في دراسةٍ جديدة أجراها باحثون بـ (معهد سكريبس للأبحاث – (The Scripps Research Institute (TSRI) توصّلوا إلى وصف عمل جزيئتين تلعبان دورًا مهمًّا في إثارة القلق الحادّ.

تشير نتائج جديدةٌ لتجارب أُجريت على حيواناتٍ إلى وجود تفاعلٍ غير مألوف في استجابة الدماغ للتوتر يكمن وراء القلق المرضيّ المرتبط بأعراض (اضطراب ما بعد الصدمة – (post-traumatic stress disorder (PTSD).

تقول قائدة الدراسة ماريسا روبيرتو، أستاذةٌ بمعهد سكريبس: «تصيب اضطرابات القلق والتوتر الملايين من الأشخاص حول العالم، وإنَّ فهم الآليات خلف هذه الاضطرابات مهمٌّ لتحديد إمكانياتٍ جديدةٍ للعلاج».

ركّز الباحثون على نظام فرز (الإندوكانابينويد-endocannabinoid or eCB)، يُنتَج الكانابينويد داخل جسم الإنسان والحيوان، ومنه دهونٌ طبيعية تنشّط مستقبلات الكانابينويد في الدماغ.

يتحكّم النوع الأول من هذه المستقبلات بالناقلات العصبية للتوتر، كوسيلةٍ لإبقاء مستويات القلق تحت المراقبة.

مقابل عمل الإندوكانابينويد على خفض مستويات التوتر، تفعّل جزيئة بِبتيد (يُطلق عليها عامل إطلاق الكورتيكوتروبين (CRF)) استجابةَ الدماغ للتوتّر، وتزيد من الحساسية تجاه التوتر والقلق مع التفعيل المتكرّر.

حقّق الباحثون في العلاقة بين جزيئة (CRF) المثيرة للقلق ومركب (eCBs) ذي المفعول المعاكس، على مستوى النواة المركزية لـ (اللوزة-(The Amygdala، العنصر المسؤول عن ردود الفعل العاطفية.

تشير نتائج هذه الدراسة إلى أنَّ التفعيل المفرط لـ (CRF) يُنتج تأثيراتٍ تهمل مفعول قدرة أحد أهم أنواع (eCBs) على التحكّم في مستويات التوتر، ما يحوّل التوتر المزمن إلى قلقٍ مرضيّ.

يقول كاتب الدراسة لويس ناتيفيداد، مساعدٌ في مختبر روبيرتو: «القلق جزءٌ من حياتنا اليومية، لكنّ الأمر الذي لا يزال مبهمًا هو السبب وراء العملية الطبيعية التي تحوّل هذا القلق إلى أمرٍ مُنهِك».

للإجابة عن هذا السؤال، تعاون مختبر سكريبس مع مختبر روبيرتو تشيكوشوبو بجامعة كاميرينو الإيطالية ومختبر البروفيسور لورين لاري بارسونز، وهو باحثٌ ذائع الصيت في مجال الإندوكانابينويد والتوتر وإدمان المخدرات تُوفّي سنة 2016.

شملت الدراسة فئران تجارب مُختارة جينيًّا من حيث إدمانها على الكحول وتعرّضها لنمطٍ ظاهريّ متوتر، وتُبدي طفرةً على مستوى جينومCrhr1 المسؤول عن تهييج مستقبلاتCRF .باستعمال مقارباتٍ سلوكية وكيميائية-عصبية وفيزيولوجية كهربائية، وجد الباحثون أنّ ارتفاع إشارات CRF المُرسلة زاد من نشاط (الحمض الدسم أميد الهيدرولاز-Fatty Acid Amide Hydrolase (FAAH))، أنزيم الأنانداميد، وكذلك تسبّب في انخفاض مستويات الأنانداميد.

يؤدّي هذان التغيّران إلى ضعفٍ في التحكّم في الإثارة العصبية للنواة المركزية للوزة، بالتالي تقليص قدرة الدماغ على تنظيم مستويات التوتر والقلق.

خلُص الباحثون إلى أنّ الاختلال في تنظيم آليات CRF-FAAH يعرقل عمل الأنانداميد، ودون هذا الأخير، يفقد النظام توازنه.

ستركّز المرحلة القادمة من نفس الدراسة أيضًا على فئران التجارب من أجل فهمٍ أفضل للعلاقة بين القلق الحادّ وإدمان الكحول، يمكن أيضًا دراسة اضطراب ما بعد الصدمة، إذ يؤدّي القلق إلى الزيادة في احتمال إدمان الكحول.

يقول تشيكوشوبو: «تفضي نتائج هذه الدراسة، بالإضافة إلى فهمٍ أعمق للأسباب العصبية خلف إدمان الكحول والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، إلى تطوير سُبُل علاج هذه الاضطرابات».


  • ترجمة: عبد العزيز برقوش
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر