عاصفة شاملة من الغبار على المريخ تُهدِّد مُستقبل مركبة التجول Opportunity التابعة لوكالة ناسا الفضائية، وهي الروبوت الأطول عُمرًا على هذا الكوكب.

تم إطلاق المركبة ذات حجم عربة الجولف ناحية المريخ في يونيو 2003، هبطت في يناير 2004 وكان من المُفتَرَض أن تدوم لمدة ثلاثة أشهر. لكن اليوم، تبلُغ المركبة 15 عامًا وتجوَّلت عبر الكوكب الأحمر لمسافات أكثر من الأميال المقطوعة في الماراثون مُستخدِمةً الطاقة الشمسية.

لكن يبدو وأنّ مركبة Opportunity في ورطة الآن!

وذلك بفضل عاصفة الغبار الشامِلة للكوكب، والتي استمرَّت مُدةً طويلةً، والتي قد استمر اجتياحها حتى الآن قرابة الشهرين، وقد انطفأت المركبة وانقطع الاتصال بينها وبين الوطن.

تنشأ عواصف الغبار الشامِلة مرّة كل عامين وتُحيط الكوكب بضباب أحمر خافِت، لكن أشارت وكالة ناسا أنّ هذه العاصفة «واحدة من أشد العواصف» التي تم رصدها.

أخبر ستيف سكواير-عالم كوكبيات وقائد مُهمة المركبة- الكاتِب أ.ج.س. رايل حول مقالة في مدونة (مجتمع الكواكب – Planetary Society): «تُعد هذه أسوأ عاصفة شهدتها مركبة Opportunity، ونحن نفعل ما بوسعنا، نشبِك أصابعنا ببعضها ونأمل فيما هو أفضل».

لماذا تُهدد العاصفة الترابية مركبة Opportunity؟

لم يحجب هذا الحدث في طقس المريخ الضوء عن لوحات مركبة Opportunity الشمسية فحسب، بل أيضًا قام بتغطيتها بالتراب الناعم.

وقد قلّلت تلك اللكمتين المُتتاليتين من قُدرة المركبة على تخزين واستخدام الطاقة الكهربائية بشكل مهول.

يُعد البرد أمرًا بالغ الأهمية على المريخ، فقد تنخفض درجة الحرارة في الشتاء إلى -73 درجة مئوية قُرب خط الاستواء.

يُمكن لهذه البرودة أن تُقلِّص من الرقائق المعدنية في الدوائر الكهربائية وتُتلفها.

توجد بعض الأزرار الصغيرة مصنوعة من مادة نووية تُسمّى بلاتونيوم-238 تُساعد في إبقاء دائرة مركبة Opportunity دافئة، لكنها لا تدوم إلى الأبد وقد تحلّلت بشكل كبير، لذا فهي ليست دافئًة كفاية لحماية أنظمة المركبة بشكل كامل.

وهذا يعني أنّ المركبة مازالت في حاجة إلى كهرباء للإبقاء على بطاريتها مشحونة، وكذلك تشغيل السخّانات المسؤولة عن تدفئة الدائرة والتواصل مع وحدة التحكم في المهمة التابعة لناسا على الأرض.

يُعد استهلاك البطاريات مشكلة أيضًا. فكُلّما طال بقاؤها خامِلة، زادت سِعة التخزين الكهربائية التي تفقدها.

وتقول ناسا أنه إذا لم تنتهِ العاصفة قريبًا، ولم تكشف شياطين الغبار المرّيخي الأتربة عن اللوحات الشمسية للمركبة، فهُناك احتمالية أن تضعف البطاريات أو يحدث تدهور في الجهد الكهربي.

وإن حدث ذلك، أو لم تستطع المركبة إصلاح بعض هذه الأعطال، فسوف ينتهي المطاف بمركبة Opportunity لنفس مصير مركبة Spirit -وهي مركبة مُتجوِّلة مُشابهة تمامًا لها- توقَّفت مركبة Spirit عن الاتصال بوكالة ناسا في مارس 2010، خلال شتاء المريخ.

وحاول المُهندسون إعادة الاتصال بها لأكثر من عام قبل أن يعتبروها قد انتهت. والآن، من المُحتمل أنّ مركبة Spirit هي مُجرّد روبوت آخر ميت على سطح الكوكب الأحمر.

والآن مع الأخبار الجيدة

صرحت وكالة ناسا في بيان صحفي عُقِد في 16 أغسطس: «هُناك سبب يدعونا للتفاؤل» يبدو أنّ العاصفة قد بدأت تضعف. هذا يعني أنّه من المُحتمل أن يصل ضوء شمس كافٍ إلى الألواح الشمسية للمركبة opportunity قريبًا لشحن بطارياتها وجعلها تتصل بالوطن.

كما صرحت الوكالة أيضًا أنّ البطاريات ما زالت في حالة جيدة نسبيًا قبل العاصفة، لذا، ليس من المُرجَّح أن يكون هُناك الكثير من الأضرار. حيثُ تميل العواصف الترابية إلى رفع درجة حرارة الجو المُحيط، وسيُساعد ذلك في تخفيف أضرار الدائرة نتيجة البرد الشديد.

أشار مُمثِّل لوكالة ناسا في حديثٍ له: «مركبة Opportunity ليست آمنة حتى الآن، وليس هناك جديد عن حالة المركبة».

ما يعني أنّ الوكالة مازالت في انتظار الاستجابة.

تُعد هذه الحالة واحدة من أطول الفترات التي انطفأ فيها روبوت يعمل بالطاقة الشمسية على المريخ لتخزين الطاقة.

لقد أطالت مركبة Opportunity بالفعل من عُمرها الافتراضي إلى عِقد ونصف، لذا فإنّه حتمًا وقتها يقرب على الانتهاء.

تقول وكالة ناسا: «حتى وإن حصل المُهندسون على استجابة من المركبة، هُناك احتمالية مؤكَّدة أنّها لن تكون مثل سابِق عهدها. لن يعرف أي أحد ما هو حال المركبة إلا عند استجابتها».


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح
  • تدقيق: منّة حمدي
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر