جروح، عثرات ،لامبالاة … وكيف نتجنبها.

إنه من الصعب أن تكون والدًا، لما في ذلك من التزامات عاطفية، زاخرة بلحظات السعادة والحزن، والبهجة والبؤس.

في لحظة ما تبتهج، وفي لحظة أخرى تصاب بالغم.

تصحو في صباح أحد الأيام على الشعور بالانشراح، لكن ما تلبث أن تذهب إلى فراشك في المساء وقد تشبعت بالكآبة والأسى.

الأطفال يضيفون معنى لحياتك العاطفية.

إن كيفية إدارة هذه المشاعر القوية ستحدد في النهاية جودة علاقتك مع طفلك.

في المرة التالية التي تكاد فيها أن تفقد صوابك، ضع في حسبانك أن القيام بالأخطاء أمر طبيعي، بينما تصحيحها ليس كذلك.

يتطلب الأمر شجاعةً للاعتراف بأخطائك، لاسيما أمام أطفالك.

يشكل البدء من جديد وإيجاد علاقة صحية جديدة معهم تحديًا بكل معنى الكلمة.

لكن هذه هي هبة الأبوة؛ إذ يمنحك الأطفال الفرصة للحفاظ على التطور والنمو كفرد.

ولذلك تذكر أن النمو مع أطفالك لن يجعلك والدًا أفضل فحسب؛ بل ستصبح أفضل على الصعيد الإنساني أيضًا.

في كتاب “عندما يتخذ الأطفال القرار: كيف تستعيد السيطرة من عزيزك المتنمر، والاستمتاع بالأبوة مرةً أخرى”، ناقش الكاتب الأخطاء الفادحة للأباء عندما يفقدون صوابهم، وعدد واستخلص الهفوات التي تقع معتمدًا على خبرة 25 عامًا من العمل مع العائلات.

خذ وقتك، واقرأ القائمة، اعثر على الاتجاه الخاص بك.

طوّر موهبة معرفة نقاط ضعفك وسيكون من الأسهل عليك الحفاظ على برودة أعصابك في اللحظات الحاسمة.

لذا دعونا نعدد تنازليًا أخطاء الأبوة التي يجب على كلا الوالدين مراعاتها:

10. الإدارة الدقيقة “Micro Managing”:

المدراء الدقيقون هم الذين يكرسون وقتهم ويعملون بجد.

يحبون أطفالهم ويريدونهم أن ينجحوا.

المشكلة تكمن في أنهم يفعلون الكثير جدًا من أجلهم.

كنتيجة لذلك، يعتمد أطفالهم عليهم بشكل رئيسي ويواجهون بعد ذلك صعوبات جمة في الاعتماد على أنفسهم؛ فيصبح لديهم العديد من المشاكل المتعلقة بقراراتهم، يفتقرون إلى الدوافع المطلوبة للقيام بمهامهم، وعلى الرغم من ذكائهم، فإنهم يبقون غير ناضجين عاطفيًا.

لذا بدلًا من الإدارة الدقيقة، امنح طفلك الأدوات ليكون معتمدًا على نفسه ومستقلًا.

وكلما تمكن أطفالك من القيام بشؤونهم دون أن تتحكم بهم، زاد تحقيقهم للنجاحات بأنفسهم.

9. التهيئة “Enabling”:

عادةً ما تكون أفعال الوالدين سليمة القصد، لكن التهيئة (تهيئة كافة الظروف) هي واحدة من أكثر الميول الأبوية كارثيةً.

عندما يلجأ الآباء إلى إشباع احتياجات أطفالهم (تدليلهم)، ينشأ أطفالهم ضعفاء في العلاقات؛ فيتوقعون من الجميع أن يلبوا احتياجاتهم كوالديهم.

فهم ينكمشون في التحديات ويتجنبون العمل الشاق، مع الحفاظ على شعور بالاستحقاق.

كما أنهم يعانون عاطفيًا من مزيج غريب من تدني الاحترام لذواتهم ومن الغرور.

للتهرب من فخ التهيئة، اسع جاهدًا لتوليد المسؤولية الشخصية لأطفالك.

وتشجيعهم على تحقيق الإنجازات لوحدهم.

توقف عن تهيئة الظروف، وابدأ في التشجيع.

8. القدوة السيئة “Bad modeling”:

المهمة الأولى والرئيسية للوالدين هي أن يكونوا قدوةً جيدةً.

ومع ذلك، هنالك العديد من الآباء والأمهات الذين يعتبرون بمثابة نماذج سيئةً لأطفالهم بسبب سوء سلوكهم.

الآباء الذين يستشيطون غضبًا لأتفه الأسباب، أو أولئك الذين يلومون الآخرين دومًا، ويتفوهون بالأكاذيب، أو من يلعبون دور الضحية دومًا، يدرّبون أطفالهم بشكل لا شعوري على فعل الشيء نفسه.

إن لوم أطفالك على السلوكيات والعادات السيئة التي علمتهم إياها مثل إلقاء اللوم على انعكاس وجهك في المرآة.

لذا لابد أن تتصرف بالطريقة التي تريد أن يتصرف بها أطفالك.

كن الشخص الذي تريد أن يكونه ابنك.

تذكر قبل أن تعيب سلوك أبناءك، أن تقوم بتعديل سلوكك.

7. التسلط “Bullying”:

الآباء المتسلطون يميلون إلى حب السيطرة بشكل غريب.

وبدلًا من فهم أطفالهم، فإنهم يتسلطون عليهم بالأوامر والتوجيهات، التهديدات بالعنف أو أنهم يعنفونهم فعلًا.

هم يهدفون إلى قولبة أطفالهم عن طريق تخويفهم، بدلًا من السماح لهم باستكشاف شخصياتهم الخاصة.

لذلك للأسف، يعاني أطفال هؤلاء من القلق ومن قلة احترامهم لذواتهم.

وتنشأ لديهم صعوبة في إظهار الثقة للآخرين كما أنهم لا ينسجمون معهم.

قد ينال الآباء المتسلطون مرادهم في جعل أبناءهم يظهرون بالشكل الذي يريدون، لكن أطفالهم يعانون بشدة من ذلك.

6. التناقض “Inconsistency”:

الأبوة المتناقضة تدفع الأطفال (والمعالجين) إلى الجنون.

الآباء الذين يغيرون أفكارهم في كثير من الأحيان، ولا يتخذون موقفًا صارمًا، يجدون دومًا صعوبةً في اتخاذ القرارات أو توفير قيادة قوية لأبنائهم، من المرجح جدًا أن ينتجوا أطفالًا متقلبين عاطفيًا.

هؤلاء الأطفال يبدون غير مستقرين وذوي شخصيات ضعيفة.

إنهم يواجهون صعوبةً في التعرف على كيانهم، وغالبًا ما يطورون سلوكيات معارضة ومتحدية لتغطي على انعدام الأمن لديهم (يعرف هذا سلوكيًا باضطراب المعارض المتحدي oppositional defiant disorder).

قد لا يكون توفير سكن مستقر ثابت أمرًا ممكنًا دائمًا، ولكن توفير الأبوة المستقرة غالبًا ما يكون في متناول اليد.

5. النقد والمقارنة “Criticism & Comparison”:

لا أحد يسر بالانتقادات أو المقارنات.

ومع ذلك، ينتقد العديد من الآباء والأمهات أطفالهم بصورة يومية.

«لماذا لا تكون مثل فلان؟» أو «لماذا أنت هكذا؟» هذه طريقة مؤكدة لإضعاف احترام أطفالك لك وانهيار شعورهم بذواتهم الهشة.

الأطفال الذين يجري انتقادهم دومًا يكبرون معتقدين أنهم أشخاص مقصرين وغير مرغوب بهم.

إنهم لا يحتفلون بنقاط قوتهم لأنهم لم يتعلموا أبدًا أن يقوموا بذلك، كنتيجة مباشرة لكونهم تطبعوا بأصوات آبائهم السلبية.

لا يحتاج الأمر إلا إلى لحظة طائشة لإيذاء أطفالك بنقدهم أو مقارنتهم، ولكن يمكن أن يستغرق الأمر عمرهم بأكمله حتى يتعافوا.

4. بنية ضعيفة، حدود، وحواجز Poor Structure, Limits & Boundaries:

توفير بنية متوازنة، حدود، وحواجز أمر ضروري للأبوة الجيدة.

ما هي البنية والحدود والحواجز بالضبط؟ إليك التفصيل: البنية: الجداول الزمنية والإجراءات الرتيبة (الروتينية).

الحدود: تقييد السلوكيات المدمرة أو الخطرة من خلال توليد محاكمة عقلية جيدة.

الحواجز: تكريم واحترام الفراغ الجسدي والعاطفي بين الناس.

بعض الآباء صارمون للغاية مع الحدود، البعض الآخر لا يوفر بنيةً أو حدودًا كافيةً.

اسع جاهدًا لإيجاد التوازن الصحيح لأبنائك وسيكونون مستعدين بشكل أفضل للعلاقات، الوظائف، ومواجهة العالم الخارجي.

3. الإهمال “Neglect”:

الآباء والأمهات لا يخططون لإهمال أطفالهم، ولكن الكثير منهم يفعلون ذلك.

حيث أن انشغال البالغين في عملهم، تفويض مسؤولياتهم إلى أطفال أكبر سنًا أو إلى الأجداد، تفويت الأحداث الهامة في حياة أطفالهم، وعدم الاستماع الجيد لهم؛ كل تلك الأشكال من الإهمال العاطفي تقوض الإحساس بالذات لدى الطفل.

الأطفال المهملون عاطفيًا دائمًا ما يعانون من مشاكل في المزاج والسلوك.

إن الاستماع لطفلك له تأثير شافٍ في العديد من معضلات الأبوة.

يقل احتمال مشاركة الأطفال في السلوك العدواني عندما يشعرون أنهم مفهومون من قبل آبائهم.

كما أن قضاء وقت كافٍ في الاستماع لطفلك وفهمه لا يكلفك أي شيء، لكنه بالمقابل يوفر عليك ثروةً طائلةً من فواتير العلاج في المستقبل.

2. تجاهل مشاكل التعلم “Disregarding Learning Problems”:

العديد من المشاكل الأكاديمية والسلوكية هي نتيجة مباشرة لصعوبات في التعلم بقيت دون تشخيص.

وفي كثير من الأحيان، يسارع الآباء نافذي الصبر إلى نعت أطفالهم بالكسل، عدم الجدية، واللامبالاة فيما يتعلق بشؤون الدراسة، متجاهلين السبب الرئيسي الذي يقف خلف ضعف تعلمهم.

حتى الأطفال الأذكياء بشكل استثنائي يعانون من صعوبات في سرعة المعالجة والأداء التنفيذي وعيوب في الذاكرة.

غالبًا لا تظهر هذه المشاكل بشكل ملاحظ حتى المرحلة الإعدادية أو الثانوية.

هذه الصعوبات تجعل التعلم تجربةً مؤلمةً ومرهقةً.

لذلك احفظ أموالك؛ العلاج النفسي على الأرجح لن يساعد في حل هذه المشاكل.

إذا كان طفلك يعاني من أدنى صعوبة في التعلم، فإن التقييم التعليمي له هو الخطوة الأولى لإيجاد الحل.

1. جرح المشاعر “Invalidating Feelings”:

عندما يكشف أطفالك عن مشاعرهم وعدم شعورهم بالأمان، أرجوك لا تكذبهم، لا تصحح لهم، لا تقدم نصائح غير مجدية، ولا تستخدمها كفرصة لتحاضر بها عليهم حول تجاربك وخبراتك.

تذكر، إنهم يخاطرون في القيام بذلك؛ لذا إحساسك تجاههم هو أمر إلزامي.

الأطفال يريدون الشعور بأنهم مفهومون كما يريدون أن يشعروا بأنه تم تصديقهم من قبل آبائهم.

العديد من أعراض فرط النشاط، وعدم الاكتراث، ومشاكل المزاج ظهرت لدى أطفال تجاهل آباؤهم مشاعرهم بشكل أو بآخر.

الأبوة والأمومة: هي تجربة تعلم دائمة؛ هي وظيفة بدوام كامل دون تدريب أو إشراف.

الجميع على يقين من أنه قد يرتكب العديد من الأخطاء، لاسيما خلال تلك السنوات الفوضوية الأولى.

لكن لا داعي للذعر.

الأبوة والأمومة هي عملية تطورية.

تنمو فيك يومًا بعد يوم، سنةً بعد سنة.

اسع للتعلم من أخطائك وتحسينها؛ سوف تكون رحلتك الأبوية أسهل وقليلة العقبات بوجود النقد الذاتي والقلق، وأكثر بهجةً لك ولأطفالك.


  • ترجمة: د. محمد خالد الحورية.
  • تدقيق: أحلام مرشد.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر