هل السلوك البشري في نهاية المطاف هو نتاج للانفجار الكبير، وبالتالي حرية الاختيار ما هي إلا وهم؟ هذا ما يشرحه ألفريدو ميتري.

أحد الأسئلة الأساسية في الفيزياء تتعلق بوجود أو غياب الإرادة الحرة في الكون، أو في أي نظام مادي، أو مجموعة فرعية ضمنه.

تستند الفيزياء إلى فكرة آلية الطبيعة، ما يعني أنها تعمل كآلة. إن الآلة هي مجرد نظام، وبالتالي فهي، بحكم التعريف، مجموعة من العناصر، لكل منها وظيفة محددة وربما مختلفة، تعمل جميعها معًا لتحقيق غرض معين وعام على الجهاز كله.

على سبيل المثال، الفرقة الموسيقية هي نظام من الأشخاص، كل فرد فيها يعزف درجةً موسيقيةً مختلفةً، وكل المجموعة تسيطر عليها مخارج الآلات الموسيقية؛ يمكن للمجموعة ككل تنفيذ اللحن بشكل صحيح. في الفيزياء نقوم بدراسة النظم الموجودة في الطبيعة من خلال بناء نموذج يحاكيها على أنها واقعية كما هو مطلوب.

دعونا ننظر الآن إلى الكون كله كنظام: وفقًا لأفضل ما نعرفه، لا يمكن قياس جسيمات المواد التي تقترب إلى بعضها البعض مسافةً أقل من طول بلانك (6.62607004 × 10-34 m2 kg / s)، ما يشير إلى أنه بالنسبة للمادة، حتى إذا لم يبدُ أن الطاقة تعاني من حدود طول بلانك، فإننا نعلم من ميكانيكا الكم أن الطاقة تنتقل بين الأجسام المادية بكميات منفصلة، والمعروفة باسم الكوانتا. ومن ثم يمكن اعتبار طول بلانك أو كمات الطاقة بمثابة الأحجام النسبية “للبيكسلات” التي تشكل الكون. ومع ذلك، يبدو هذا الوصف غير كامل.

بفرض الدالة المستمرة على شكل خط مستقيم y=a*x+b

حيث a و b عوامل ثابتة ويمكن اعتبار x قيمةً اعتباطيةً، إذا كانت كل قيم x متناهية الصغر؛ يمكن حساب قيم y (قيمة خرج المعادلة السابقة) دون أية مشكلة. يمكن محاكاة مسار تفاحة تسقط من شجرة بواسطة خط مستقيم مستمر يقترب شكله من منحنى كسري fractal .

المنحنيات الكسرية الهندسية تتطلب شروطًا أوليةً، تتطلب منحنيات الفركتلات عالمًا مستمرًا متطورًا، خاصةً إذا كنا نعلم أن الشرط الأولي يجب أن يكون عددًا غير حقيقي، يمكننا الآن أن نستنتج أنه يتم إمالة سلوك الأشياء المادية في النهاية من خلال وظائف مستمرة ينظر إليها البشر بطريقة ما عبر شبكة من هذه “البكسلات”. على أي حال، من البديهي أننا نحتاج دائمًا إلى تقسيم مثل هذه الأشياء إلى أقسام منفصلة.

إذا كنا نؤمن بنظرية الانفجار الكبير، والتوسع المستمر في الكون هو مؤشر قوي على أن مثل هذه النظرية يجب أن تكون صحيحةً، فإن الحالة الأولية للكون كانت نقطةً واحدةً (تعرف بالتفرد) والتي توسعت إلى الكون الذي نعرفه وندركه اليوم والذي، بالطبع، يشملنا.

إذا كان الأمر كذلك، فهناك علاقة سببية بين الانفجار الكبير وبيننا. بعبارة أخرى، لا يُسمح بالإرادة الحرة، وكل أفعالنا ليست سوى مجرد نتيجة لهذا الحدث الأول. تُعرف مثل هذه النظرية بـ “الحتمية” أو “الحتمية الفائقة”.

إذا كنا نعتقد أن الحالة الأولية للكون يتم قياسها بواسطة عدد حقيقي، فإننا نستنتج أنها دورية وغير فوضوية ويمكن التنبؤ بها عالميًا بطبيعتها. ولكن إذا كانت الحالة الأولية محسوبةً إلى حد ما عن طريق عدد غير منطقي، فإننا نستنتج بدلًا من ذلك أن الكون غير دوري، فوضوي، وبالتالي لا يمكن التنبؤ به محليًا بطبيعته فقط.

اليوم، نحن نعرف أن الكون فوضوي.

من وجهة النظر هذه، يمكن للمرء أن يميل إلى إقحام ذلك إذا لم توجد إرادة حرة، فلماذا نعاقب المجرمين؟ ليس خطأهم بعد كل شيء. والحجة المضادة لذلك هي أن العقوبة هي الاستجابة الطبيعية للجريمة، بحيث يمكن الحفاظ على التوازن العالمي، وبالتالي فإن العقاب لا يمكن تجنبه مثل ارتكاب المخالفات.

ولما كان الكون فوضويًا بشكل واضح، فيمكننا ملاحظة قابلية التأرجح الزمني محليًا، وليس عالميًا. وهذا بدوره يعني أن الإرادة الحرة هي وهم محتوم بالنسبة لنا نحن البشر، بسبب إدراكنا الذاتي للكون، وليس طبيعته الأعمق.


  • ترجمة: مولود مدي
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر