إدمان الجنس ليس مرضًا عقليًا، لكنك معذور إن اعتقدتَ أن (منظمة الصحة العالمية – the World Health Organisation) ستدرج الآن إدمان الجنس كحالة عقلية قابلة للعلاج.

بعد أن طرحت منظمة الصحة العالمية أحدث تحديثاتها حول التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) على الإنترنت، بدأت العناوين الملتهبة في التدفق:

وكانت إحدى التعليقات: «إدمان الجنس الآن هو مرض عقلي». وقال آخر: «إدمان الجنس هو اضطراب في الصحة العقلية».

وفي الحقيقة هذا ليس صحيحًا، فلا يوجد شيء في لغة منظمة الصحة العالمية الجديدة يشير إلى أن الدوافع الجنسية تُصنَّف الآن على أنها «إدمان جنسي».

هناك أنواع أخرى من الإدمان تعترف بها حقًا منظمة الصحة العالمية، بما في ذلك المقامرة، ومشاكل تعاطي المخدرات، واضطراب اللعب بألعاب الحاسوب الذي أُضيف مؤخرًا.

أما فيما يتعلق بالجنس، فإن الطبعة الأخيرة من التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) تشمل اضطراب السلوك الجنسي القهري، وهي حالة جديدة لم تكن مدرجة في التصنيف الدولي للأمراض – (ICD-10).

وحسب الكُتيِّب فإن هذا الدافع «يتميز بنمط متواصل من الفشل في السيطرة على الدوافع أو الحوافز الجنسية المتكررة مما يؤدي إلى سلوك جنسي متكرر».

وسنعرض هاهنا بعضًا من الأعراض التي قد يواجه الإنسان مشكلة فيما يتعلق بهذا النوع من الجنس القهري، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، كما يلي:

  • تصبح الأنشطة الجنسية المتكررة نقطة تركيز أساسية في حياة الشخص، لدرجة إهمال الرعاية الصحية والعناية الشخصية أو الاهتمامات والأنشطة والمسؤوليات الأخرى.
  • الفشل في محاولات عديدة للحد فعلًا من السلوك الجنسي المتكرر.
  • استمرار السلوك الجنسي المتكرر، على الرغم من العواقب السلبية أو عدم الحصول على الرضا من ممارسة الجنس.

وتعد مشكلة حقيقية تعيق الحياة، ولكنها قد لا تسير بنفس الطريقة التي يسير بها الإدمان، وهناك حاجة لمزيد من الأبحاث.

الحصول على مزيد من المساعدة للأشخاص الذين يعانون من السلوك الجنسي القهري

وبحسب ما قاله (كريستيان ليندمير- Christian Lindmeier)، مسؤول الاتصالات في المقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف، لدورية «Business Insider» في رسالة إلكترونية أن إدراج الاضطرابات الجنسية القهرية في التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) يهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين يبحثون عن علاج لمشاكل جنسية على الحصول على رعاية أفضل.

وقد أشارت بعض التقارير الإخبارية إلى أن التغيير، الذي سيبدأ سريانه في عام 2022 (بعد اعتماد الدول الأعضاء لمنظمة الصحة العالمية النص الجديد)، قد يعني أن الأشخاص الذين لديهم سلوك جنسي قهري قد يتمكنون من الحصول على المساعدة التي تغطيها خطة الرعاية الصحية الوطنية في المملكة المتحدة.

لكن المعالجين والأخصائيين النفسيين ما زالوا يناقشون ما يستحق تسميته بـ«الإدمان»، نقاشًا حارًا كالكحول أو العقاقير التي تشمل أعراض الانطواء البدني.

ووفقًا للرابطة الأمريكية لمعلمي الجنسانية والمستشارين والمعالجين، ليس هناك «أدلة تجريبية كافية لدعم تصنيف إدمان الجنس أو الإدمان على الأفلام الإباحية على أنها اضطرابات في الصحة العقلية».

كما أن مصطلح «الإدمان الجنسي» ليس موجودًا في أحدث طبعة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (sufficient empirical evidence to support the classification of sex addiction or porn addiction as a mental health disorder)، وهو دليل يرشد الأطباء النفسيين الأمريكيين.

متى يصبح الجنس مشكلة؟

تميل برامج إدمان الجنس إلى اتباع نماذج علاج مؤلفة من 12 خطوة مشابهة لتلك التي تُطبَّق على مُدمني الخمر المجهولين، مع مزيج من جلسات جماعية وجلسات علاج فردية.

كما تَصِفُ بعض البرامج أيضًا مضادات الاكتئاب للمرضى، ومثبتات للمزاج، أو الأدوية المضادة للأندروجين، والتي تقلل من الحوافز الجنسية.

وقد صرَّحت الطبيبة المُعالجة (جينر بيشوب- Jenner Bishop) لـ Business Insider العام الماضي: «إدمان الجنس الحقيقي له سمة من سمات الصراع الداخلي والإجهاد والعجز».

ويجادل أطباء آخرون بأن أمورًا كالتكنولوجيا والجنس والأفلام الإباحية يمكن أن تتحول جميعها إلى إدمان، فهي مجرد نوع مختلف دون أعراض انطواء جسدي.

وقال عالِم الغدد الصماء (روبرت لوستغ- Robert Lustig) لـ Business Insider في وقت سابق من هذا العام، إن العديد من الأنشطة التي يمكن أن تجلب مشاعر المتعة كالتسوق، وتناول الطعام، ولعب ألعاب الفيديو، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وحتى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كلها تنطوي ضمن دائرة الإدمان عندما تصل إلى درجات مبالغ بها.

وأضاف: «إنها تفعل الأمر نفسه مع جهازك العصبي المركزي مثلما تفعل كل هذه الأدوية».

«ولكنها لا تفعل الأمر ذاته مع الجهاز العصبي المحيطي. ولكن هذا لا يلغي صفة الإدمان منها. فهي ما تزال إدمانًا، وهي مجرد إدمان دون تأثيرات محيطية».


  • ترجمة: محمد حميدة
  • تدقيق: هبة فارس
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر