تجربة جديدة باستخدام طول موجات الفوتونات أُنشِئت قبل أكثر من 7.8 مليار سنة تقترح التالي:

إذا كان هناك تفسيرٌ كلاسيكيٌ فيزيائيٌ لهذه الظاهرة، فإنه مخفي بشكلٍ جيدٍ للغاية.

دفع هذا العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى تغيير قيود التجربة التي أجروها العام الماضي، والتي استخدمت الضوء الساطع من نجمٍ قريبٍ. في هذه المرة استخدموا الفوتونات من مسافةٍ أبعد، تلك التي بدأت رحلتها قبل فترة طويلة من اشتعال شمسنا. التشابك غريب، لا شك في ذلك، إلى درجة أن عقولًا لامعة مثل آينشتاين لم تتقبّل هذه الظاهرة، ما جعلهم يرفضون وصف التشابك بالشبحي. شيء آخر يجب أن يكون هو السبب حسبما اعتقدوا.

من يمكنه أن يلومهم؟ فإن هذه الظاهرة تعتمد على فكرة محيّرة للعقل. لا تملك الجسيمات خصائصَ محدّدةً بوضوحٍ حتى تتفاعل مع الجهاز الذي يقيسها. الزخم والدوران والوضع.. هذه الخواص منطقية فقط عندما ننظر بما فيه الكفاية إلى الجسيم. دون ذلك، هذه الخواص ليست حقيقية، على الأقل ليست حقيقية بالمعنى التقليدي.

فما الوضع إذا كان هناك جسيمان لهما خواص متشابكة بطريقة ما، مثل تلك التي تظهر عندما يتشكّلان معًا؟

اكتشف أينشتاين إمكانية قياس خواص جسيم ومعرفة شيء فعلي عنه على الفور. لا تزال الإجابة تحيّر عقولنا اليوم. في اللحظة التي يُقاس فيها الجسيم، فإن الآخر بغض النظر عن مكان وجوده في الكون ينتقل من كونه طمس الاحتمالية إلى إمكانية الحصول على قياس محدد أيضًا. يبدو الأمر كما لو كنت تشتري حذاءً، لكنه ليس حقيقيًا حتى تصل إلى المنزل وتفتح صندوق الأحذية. عندها تلاحظ أنك لم تحصل إلا على الفردة اليسرى، والتي حصلت عليها تلقائيًا وعشوائيًا (ربما يمين أو يسار).

في الستينيات من القرن الماضي، توصّل عالم فيزيائي أيرلندي يدعى جون ستيوارت بيل إلى مجموعة من البراهين تُظهر أن ميكانيكا الكم خاطئة -وهو أمر غير محتمل أو صحيح- ولا توجد في الواقع قوانين خفية تعمل خلف الكواليس يمكن أن تفسّر هذه الغرابة. ما زالت نظرية بيل تترك بعض التفسيرات المحتملة، بما في ذلك احتمال ضئيل بكوننا مخطئين بشأن ميكانيكا الكم. لكن الفيزيائيين يستبعدونها ببطء واحدًا تلو الآخر.

أحد الخيارات الثابتة هو ثغرة حرية الاختيار. ربما عندما نقرّر ما نقيس في جسيم، فهناك بعض الآثار الحتمية التي تخلق وهم العلاقة بين خصائص الجسيمات. إذا كنت تجلس في محل الأحذية ورفعت قدمك اليسرى، فقد يلاحظ صاحب المتجر خلف المنضدة ويمسك الفردة اليسرى من أجلك بينما تمسك أنت بقدمك اليمنى. من المؤكد أنها خدعة، لكنها ما تزال فيزياء كلاسيكية، بمعنى أن الكون سيعمل تحت إشراف خدمة الرسائل المألوفة ذات السرعة الخفيفة بدلًا من شيء غريب مثل عالم الكم. إن إنشاء أزواج من الفوتونات ومن ثم تحديد ما يجب قياسه بالضبط في المختبر يترك مجالًا واسعًا للفيزياء الكلاسيكية المكافئة لصاحب المتجر لخلق الوهم بوجود علاقة غامضة. لكن وضع مسافةٍ ما بين اختيار القياس وعملية القياس الفعلية من شأنه أن يجعل تلك الخيارات أصعب من خلال تأثير غير واضح.

في العام الماضي، استخدم فريق معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ضوءًا من نجم قريب يعود لستة قرون، ليكون بمثابة عملة معدنية فلكية في تقرير ما يجب قياسه في تجربة التشابك. في هذه المرة تابع الفريق زوجًا من النجوم الزائفة (Quasars)، وهي النوى النشطة للمجرّات البعيدة. انبعث الضوء من أحدها قبل 12.2 مليار سنة، والضوء من المسار المحدّد الآخر قبل حوالي 7.8 بليون سنة. ألقى زوج من التلسكوبات نظرة على ألوان كل منهما، واستخدمهما في تقرير كيفية قياس استقطاب كل فوتون في زوجٍ تمّ شبكه في مختبر منفصل.

في التجربتين وجد الفريق تشابكًا بين 30000 زوج من الفوتونات، والذي يتجاوز بكثير ما كان بيل يحسبه ضروريًا لتفسير حرية الاختيار. هذه الفجوة الهائلة للزمن والمسافة لا تترك سوى فرصة ضئيلة للغاية لتفسير كلاسيكي وراء الكواليس. فرصة التفسير الكلاسيكي الآن حوالي جزء واحد من مئة مليار.

إذا كانت هناك مؤامرة لمحاكاة عالم الكم بواسطة آلية كلاسيكية، فإن هذه الآلية كان عليها أن تبدأ عملياتها بطريقة ما بمعرفة متى وأين وكيف ستجري هذه التجربة بدقة شديدة، على الأقل قبل 7.8 مليار سنة.


  • ترجمة: أحمد طريف المدرّس
  • تدقيق: علي فرغلي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر