في الشهر الماضي أعلن مجموعة من الباحثين، في المؤتمر العالمي الثاني والعشرين لمرض (نقص المناعة المكتسبة –AIDS)  في أمستردام، أنّه بالرغم من أنّ محاولاتهم لمنع المرض لم تنتهِ بعد، لكنّهم يعلمون أنّ العلاج سيكون ناجحًا.

هذه ليست الدراسة الأولى من نوعها التي تحقّق هذا النجاح؛ فمنذ عدّة أعوام توقّفت أحدى الدراسات مبكرًا لأنّ العلاج كان يعمل بشكلٍ واضحٍ.

كان كلا الفريقين يبحثان في طريقةٍ علاجيّةٍ تُسمّى (prEP) والتي تحمي الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالفيروس من إصابتهم بالمرض.

واحد من إصدارات هذا العلاج يُسمّى (تروفادا –Truvada)، وهو متاح الآن في الولايات المتحدة، وهناك أبحاث واعدة في أدوية أخرى.

ولكن بالرغم من أنّ (prEP) تهدف إلى صد العدوى، إلا أنّها لا تعد تحصينًا.

إذًا فما هي طريقة (prEP) بالضبط؟

بالرغم من أنّ (prEP) مرتبطة غالبًا بعلاج الإيدز، فإن هذا المصطلح والذي يعني (الوقاية قبل الإصابة – pre-exposure prophylaxis) يشير إلى استراتيجيّةٍ دفاعيّةٍ تتضمّن تعاطي الدواء لمنع العدوى التي تدخل إلى الجسم عن طريق الانتشار.

يقول دكتور جاريد بايتين، أستاذ الصحّة العامة والوبائيات في جامعة واشنطن: «هذه التقنية مشابهة لنفس التقنيّة المُستخدَمة في عقاقير تحصين الملاريا، والتي يتعاطاها الناس باستمرار إذا سافروا إلى مناطقٍ ينتشر فيها مرض الملاريا. فإذا سافر شخصٌ ما إلى مكانٍ ما من المُحتمَل أن يتعرّض فيه للطفيل المُسبب لمرض الملاريا، فإنّ وجود الدواء سلفًا يجعل من الصعب على الطفيل الترسخ والانتشار. الأمر ذاته ينطبق على مرض نقص المناعة المكتسبة، فإذا كان الشريك الجنسيّ لشخصٍ ما مصابًا بالمرض أو قد يُصاب به أو يتشارك الحقن مع مرضى إيدز آخرين، فإنّ طريقة (prEP) قادرة على حمايته من التعرّض للمرض».

يقول دكتور دانيل كوريتسكيز، رئيس قسم الأمراض المُعْدِيَة في مستشفى (Brigham and Women) في بوسطن: «طريقة (prEP) العلاجيّة مُعتمَدة في الولايات المتحدة، تروفادا وهو قرص دواءٍ يحتوي على نوعين من العقاقير ويؤخذ يوميًا. هذا العقار، المطوّر أساسًا لعلاج مرضى نقص المناعة المكتسبة، ينتشر في الخلايا التائيّة في الجسم والتي تُعد نوعًا من الخلايا المناعية».

ويُضيف: «الخلايا التائية هي نفس الخلايا التي يستهدفها فيروس الإيدز، لذلك إذا كانت تلك الخلايا تحتوي على كمياتٍ كافيةٍ من جزيئات الدواء فإنّها ستستطيع منع الفيروس من التضاعف في داخلها، أي أنّها تقضي على الطفيليات قبل أن تتكاثر. ولكنّ التروفادا لا يستطيع البقاء في الجسم لفتراتٍ طويلةٍ، لذلك يحتاج المرضى إلى تعاطي أقراص الدواءشكلٍ مستمرٍ».

يقول بايتين: «تعمل فِرَقُ البحث على طرق (prEP) أخرى بما في ذلك الحقن والحلقات المهبلية والزرع المهبلية. وكما في تحديد النسل، الخيارات العديدة تعني أنّ هناك استراتيجية مناسبة لكلّ مريضٍ. رُبّما يريد بعض المرضى علاجًا لا يكونون مرغمين على تذكره دائمًا، أو رُبّما يفضّل بعضهم ألا يراه أحد يتناول الأقراص يوميًا. فهذا هو جمال تجربة الاختيارات المتعددة، فكلّ شخصٍ يحصل على وسيلةٍ مناسبةٍ وفعّالةٍ».

تقريبًا انتهت المحاولات اللازمة للتأكّد من فعالية وأمان حلقات (prEP) المهبلية، كما أنّ حقن (prEP) ربّما ستصبح متاحةً بعد ثلاثة أعوامٍ. الوسائل المزروعة ستكون بعيدةً إلى حدٍ ما، رُبّما من 5 إلى 7 سنواتٍ، بحسب تقدير كوريتسكيز.

يقول بايتين بأنّه يتوقّع أنّ من النادر حدوث أعراضٍ جانبيّةٍ لهذه الوسائل ويأمل ذلك كوريتسكيز أيضًا.

وعلى النقيض من ذلك، فإنّ الأشخاص الأصحاء لن يتعاطوا الأدوية الوقائية إذا كانت تلك الأدوية مُضرةً لهم أو ستجعلهم مريضين، كما يقول بايتين.

أيضًا لا توجد أيّ طريقةٍ للتراجع عن آثار الحقن التي تدوم طويلًا بمجرد إعطائها للمريض، لذلك وسيلة الحقن تحديدًا تحتاج إلى فهمٍ جيّدٍ للغاية، بحسب ما يقول كوريتسكيز.

ويضيف كوريتسكيز: «تروفادا من الممكن أن يُسبّب الغثيان للمرضى في البداية، وربّما يلاحظ بعض المرضى انخفاضًا في كثافة العظام. ولكن هذه الأعراض الجانبيّة لم تؤدِّ إلى أيّ زيادةٍ ملحوظةٍ في إصابات العظام طبقًا لجميع الدراسات السريريّة، وتعود قوّة العظام إلى ما كانت عليه إذا توقف المريض عن تعاطي الدواء. وفي بعض الحالات النادرة للغاية، من الممكن أيضًا أن تحدث بعض المضاعفات للكبد».

ويُشير أيضًا: «ومع قيام الباحثين بتجربة لأساليب (prEP) جديدة، تقوم بعض الفرق بتطوير تروفادا عن طريق تعديل واحدٍ من العقارين المستخدمين فيه بحيث يكون له تأثير أقل على كثافة العظام. ولكن حتى مع هذه التحسينات هناك طريقة واحدة للتأكد من أنّ طريقة (prEP) العلاجيّة فعّالة ألا وهي زيارة الطبيب الذي يقوم بسؤال مرضاه عن حياتهم الجنسية».

طبقًا للدراسات فإنّ الرجال على وجه الخصوص هم أقلّ عرضةً لزيارة الأطباء، حتّى بالرغم من أنّ الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين هم واحدة من المجموعات المعرّضة لخطر الإصابة بالإيدز. وأطباء الرعاية الأولية -وهم الأطباء الذين يقومون غالبًا بإجراء الفحوصات الطبية- عليهم أن يسألوا مرضاهم السليمين من مرض الأيدز عن حياتهم الجنسية ليروا ما إذا كانوا بحاجةٍ للحصول على (prEP).

طريقة (prEP) العلاجية  تكون مفيدةً للناس إذا وصفها الأطباء فقط.


  • ترجمة: مينا أبانوب
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر