في مستقبل ليس ببعيد، قد يستطيع مرضى السكري من النمط الثاني التخلي عن حقن الإنسولين، وعلاج حالتهم عوضًا عن ذلك برشفةٍ من الإسبريسو أو قدحٍ من القهوة المفلترة.

ابتكر فريقٌ من الباحثين المقيمين في سويسرا زرعةً مصممةً تُطلقً الدواء كلما اكتشفت وجود مادة الكافيين في مجرى الدم.

وكانت نتائج الدراسة الأولى التي نُشرت في مجلة اتصالات الطبيعة -على الأقل على الفئران- واعدةً للغاية.

يُصاب بالداء السكري من النمط الثاني أكثر من 400 مليون شخصٍ في جميع أنحاء العالم، ويكلف النظام الصحي في الولايات المتحدة 825 مليار دولار سنويًا.

إنْ تطورت هذه الحالة سيعني هذا أن الجسم قد فقد قدرته على الاستجابة للإنسولين وعلى تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم، أي أن الجسم أصبح مقاومًا للإنسولين.

وبسبب هذا ترتفع ذروة مستويات الغلوكوز بعد كل وجبة.

إحدى طرق معالجة هذه الحالة أخذ عينات الوخز بشكلٍ منتظم ومتكررٍ لمراقبة مستويات سكر الدم، وعندما نعلم مستوى السكر في الدم يصبح من الممكن ضبط مضخة التحكم بالإنسولين، وإعادة مستوياته إلى القيم الطبيعية.

وغنيٌّ عن القول، أن هذه العملية قد تستغرق وقتًا وتكلفةً وجهدًا، لذا جاء مارتن فوسينيجر (عالمٌ في التكنولوجيا الحيوية في المعهد الفيدراليّ للتكنولوجيا في زيوريخ في سويسرا) وزملاؤه بحلٍ مبتكرٍ وسهل الاستعمال.

صمم الفريق زرعةً باستخدام خلايا الكلى البشرية تُطلق الإنسولين عند تنبيهها، ثم غُطِّيت بالكافيار بشكل كبسولاتٍ هلاميةٍ كي لا يهاجمها جهاز المناعة، وفي الوقت ذاته تسمح للكافيين بالدخول، ما يتيح للدواء الانتشار في مجرى الدم.

ولاختبار اختراعهم الجديد استخدموا نموذجًا فأريًا، وأدخلوا الزرعة تحت جلد فئران مصابة بداء السكريّ، ثم أعطوها مجموعةً متنوعةً من المشروبات تحوي مستوياتٍ مختلفةً من الكافيين (شاي الأعشاب، كوكايين، القهوة السريعة، الشاي الأسود، الحليب المخفوق).

أثارت كل المشروبات -باستثناء اللبن وشاي الأعشاب- تحرير الدواء، والأكثر من ذلك، كلما ارتفعت مستويات الكافيين، كانت الجرعة أقوى.

لماذا نستخدم الكافيين كمحفز (بغض النظر عن فوائده الصحية الجمّة بالطبع)؟

بقدر ما يعرف الباحثون أن هناك آثارًا قليلة جدًا للكافيين في معظم المشروبات والمواد الغذائية، فإنها على الأقل ليست بمستوياتٍ عالية بما يكفي لزرعةٍ تُسجَّل. وهذا يسهل التحكم، وإيقاف أي شخصٍ ابتدأ عملية الزرع دونما قصد (على الأقل من الناحية النظرية).

ومن السهل أيضًا على معظم الناس إدراجه في روتين حياتهم اليومية، سواء أكان قهوةً بعد الإفطار أو شايًا بعد الغداء.

قال فوسيننيج لصحيفة الغارديان: «تناول شايًا أو قهوةً في الصباح، وأخرى بعد الغداء، وثالثة عند العشاء، اعتمادًا على كمية الدواء التي تحتاجها لتخفيض الغلوكوز».

لسوء الحظ، قد يستغرق الأمر بضع سنواتٍ قبل أن يصبح ملائمًا للهدف، ويجب أن يخضع العلاج لعدة اختباراتٍ وتجارب -على الأقل ليس لدى البشر- قبل أن توافق عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أو أي هيئةٍ تنظيميةٍ أخرى.


  • ترجمة: رغدة عاصي
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر