أظهرت الكثير من الدراسات لعقود طويلة أن الاستهلاك المعتدل للكحول يطيل العمر عن طريق الحماية من أمراض القلب.

أحدث الأبحاث ربطت بين القليل من رشفات الخمر في الأسبوع وتقليل مخاطر الإصابة بداء السكري.

ومع ذلك في نفس التوقيت، وجدت دراسات أخرى علاقة بين الاستهلاك الخفيف والمتوسط للكحول وأمراض عصبية وأنواع معينة من السرطانات، تاركين هؤلاء -المهتمين باختيار أساليب الحياة الصحيحة أو هؤلاء الذين يأملون في الدفاع عمّا يخطّطون لمواصلة القيام به على أي حال– في حيرة كبيرة.

قطاع صحي آخر له نتائج متناقضة مع استهلاك الكحول؟ خصوبة الذكور.

دراسة جديدة نُشرت في جريدة (Andrology) تفيد بأن الرجال الذين يحتسون من 4 إلى 7 وحدات من الخمر أسبوعيًا (الوحدة تساوي 12.5 جرام من الإيثانول، بما يعادل 125 مل من النبيذ أو 330 مل من البيرة أو 30 مل من الخمور) لديهم كمية من السائل المنوي وعدد من الحيوانات المنوية أكبر من هؤلاء الذين يحتسون أقل من 1 إلى 3 وحدات من الخمر أسبوعيًا.

وعلى غرار فحوصات صحة القلب والعدد الكلّي للوفيات، وجد فريق البحث علاقة على شكل حرف U بين الكحول وتركيز الحيوانات المنوية، بمعنى أن الرجال الذين يحتسون الخمر بكميات قليلة جدًّا وهؤلاء الذين يحتسونه بشراهة وبانتظام استفادوا قليلًا بينما هؤلاء الذين في المنتصف استفادوا بشكل ملحوظ.

جاءت العينات التي تم تحليلها من 323 رجلًا والذين كانوا، بجانب شريكاتهم الإناث، يخضعون لاختبار ومعالجة التكنولوجيا الإنجابية المساعدة في عيادة خصوبة في إيطاليا.

بعض الرجال كان لديهم مشاكل في الحيوانات المنوية والبعض الآخر كان طبيعيًا.

قام الباحثون بضبط إحصائياتهم الخاصة بمثل هذه المشاكل المتعلقة بالخصوبة والعوامل الأخرى التي من الممكن أن تؤثر على جودة الحيوانات المنوية مثل العمر، مؤشر كتلة الجسم، مستوى النشاط البدني، معدّل استهلاك الكافيين، حالة التدخين، وأيام الامتناع قبل جمع العينة.

ومن المثير للاهتمام أن نمط جودة السائل المنوي للمستهلكين المعتدلين للكحول ظهر أيضًا في الرجال الذين يعانون من مشاكل في الخصوبة.

أبرزت د. إيلينا ريكي وزملاؤها العديد من الدراسات المتقدّمة مع نتائج متناقضة أبرزها دراسة كبيرة عام 2014 والتي تضمنت أن استهلاك الكحول يؤثر سلبًا على جودة الحيوانات المنوية عند مستوى 5 وحدات أو أكثر من الكحول أسبوعيًا، كذلك الارتباط يكون أقوى بحدٍّ أقصى في الرجال الذين يحتسون 25 وحدة أو أكثر.

هم يخمّنون أن التضارب في النتائج يمكن أن يكون بسبب الاختلافات في كيفية تصنيف استهلاك الكحول أو عادات شرب الخمر للأشخاص الذين خضعوا للدراسة. على سبيل المثال، العديد من الدراسات الصحية المتعلقة بالكحول والتي تشمل المقلعين عن الخمر يمكن أن تحتوي على نتائج مشوّهة لأن هؤلاء قد تجنّبوا الكحول نظرًا للآثار الضارة لشرب الخمر في الماضي (فرضية الإقلاع بسبب المرض – the sick-quitter hypothesis).

أمّا بالنسبة للآلية البيوكيميائية التي تربط المشروبات الكحولية والخصوبة، فقد حدّد الفريق الاحتمالات في كلا الاتجاهين.

يوضّح مؤلف الدراسة: «العلاقة بين شرب الكحول وجودة السائل المنوي مقبولة بيولوجيًا، فمن المعروف أن البيرة والنبيذ يحتويان على مواد عديدة الفينول مثل ريسفيراترول أو زانثوهومول، والتي ثبت أنها تتمتع بقدرة قوية على حماية وعلاج الخلايا».

«من ناحية أخرى، أثبتت دراسات مختلفة على نحو تجريبي أن الكحول له تأثير ضار على جميع مستويات الجهاز التناسلي الذكري، فهو يتداخل مع وظيفة المحور الوطائي -النخامي- التناسلي الذكري، ما يضعف إفراز الغدد التناسلية فيؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون».


  • ترجمة: مينا أبانوب
  • تدقيق: علي فرغلي
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر