إطلاق الصواريخ أمرٌ صعب، مكلف، ويتطلب كمية هائلة من الوقود، وانفجار عوادمها يلوّث الغلاف الجويّ.

فكرةٌ جديدة يبدو أنها خارجة من صفحات الخيال العلمي يمكن أن تحلّ هذه المشاكل: مصعد يربط الأرض بالفضاء، والمهندسون اليابانيون على وشك البدء باختباره.

في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول من العالم الجاري بدأ المهندسون في كليّة الهندسة التابعة لجامعة شيوزكا بإطلاق نموذج مصغّر من المصعد الفضائي إلى مدار الأرض: قمران صناعيّان مكعبا الشكل عرضهما 10 سنتيمتر موصولان بكبل حديدي طوله 10 أمتار.

صندوقٌ مربوطٌ بمحرك يسافر ذهابًا وإيابًا على طول الكبل بين القمرين الصناعيين، بينما تراقب تقدّمه كاميراتٌ مركبة على القمرين الصناعيين.

أخبر متحدثٌ باسم الجامعة وكالة الصحافة الفرنسية AFP: «إن هذه أول تجربة من نوعها في العالم لاختبار حركة مصعدٍ في الفضاء».

حلم المهندسون بالمصعد الفضائي لما يزيد عن مئة عام، منذ خرج العالم الروسي قسطنطين تسيلكوفيسكي بالفكرة بعد رؤيته برج إيفل عام 1895، ومنذ ذلك الوقت سجّلت التكنولوجيا عدة مشاركات في مجال الخيال العلمي.

في البداية، يجب أن يُبنى المصعد من مادة خفيفة بحيث لا تنهار تحت ثقل وزنها، لكن يجب أن تكون هذه المادة قوية كفايةً لتتحمل التوتر الناتج عن القوة النابذة التي تؤثر على ثقل المصعد بعيدًا عن الغلاف الجوي للأرض، لتُبقي المصعد عموديًا.

يجب أن تصمد هذه المادة أيضًا أمام قوة الجاذبية للأرض، والشمس، والقمر، والتوترات الناتجة عن الظروف الجوية للأرض كالعواصف.

شركة البناء اليابانية (أوباياشي كورب – Obayashi Corp)، والتي تعمل مع جامعة شيزوكا، أعلنت في وقت سابق أنها تأمل الحصول على مصعد فضائي بحلول عام 2050، وهذا سيتضمن محطة فضائية بمدار ثابت وعلى ارتفاع 35 ألف كيلومتر وبحبل مربوطٍ بالمحيط الهادئ.

تم اختيار تقنية أنابيب النانو الكربونية للكبل، ولكن هذا ليس باحتمالٍ وارد لسبب، هو أننا لا نمتلك التكنولوجيا لصناعة أنابيب نانو كاربونية حتى إلى أقرب النماذج المطلوبة لإنتاج كبل بطول 96 ألف كيلومتر.

ولسبب آخر، حتى لو تمكّنا من صنعه فالمادة لن تكون قوية كفاية، بحسب المهندس كيث هينسون فإن تطبيق ضغطٍ كافٍ سيجعل روابط الكاربون الثمانيّة غير مستقرة؛ ما يعني أن الكبل سينفلت كخيوط الجوارب، لكن ما زال الفريق الياباني متفائلًا.

يقول يوجي إيشيكاوا، المهندس في جامعة شيزوكا: «نظريًا، إن المصعد الفضائي أمرٌ قابل للتصديق بشكل كبير، عندها سيصبح السفر إلى الفضاء أمرًا شائعًا في المستقبل».

من الممكن أن تظهر مادة عجيبة في الثلاثين سنة المقبلة تلبّي متطلبات وجود مصعدٍ فضائيّ.

وعندما يحين ذاك الوقت، فإن الحصول على بيانات الاختبار الأساسيّ على الأرض سيكون أمرًا لا يقدّر بثمن.


  • ترجمة: مازن سفّان
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر