أهلًا بكم في المستقبل.

قبل حوالي عشرين عامًا، اقترح عالمان في مجال الحاسوب تقنية لعملية نقل كمومية خاصة بين موقعين بهدف جعل الحواسيب الكمومية أكثر موثوقية.

أما حاليًا قد نجح فريق من الباحثين من جامعة ييل في تحويل فكرتهم إلى واقع، ما يدل على وجود نهج عملي لجعل هذا الشكل الدقيق للغاية من التكنولوجيا قابلًا للتحجيم.

لقد طور هؤلاء الفيزيائيون طريقة عملية لنقل العمليات الكمومية –أو البوابة– عبر مسافة معينة وقياس تأثيرها. في حين نُفِّذ هذا العمل الفذ من قبل، إلّا أنّه لم يتم القيام به في الزمن الحقيقي. وهذا ما يمهد الطريق لتطوير عملية يمكن أن تجعل الحوسبة الكمومية نموذجية، وبالتالي أكثر موثوقية.

على خلاف أجهزة الحاسوب العادية، التي تقوم بإنجاز حساباتها عن طريق “حالات حقيقية” والتي تدعى bits أي ثنائيات (تشغيل أو إيقاف، 1 أو 0) -نظريًا البت هو أصغر وحدة حاملة أو ناقلة لمعلومة-، أما الحواسيب الكمومية تتعامل مع الـ qubits / بتات كمومية، وهي حالة حقيقية غريبة لا يمكننا أن نتجاهلها، فهي التي تدخل في بعض الرياضيات المفيدة بشكل لا يصدق.

في الحواسيب الكلاسيكية، تتفاعل البتات مع عمليات تدعى بوابات منطقية (logical gates).

بشكل مشابه لأصغر حلبة قتالية في العالم، يدخل بتان، ويخرج واحد فقط. تأتي البوابات بأشكال مختلفة، ويتم اختيار الفائز بناءً على قواعدها الخاصة.

تُشكِّل هذه البتات التي يتم توجيهها من خلال البوابات، أساسًا لأي عملية حسابية يمكنك التفكير بها، بقدر ما يتعلق الأمر بالحواسيب الكلاسيكية.

لكن البتات الكمومية تقدم وحدة بديلة ليتم إسناد الخوارزميات عليها؛ أكثر من مجرد 1 أو 0؛ فهي أيضًا توفر مزيجًا خاصًا من الحالتين.

إنها مثل عملة معدنية ممسوكة بيد تمامًا في اللحظة التي تسبق رؤيتك لها فيما إذا كانت صورة أو نقش.

بالاقتران مع نسخة كمومية من البوابة المنطقية، يمكن أن تفعل البتات الكمومية ما لا تستطيع فعله البتات الكلاسيكية.

لكن هنالك مشكلة واحدة فقط؛ تلك الحالة غير المحددة من 1 و 0 تتحول إلى 1 أو 0 محددين عندما تصبح جزءًا من نظام مُقاس.

والأسوأ من ذلك، أنه لا يتطلب الكثير لانهيار البتات الكمومية، ما يعني أن الحاسوب الكمومي يمكن أن يصبح باهظ الثمن وعديم الفائدة في حال لم تكن المكونات الدقيقة مخفية بشكل كافٍ عن بيئتها الصاخبة.

في الوقت الحالي، مهندسو الحواسيب الكمومية متحمسون جدًا للأجهزة التي يمكن أن تُشغِّل أكثر من 70 بتًا كموميًا، وهو أمر مثير للإعجاب، ولكن الحواسيب الكمومية ستكسب بقائها فقط في حال قامت بتخزين المئات، إن لم يكن الآلاف من البتات الكمومية والتي تقترب من حيز التنفيذ في نفس الوقت.

لجعل هذا النوع من التحجيم حقيقة، يحتاج العلماء إلى خدع إضافية. ويتمثل أحد الخيارات في جعل التكنولوجيا نموذجية قدر الإمكان، وربط (تشبيك) أنظمة كمومية صغيرة في نظام أكبر من أجل موازنة الأخطاء وتعديلها.

ولكن لكي ينجح ذلك، فإن البوابات الكمومية – تلك العلميات الخاصة التي تتعامل مع الرفع (النقل) الثقيل من البتات الكمومية – يجب أن تتم مشاركتها أيضًا.

معلومات النقل عن بعد، مثل بوابة كمومية، تبدو خيالية جدًا. لكن من الواضح أننا لا نتحدث هنا عن أنظمة النقل التي شاهدناها في فيلم Star Trek.

في الواقع، إنها تشير ببساطة إلى حقيقة أن الأشياء يمكن أن يكون لها تاريخها المتشابك بحيث عندما يتم قياس أحدها، فإن الآخر سينهار على الفور إلى حالة ذات صلة، بغض النظر عن بعده.

لقد تم إثبات هذا من الناحية التقنية بالفعل، ولكن حتى الآن، لم يتم تنفيذ العملية وقياسها بشكل صحيح في الزمن الحقيقي، وهو أمر حاسم في حال توجب أن يصبح جزءًا من حاسوب عملي.

«إن عملنا هو المرة الأولى التي يتم فيها توضيح هذا البروتوكول (النظام)؛ يحدث الاتصال الكلاسيكي في الزمن الحقيقي، ما يسمح لنا بتنفيذ عملية ’حتمية‘ تؤدي العملية المطلوبة في كل مرة»، هذا ما قاله المؤلف الرئيسي “كيفن شو”.

استخدم الباحثون البتات الكمومية في رقاقات الياقوت داخل إعداد متطور للنقل عن بعد لنوع من العمليات الكمومية تدعى بوابة NOT المنطقية الموجهة. الأهم من ذلك، أنه من خلال تطبيق ترميز “الخطأ القابل للتصحيح”، كانت العملية موثوقة بنسبة 79٪؜.

ويقول الباحث الرئيسي “روبرت سكولكوبف”: «إنّها علامة فارقة نحو معالجة المعلومات الكمومية باستخدام البتات الكمومية ذات الأخطاء القابلة للتصحيح».

إنها خطوة صغيرة جدًا على الطريق نحو صنع نماذج كمومية، لكن هذا الدليل على إثبات المفهوم يُظهِر أن النماذج يمكن أن تظل هي السبيل للذهاب في تطوير وتكبير الحواسيب الكمومية إلى الحجم الذي نحتاج إليه.

نُشر هذا البحث على موقع Nature.


  • ترجمة: ليلى خالد
  • تدقيق: براءة ذويب
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر