوع الأكثر شيوعًا من الثقوب السوداء يُعرف باسم الثقوب السوداء نجمية الكتلة، يمكن لكتلتها أن تتعدّى 20 مرة كتلة الشمس، ويمكن أن تلائم حجم كرة بقطر 10 أميال.

هناك العشرات من هذا النوع من الثقوب السوداء موجودةٌ بمجرة درب التبانة.

الثقوب السوداء الهائلة، هذا الاسم يُطلق على أكبر ثقبٍ أسود موجود، تتعدّى كتلة هذا النوع مليون مرة كتلة الشمس.

يمكن أيضًا وضع هذا الثقب في كرة قطرها يعادل قطر النظام الشمسيّ، تشير الأدلة العلمية إلى أن كل مجرة تحتوي على ثقب أسود هائل في مركزها، ومجرة درب التبانة أيضًا يقع في مركزها ثقبٌ أسود هائل يسمى (القوس – Sagittarius)، تعادل كتلته حوالي 4 ملايين مرة كتلة الشمس، ويمكن أن يلائم حجم كرة يبلغ قطرها حجم الشمس.

كيف تتكوّن الثقوب السوداء؟

يُعتقد أن الثقوب السوداء البدائية تكوّنت مع تكوّن الكون، بعد الانفجار العظيم.

تتكون الثقوب السوداء نجمية الكتلة عندما ينهار مركز أي نجمٍ ضخم جدًا على نفسه، كما يتسبّب هذا الانهيار في حدوث انفجار السوبر نوفا (انفجارٌ للنجم)، هذا الانفجار يؤدي إلى تطاير أجزاء من النجم في الفضاء.

أما النوع الثالث وهو الثقب الأسود الهائل، فيعتقد العلماء أن تكوّنه كان مع تكوّن المجرة، إذ إن حجم هذا النوع له علاقةٌ بحجم وكتلة المجرة.

إذا كان لون الثقوب السوداء أسود فكيف يميزها العلماء؟

لا يمكن رؤية أي ثقبٍ أسود؛ وذلك يرجع إلى قوة جاذبيته الشديدة التي تجذب الضوء المحيط إلى المركز، ومع ذلك، يستطيع العلماء رؤية تأثيره على النجوم والغازات المحيطة به.

إذا كان هناك نجمٌ يتحرك في نقطة معينة في الفضاء، يستطيع العلماء دراسة حركة هذا النجم لمعرفة ما إذا كان يدور حول ثقبٍ أسود أم لا، إذا كان هناك نجمٌ يدور بالقرب من ثقب أسود فستنشأ عن هذا القرب طاقةٌ هائلة تخرج في شكل ضوء، وبالتالي تستطيع الأجهزة العلمية رصد هذا الضوء.

تكون قوة جاذبية الثقب الأسود أحيانًا كافيةً لجذب الغازات الخارجية للنجم، وبالتالي يتكوّن قرصٌ حول الثقب الأسود يُعرف بقرص التنامي.

ترتفع درجة حرارة هذه الغازات بشدةٍ وبالتالي تُطلق أشعة سينية في كل الاتجاهات.

ترصد تلسكوبات ناسا هذه الأشعة وتتعرّف على خصائصها، ويستخدم علماء الفلك هذه المعلومات لمعرفة المزيد عن خصائص الثقب الأسود.

هل يمكن للثقب الأسود أن يدمر الأرض؟

لا تتجول الثقوب السوداء في الكون بطريقةٍ عشوائية، وإنما تخضع لقوانين الجاذبية فتتأثر بجاذبية الأجسام الأُخرى.

لتدمير كوكب الأرض، يجب أن يكون الثقب الأسود قريبًا جدًا من النظام الشمسيّ، وبالتالي يؤثر على كوكب الأرض، وهذا لن يحدث.

أيضًا، إذا كان هناك ثقبٌ أسود تُماثل كتلته كتلة الشمس، واستبدلنا الشمس بهذا الثقب فلن يؤثر على كوكب الأرض؛ لأن كتلة هذا الثقب تماثل كتلة الشمس وبالتالي تكون لديه نفس قوة الجاذبية التي لدى الشمس، وستظل الكواكب تدور حول هذا الثقب دون أي تأثير.

هل يمكن للشمس أن تتحول لثقب أسود؟

لحسن الحظ، ليس للشمس الكتلة الكافية حتى تنهار على نفسها وتتحول إلى ثقبٍ أسود.

خلال ملياراتٍ من السنين ستتحول الشمس إلى عملاق أحمر، وذلك عندما تكون في نهاية عمرها، بعد ذلك، ستتخلص من طبقاتها الخارجية وذلك عندما ينفذ منها الوقود فتتحوّل إلى حلقةٍ متوهّجة من الغازات تُعرف باسم السديم الكوكبيّ، وأخيرًا بعد كل هذا، عندما تبرد الشمس فستتحول إلى نجمٍ قزم أبيض.

كيف تدرس ناسا الثقوب السوداء؟

تتعرّف ناسا على الثقوب السوداء من خلال استخدام مركبة فضائية مثل مرصد شاندرا للأشعة السينية، والقمر الصناعي سويفت، وتلسكوب فيرمي جاما راي الفضائي، أُطلق تلسكوب فيرمي عام 2008 لمراقبة أشعة جاما والتي تُعدّ أكثر أشكال الطاقة الضوئية حيوية.

وتقوم بهذه العملية بحثًا عن الثقوب السوداء الهائلة والظواهر الفلكية الأخرى، يتوصّل العلماء إلى الإجابة عن العديد من الأسئلة التي تخصّ أصل الكون وتطوّره، وأيضًا كثافته من خلال استخدام هذه المركبات الفضائية.


  • ترجمة: أحمد مجدي
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر