في نوفمبر من عام 2009 لم يكن لدينا أي علم عن شكل الكوكب القزم بلوتو، لم نكن نعرف حقيقة وجود بوزون هيجز. كنا قد بدأنا ندرك بأن الإنسان تزاوج مع النياندرتال.

في ذلك الشهر أيضًا انطلق البرنامج الإذاعي العلمي الكوميدي على راديو بي بي سي (BBC) قفص القرود اللانهائي (The Infinite Monkey Cage)، يقدم البرنامج الأستاذ براين كوكس (Brian Cox) والمذيع الكوميدي روبن إينس (Robin Ince).

والآن بعد مرور ما يقارب من 10 سنوات من البرنامج، بُثت الحلقة رقم 100 في يوم الأربعاء 11 يوليو مع عدد كبير من الضيوف ومنهم نيل ديجراس تايسون (Neil deGrasse Tyson) وأليس روبرتس (Alice Roberts).

ولكن كان لموقع iflscience لقاء مع براين وروبن قبل تلك الحلقة المهمة لأخذ رأيهم عن العلم في العقد الماضي، ما هي أهم الاكتشافات من وجهة نظرهم؟ ما هو أكبر تهديد يواجه كوكبنا الآن؟ هل يمكن أن يقبلوا أن يعيشوا على المريخ؟ وإليكم هذا اللقاء.

كيف هو شعوركم بعد الوصول للحلقة رقم 100 من برنامجكم قفص القرود اللانهائي؟

  • براين: «الشعور مختلف تمامًا، في الحلقة الأولى كان البرنامج عبارة عن عرض من استوديو صغير، وكان الاقتراح أن يسمى (Top Geek)».
  • روبن: «حاولوا فعلُا تسميته بهذا الاسم مشابهًا لبرنامج (Top Gear) ولكن للعلوم، ولكننا كنا ضد تلك الفكرة تمامًا. قدمت (مخاطبًا براين) برنامجًا عن أخبار العلم في أسبوع بالاشتراك مع كيفين فونج (Kevin Fong) وآدم روذرفورد (Adam Rutherford)».
  • براين: «بالفعل ولكن لم ينجح، لم يستطع أحد أن يفرق بيننا، كانت الفكرة مجرد ثلاثة علماء بأصوات متشابهة وآراء متقاربة جدًا، وكانت الأولوية للحقائق قبل أي شيء آخر. بعدها فكروا لماذا لا نشرك شخصًا كوميديًا. لم أكن أعرف روبن قبلها».
  • روبن: «تقابلنا لمرتين وكنت ضيفًا على البرنامج، ومن ثم بدأت العمل في الوظيفة التي استمرت لـ 100 حلقة. في أول موسمين كانت هناك بعض الأشياء التي أرادوها، فمثلًا كانت لدينا استعراضات في الموسم الأول، كما استضفنا مات باركر (Matt Parker) والذي يقدم عروضًا باستخدام الرياضيات بصورة رائعة. ولكن بعد موسمين أدركوا أنه يمكننا أن نقدم برنامجًا لمدة نصف ساعة من الحوار حول العلم دون السخرية أو التقليل من العلم».

ما هي أهم الاكتشافات العلمية منذ بدأتم البرنامج في نوفمبر 2009؟

  • براين: «بوزون هيجز بالتأكيد».
  • روبن: «الغريب أنهم اكتشفوه بعد أن تركت العمل في سيرن، وكأنهم انتظروا ابتعادك ليحققوا ذلك الاكتشاف».
  • براين: «بصفتي عالم فيزياء الجسيمات، لقد انتظرت تلك اللحظة طيلة عمري».
  • روبن: «أنا أحب قصة النياندرتال، لقد قابلت العالم سفانت بابو (Svante Pääbo) الذي قام بالجزء الأكبر من البحث الجيني، عند حصولهم على تسلسل الحمض النووي ساهم ذلك بصورة مباشرة في تحديد مدى تزاوج وارتباط البشر الحاليين (الإنسان العاقل) بالنياندرتال».
  • براين: «إنها ثورة تكنولوجية، لقد كان تحديد تسلسل الحمض النووي مكلفًا جدًا وصعبًا جدًا في عام 2009 ولكن الآن أصبح سهلًا ورخيصًا، وهو ما ساعد على العديد من الاكتشافات في مجال البيولوجيا. كذلك وصلنا إلى بلوتو، لم نكن نعرف شكله وقتها. المركبة كاسيني كانت في بداية فترة عملها، والآن نعرف الكثير عن زحل بسببها».
  • روبن: «في رأيي الصور القادمة من المركبة كيوريوسيتي (Curiosity) عندما هبطت على سطح المريخ لأول مرة في أغسطس 2012 أعطتني شعورًا رائعًا كيف استطعنا تصوير كوكب آخر بكل تلك الدقة».

إحدى أوائل الصور الملونة التي التقطتها كيوريوسيتي للمريخ في يوم 8 أغسطس 2012، بعد وصولها للمريخ بـ 3 أيام.

 وما هو الاكتشاف الأقل تفضيلًا في العقد الأخير؟

  • براين: «لا أعتقد بوجود شيء كهذا، قد تكون عالمًا وضعت نظرية ولكن يأتي اكتشاف يثبت خطأ نظريتك. ولكن العالم الحقيقي سيسر بحدوث هذا الاكتشاف، لتعلمنا شيئًا جديدًا بخصوص الكون. لذلك لا أعتقد أنه يمكن أن نندم على تعملنا لأي معلومة جديدة».

هل كنت تتمنى اكتشاف شيء ما ولم يتحقق حتى الآن؟

  • براين: «أعتقد أن أغلبنا ممن عملوا في مصادم الجسيمات الكبير ظنوا أننا سنصل لنظرية تشبه التناظر الفائق، والتي تستطيع تفسير للمادة المظلمة. من الغريب والمفاجئ نسبيًا أننا لم نصل لتفسير مشابه حتى الآن. إذا سألتني في 2009 قبل تشغيل المصادم لكنت قلت بأننا ربما نصل لجسيم يشبه بوزون هيجز كما سنكتشف التناظر الفائق كذلك».

في مارس 2018 رحل عنا العالم ستيفن هوكينج، في رأيكم ماذا خسر العالم بشدة عن وفاته؟

  • براين: «كان هوكينج فريدًا، لقد كان أحد أعظم علماء جيله بدون شك. كذلك ساهم بشدة في جذب الرأي العام للعلم. لقد كان رمزًا، ومن الجميل أن نجد عالمًا مشهورًا لتلك الدرجة. لقد كان يساهم علميًا حتى نهاية حياته ولذلك يمثل موته خسارة هامة، وإضافةً إلى ذلك فقدنا أهم رمز علمي في العالم، وهذا بالتأكيد لا يعوض».
  • روبن: «لدى هوكينج صفحة كبيرة على موقع قاعدة بيانات الأفلام (IMDb)، ستجد له مواضيع مثيرة كقصة البشرية أو مدخل إلى الفيزياء».
  • براين: «حياته فريدة من نوعها. يقول عالم الفضاء كارلوس فرينك (Carlos Frenk) أن هوكينج ابتكر طريقته الفريدة الخاصة في التفكير بسبب إعاقته الجسدية. لم يستطع كتابة المعادلات على سبيل المثال، لذلك لم يكن قادرًا على التعامل مع الرياضيات بالطريقة المعتادة. بدأ يفكر بشكل هندسي أكثر، وهو ما كان مفيدًا جدًا لفهم النسبية العامة. أعطته تلك الطريقة وسيلة لا يمتلكها الفيزيائيون الآخرون. وهو ما جعله يصل لاكتشافات لم يكن ليصل لها العلماء الآخرون لمدة طويلة».

Programme Name: The Infinite Monkey Cage – TX: 19/01/2015 – Episode: n/a (No. n/a) – Picture Shows: (L-R) Professor Brian Cox, Robin Ince – (C) BBC – Photographer: Richard Ansett

احتفلنا منذ فترة قصيرة بعيد ميلاد هنريتا سوان ليافيت (Henrietta Swan Leavitt) إحدى الأبطال المجهولين في علم الكونيات، والتي ساعدت في اكتشاف أن مجرتنا هي واحدة بين العديد من المجرات. من هم أبطالكم المجهولين من العلماء؟

  • براين: «هنريتا هي مثال جيد في الحقيقة، لقد كانت مثلًا على رؤية ما لم يره الآخرون في البيانات، حيث كانت تتعامل مع تلك البيانات بصورة يومية. كما أن مقاييس المسافات في الكون والمبنية على عملها ستظل ميراثًا قيمًا لها. كذلك إيمي نويثر (Emmy Noether) يوجد بالفعل ما يسمى بمبرهنة نويثر، حيث كتبت عن صلة قوية بين التماثل وقوانين الحفظ مثل قانون حفظ الطاقة وقانون حفظ الزخم. تلك الصلة تدرس في كل الكتب العلمية. ولكنك لن تعرف عنها قبل السنة الثانية أو الثالثة في الدراسة الجامعية.
  • روبن: «هل سمعت عن موقع ترويل بلازيرز (Trowel Blazers)؟ إنه موقع رائع عن السيدات اللائي عملن في مجال علوم الأرض بصورة واسعة. كل أسبوع تجد شخصية جديدة مبهرة».

في العشر سنوات الأخيرة لاحظنا بزوغ نجم إيلون ماسك، والكثير من المناقشات حول استيطان المريخ. قلت سابقًا يا براين بأنك لن تقبل أن تعيش على المريخ. هل غيرت رأيك؟

  • براين: «لا».
  • روبن: «بالطبع، فلديك منزل رائع بفرنسا».
  • براين: «المريخ مكان سيئ جدًا للحياة. سيتطلب الأمر نوعًا خاصًا من رواد الفضاء. الأمر يختلف تمامًا عن السفر إلى القمر أو البقاء في محطة الفضاء الدولية حيث تبعد بضع ساعات عن الأرض. لم يبتعد أي شخص كل تلك المسافة عن الأرض، ونحن هنا نتحدث عن شهور أو ربما سنة كاملة تستغرقها الرحلة. أعتقد أن هذا تحدٍ لم نفهمه بصورة كاملة بعد».
  • روبن: «حتى رواد أبوللو الذين صعدوا إلى القمر لأيام قليلة، كانت تلك المدة كافية لتغييرهم نفسيًا بصورة كبيرة. يبدو أن بعدهم عن الأرض بتلك المسافة ترك عليهم تأثيرات مختلفة جدًا. كذلك هناك مشكلة البديل الزائف، حيث تتطلع وتفكر أننا يجب أن نعمر كوكبًا آخرًا ولكن هذا الكوكب بالتأكيد غير صالح للحياة في هذه الفترة من عمره».

الحياة على المريخ ليست ممتعة في رأي براين كوكس.

لقد شاركت في يوم الكويكبات يا براين في يوم 30 يونيو، لمناقشة طرق حماية كوكبنا من الكويكبات. ولكن في رأيك ما هو أكبر خطر يواجه الكوكب حاليًا؟

  • براين: «من غير الوارد أن يصطدم كوكبنا بكويكب ضخم، نحن نعرف كل الكويكبات الكبيرة فعلًا، بالطبع ليس كل الكويكبات، ولكن تلك الكبيرة بحجم الكويكب الذي أدّى إلى انقراض الديناصورات. لكننا لا نعلم عن كل الكويكبات الكافية لتدمير مدينة مثلًا أو التي تكفي لتدمير دولة صغيرة. ولكن من وجهة نظري، ما زال غباء البشر هو السبب الأقرب لتدمير البشرية. أعتقد أن أقرب سبب لتدمير البشرية هو الحرب النووية إن كانت متعمدة أو ناتجة عن طريق الخطأ. يستطيع العلم التغلب على الأخطار بعيدة المدى، ولكن قريبة المدى التي يتسبب بها البشر هي التي تمثل الخطر الأكبر.

  • ترجمة: جورج فام
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر