حين يداهمنا الطقس الحار، تصبح حدائقنا والمساحات خارج المنزل واحة مثالية للراحة والاستجمام، لكن، وبقدر جمال الطقس الحار، يمكن للظروف القاسية ودرجات الحرارة القياسية أن تدمّر نباتاتك.

بالطبع حين يكون الطقس حارًا، فإن النباتات تحتاج إلى سقاية، لكن معرفة التوقيت الأفضل لفعل ذلك قد يكون شائكًا.

تعطي السقاية الليلية وقتًا أكثر للماء كي يتغلغل في التربة ويسمح للنبات باستخلاصه، لكن هناك قلق من ترك الأوراق مبللة طوال الليل، فقد يجعلها ذلك عرضة للأمراض.

في المقابل، فإن السقاية صباحًا تعني جفاف الأوراق بشكل أسرع، لكنها تعني أيضًا فرصة أقل للماء كي يتغلغل في التربة فيصل للنبات قبل أن يصبح الجو أكثر سخونة.

إذن ما هو الجواب؟

تحتاج كل الكائنات الحية الماء كي تسمح للتفاعلات الكيميائية في خلاياها بتزويدها بالطاقة للنمو، وتحتاج النباتات الماء أيضًا لتوصيل الغذاء من التربة إلى خلاياها النامية.

يُسحب هذا الماء محلّ الماء المفقود من خلال الثغور (الفتحات الموجودة على ورق النبات)، وهذه الثغور مطلوبة لتبادل الهواء (يدخل ثاني أكسيد الكربون، ويخرج الأكسجين) خلال عملية البناء الضوئي.

وفي مستويات الضوء العالية في الأيام المشمسة، يُستخدم الكثير من ثاني أكسيد الكربون لصناعة السكر عبر عملية البناء الضوئي، كما أن تبخر الماء مهم لتبريد النباتات خلال الأيام الحارة.

في حال نقص الماء لدى النباتات، تُغلَق البثور وتتوقف عملية البناء الضوئي، ويستبدلها النبات بعملية أخرى تسمى التنفس الضوئي (عملية تطلِق ثاني أكسيد الكربون).

تحتال النباتات الصحراوية بالتنفس ليلاً لتخزّن ثاني أكسيد الكربون، ثم تطلقه أثناء علمية البناء الضوئي خلال النهار بينما تغلق ثغورها، لكن القليل فقط من النباتات في حدائقنا متكيفة للقيام بذلك، ومع العوز الشديد للماء تصبح النباتات ذابلة (بداية انهيار الخلية).

في البدء يعتبر الذبول مؤقتًا، ويمكن للنبات أن يتعافى بسرعة بمجرد توافر الماء، لكن جفافًا أطول سيسبب ذبولاً دائمًا، وبالتالي موت أجزاء من النبات أو حتى النبات ككل.

بعض النباتات تنجو من الجفاف (بالضمور – dying down) أسفل الأرض، ويحدث هذا مع بصلات الحديقة، مثل (أزهار الأجراس الزرقاء – bluebells)، و(أزهار النرجس – daffodils)، و(أزهار التوليب – tulips)، و(أزهار قطرات الثلج – snowdrops).

وبعض النباتات تكافح الجفاف بالتخلص من الأوراق، والبعض لا ينجو إلا على شكل بذور.

تجنّب الشمس كاملة السطوع

من المتفق عليه بشكل عام أن النباتات يجب ألا تُسقى وقت سطوع الشمس كاملةً.

المعلومات التي كانت تفيد بأن أوراق النبات الرطبة يمكن أن تحترق بالأيام المشمسة نُقِضَت قبل حوالي عشر سنوات، لكن لا شك في أن السقاية تحت أشعة الشمس الساطعة ليست الخيار الأصلح، إذ يسمح ذلك بتبخر الماء قبل دخوله التربة.

من الأفضل أن تتم السقاية خلال وقت باكر من الليل خلال ذلك الطقس الحار ذي النسيم العليل، هذا يعطي النباتات وقتًا كافيًا كي تجف، وستظل هناك فرصة للجذور لأخذ الماء طوال الليل.

وإذا أردت السقاية صباحًا فابدأ ذلك باكرًا جدًا قبل أن تسطع الشمس، السر في التأكد من أن كل الطبقات داخل التربة في منطقة الجذور مرتوية ويصلها الماء، فالسقاية الخفيفة المنتظمة تجعل جذور النباتات سطحية ما يجعلها أقل تحملًا للجفاف، لذلك اسقِ النباتات جيدًا لكن على فترات، لا تدع التربة تجف تمامًا لأن ذلك يجعلها صعبة الريّ في تلك المرحلة.

بإمكانك سقاية التربة بدلًا من النبات، لكن احترس من أن تتسبب في تكوين طبقة صلبة على سطح التربة، قليلٌ من النشارة (شرائح خشبية أو مضغوطة) كفيلٌ بحماية التربة والحفاظ على رطوبتها، لكن احذر من اليرقات.

انتبه من السقاية الزائدة

تمتلك النباتات ميزة رائعة للغاية، فعندما يكون سطح التربة جافًا، قد تكون النباتات أسفل التربة بحوالي ١٥ إلى ٢٠ سم لا أكثر، فمعظم النباتات تمتلك جذورًا أعمق لسحب الماء -الذي قد لا تراه- للأعلى.

وأفضل قاعدة لمعرفة ذلك: إذا لم تذبل النبات فإنها تملك طريقًا ما للوصول إليه.

تذبل بعض النباتات العشبية وقت الشمس الساطعة لتحتفظ بالرطوبة لكن سرعان ما تعوّض جفافها حال برود الجو لاحقًا (الذبول المؤقت).

تقوم نباتات الترمس بالشيء نفسه على مدار اليوم، لكن جذورها العميقة تساعدها على تعويض الجفاف في الليل.

يجب أن تُسقى النباتات التي توضع في حاويات بصورة جيدة، سقاية للتربة وسقاية مسائية، وكما الحال في أي سقاية، سقاية واحدة جيدة، ثم مرة أخرى ليست قبل ظهور علامة الحاجة لذلك.

الطماطم المزروعة في المشتل ستحتاج إلى سقاية يومية في الوقت الحالي، وإذا كنت تزرع جزرًا، تأكد من بقاء التربة رطبة، أو سينتهي الحال بجذور مشققة.

ربما سيبدو العشب جافًا قليلًا، لكن لا تقلق حيال ذلك، تموت الأعشاب حين تجف، لكنها سرعان ما تنمو مجددًا حال هطول الأمطار.

شيء آخر عليك تذكره، وهو تجنب المشي بغير حاجة على الأعشاب البنية، أو سينتهي بك المطاف على مسطحات عارية، ذلك لأن الجفاف والحِمل الثقيل معًا وضعٌ قاسٍ جدًا ليتحمله العشب.

لذا فالرسالة واضحة، استمتع بحديقتك في وقت الحر، لكن تذكر أن النباتات مثل البشر، تستمتع هي الأخرى بقليل من الظل وشربة هنية.


  • ترجمة: لبيد الأغبري
  • تدقيق: علي فرغلي
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر