بقلم ميندي ويسبيرغر Mindy Weisberger.

لعل اللامنطق والرؤى المحيرة التي تظهر في الأحلام تبدو غريبةً بكل مافي الكلمة من معنى.

لكن يبدو أن إحدى سمات الحمل هي بداية ظهور أحلام تكون شديدة التواتر بشكل مقلق أو تظهر غريبةً أكثر من المعتاد.

في شهر مايو الماضي، غردت المغنية الأمريكية كاردي بي، التي استقبلت طفلها الأول يوم 10 يوليو، عن رؤيتها لـ «أحلام عجيبة، مجنونة، ومخيفة»، كتبت في تغريدة ثانية أن كل أحلامها كانت «واضحة للغاية».

وبالطبع تجربتها لم تكن الأولى، فقد وجدت الدراسات أن النساء الحوامل ذكرن أنهن يحلمن بالكوابيس أكثر بتواتر أعلى ممن هن لسن حوامل، كذلك النساء في الثلث الأخير من الحمل وصفن تعرضهن للكوابيس بشكل متكرر أكثر مما كان عليه الحال في الثلثين الأولين من الحمل.

ماذا عن علاقة الحمل بالأحلام المضطربة؟ اتضح أنه يرتبط بشكل وثيق بمشاكل النوم أثناء هذه الفترة.

حقق لي حلمًا

دورة النوم البشرية عبارة عن خمس مراحل، واحدة منها تدعى مرحلة حركة العين السريعة أو REM، وهي تشكل حوالي 25% من النوم وهي المرحلة التي تحدث فيها معظم الأحلام، وذلك وفقًا لمعهد الصحة الوطنية NIH.

عندما تغفو، تدخل مرحلة REM الأولى بعد حوالي 70 إلى 90 دقيقةً، وتحدث مراحل الـ REM عدة مرات أثناء الليل مع تكرار دورة النوم.

يذكر الدكتور رايان دونالد، وهو طبيب وأستاذ مساعد في طب النوم في جامعة ولاية أوهايو، أنك حينما تحلم، يقوم دماغك بتصنيف التجارب والعواطف المستجدة بفاعلية، ناهيك عن أن الأحلام تلعب دورًا في تثبيت المعلومات في الذاكرة ومعالجة الجديدة منها.

وفقًا للدكتورة جولي ليفيت، وهي أخصائية أمراض نساء وتوليد ومدربة سريرية في مركز Northwestern Medicine بمدينة شيكاغو: «إذا انقطعت دورة نوم الشخص واستيقظ خلال مرحلة REM، فعلى الأرجح سيتذكر بصفاء ما كان يحلم به، والنساء الحوامل غالبًا ما يعانين من نوم مضطرب في مراحل الحمل المختلفة».

وصرحت ليفيت لـ مجلة “لايف ساينس” قائلةً: «يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى البروجسترون في الأشهر الثلاثة الأولى إلى ظهور الأرق؛ وهذا أمر شائع إلى حد ما».

ووضحت أن هذه المشكلة تتضاءل في الأسبوع 12 إلى الأسبوع 16 من الحمل، لكن بحلول الثلث الثالث من الحمل، أي في غضون الأسبوع 28 وما بعده، يضطرب النوم بسبب المضايقة الجسدية للحامل (الناجم عن كبر حجم البطن وضغط الجنين على بقية الأعضاء الداخلية) والذي قد يبدد الراحة الليلية.

وقالت ليفيت: «تغدو نوعية النوم أكثر سوءًا مباشرةً قبل الولادة، حيث يتحتم عليكِ أن تنهضي لتتبولي ليلًا، أو قد تشخرين، أو تتعرضين لانْقِطاعُ النَفَسِ أثناء النَّومِ» (يعاني الأشخاص ذوو هذا المرض من التنفس السطحي جدًا أو أنهم قد يتوقفون عن التنفس أثناء نومهم).

وأضاف د.دونالد أن متلازمة تململ الساقين، وهو اضطراب يسبب الرغبة الشديدة في تحريك الساقين، يمكن أن تظهر أيضًا خلال فترة الحمل وتقضي على النوم الذي تشتد الحاجة إليه.

وقال: «إن اضطرابات وتقطعات النوم المتكررة تزيد من احتمال الاستيقاظ خلال مرحلة REM من دورة النوم، ما يجعل الأحلام تبدو أكثر وضوحًا وقابليةً للتذكر».

وأضاف: «انخفاض جودة النوم، قصر فترة النوم، والمزيد من الانقطاعات أثناءه: كل هذه العوامل يمكن أن تزيد من احتمالية تذكر الأحلام».

حلم للبعض، كابوس للآخر

أفادت دراسة نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 في مجلة BMC للحمل والولادة أن النساء الحوامل يبلّغن عن المزيد من الكوابيس المتكررة، والكثير منها يتعلق بعملية الولادة أو الخطر المحدق بالمولود الجديد.

قام الباحثون بإجراء مسح على 406 من النساء الحوامل، تتراوح أعمارهن بين 17 و 44 سنةً، حيث وجدوا أنهن يعانين من وجود كوابيس أكثر من ضعفي عدد النساء غير الحوامل، وأن تلك الكوابيس غالبًا ما تكون متعلقةً بالطفل.

وفسر العلماء ذلك بأن الحمل، لا سيما في ثلثه الثالث، هو عبارة عن فترة من الإجهاد المتصاعد لذلك ربما زيادة هذا الإجهاد أثناء النهار على المرأة الحامل يفسر لنا سبب زيادة الكوابيس خلال هذه الفترة.

في دراسة أخرى نُشرت في يونيو 2014 في مجلة طب النوم “Sleep Medicine”، قامت بمسح 57 امرأةً حاملًا في الثلث الأخير من الحمل.

أفاد 32 % منهم بوجود كوابيس أسبوعية، وذكر 21 % أنهم قد عانوا من أكثر من كابوس واحد في الأسبوع.

وصرحت د. ليفيت بأنها بذاتها عانت من كوابيس أثناء حملها عندما حلمت بأنها ولدت مجموعةً من الجراء.

وقالت ليفيت: «لديك هذه الأحلام، وأنت تسأل، ماذا يحصل في العالم؟ من أين جاء كل ذاك؟؛ أعتقد أنه يعتمد على الأشياء التي قد تقلق الناس يومًا بعد يوم.

الكثير من المخاوف التي تحوم حولنا أثناء النهار تميل إلى الظهور في أحلامنا ليلًا».


  • ترجمة: د. محمد خالد الحورية
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر