لأول مرة في حياتي، وَيَا للرعب! اكتشفت أن إطار دولاب سيارة إضافي نما حول جسدي، حينها قررت أن أُخضِع نفسي لحمية للتخلص منه. كانت حمية سهلة: أن آكل أقل.

فقدت 7 كغ خلال ثلاثة أسابيع وبدوت رشيقًا.

ولأحتفل بالإنجاز، قررت أن أحسب مؤشر الكتلة لجسمي؛ وللمفاجأة وجدته يشير للرقم (24.1) وهو من بين أعلى الأرقام في مؤشر الوزن “الطبيعي”، حيث يعرف بأنه بين الرقمين (18.5) و (24.9).

ومن خلال جداول بقية الأرقام وجدت أنه يمكنني إنقاص ٢٠ كيلو إضافية ولا أخرج عن المعدل الطبيعي، ولكن هذا سيجعلني عظامًا تكسوها الجلد فقط.

وبطبيعة الحال جعلني هذا أتساءل: عن مدى موافقة مؤشر كتلة الجسم علميًا؟

وبالرغم من كونها إحصائيات صحية أساسية يعود عمرها للقرن التاسع عشر للميلاد، فإن خبراء الصحة في الوقت الحالي وثّقوا عيوبًا وخِلالًا كثيرةً فيها.

في البداية، مؤشر كتلة الجسم لا يفرق بين ما إذا كانت الكتلة ناتجة عن دهون أو عضلات في الجسم، إذ يمكن لرجل الإطارات (ميشلان) والرجل الخارق سوبرمان أن يمتلكان نفس مؤشر كتلة الجسم، بغض النظر عن الاختلافات الواضحة بين تكوين وتوزيع الدهون والعضلات في جسميهما.

كما أنه لا يأخذ العوامل الأخرى لتحديد صحة الجسم من عمر وجنس ونوع (شكل) الجسم.

إذ على سبيل المثال؛ الناس الذين يمتلكون دهونًا في منطقة الكرش معرضون لخطر المرض أكثر من الناس الذين ينمو لديهم الدهن في منطقة الأرداف والفخذين.

وما أثار قلقي أنه بالرغم من ذلك؛ إهمال مؤشر كتلة الجسم لقواعد فيزيائية أساسية، وتعود المعضلة للامبيرت أدولف جاك كويتليت (Lambert Adolphe Jacques Quetelet) الرياضي البلجيكي مبتكر مؤشر الكتلة للجسم عام 1830.

إذ فشل كويتليت بالأخذ الرياضي للمعيار the mathematics of scaling. إذ عرّف مؤشر كتلة الجسم على أنه حاصل قسمة الكتلة على مربع الطول.

مع الملاحظة أن الكتلة تتناسب مع الحجم بالنسبة لمكعب الطول.

والناتج عن كل ذلك تساوي كل قيم مؤشر الكتلة مباشرة مع الطول، والتي لا يجب أن تكون كذلك حتمًا. (انظر المعادلة بالأسفل)

وقد نلقي باللوم على مؤلَّفة جوناثان سويفت الإنجليزي الساخرة “رحلات جوليفر” القصة التي انتشرت بشكل واسع عام 1726 (Jonathan Swift’s Gulliver’s Travels)، في قصة البروبدنغناغ العمالقة والليليبوشيان الأقزام والتي لا يمكن حصولها بالواقع.

وعلى سبيل المثال، لنفرض أن عملاقًا يفوق ضعف طولي مرتين، ولكن يملك نفس شكلي وهيئتي.

فإذا وقف هذا العملاق على شاطئ مستوٍ وبدون سواتر أمامه تعيق النظر إليه، بحيث لا يلاحظ الناظر إليه من بعيد أنه ليس أنا.

ولأن كتلته يجب أن تتناسب مع مكعب الطول كما هو الحال بالنسبة لي، شبيهي الذي يملك ضعف طولي سيزن ثمانية أضعاف وزني.

وبالتالي ستكون مساحة المقطع العرضي لأرجله متناسبة مع مربع الطول مثلي، ولذا ستصبح فقط أقوى بمقدار أربعة أضعاف قوة أرجلي.

هذه العظام المسكينة ستكون محملة وزنًا زائدًا بمقدار ثمانية أضعاف! وسينهار شبيهي العملاق تحت ضغط وزنه الزائد حتمًا.

وبالمثل لنتخيل شبيهًا آخر بنصف طولي، سيزن ثمن وزني، ولكن عظام أرجله وعضلاتها ستكون أقوى بمقدار ضعف ما يتطلب أن تكون عليه.

تدرك الطبيعة هذه المعضلة، ولذا تبدو أجسام الفيلة وأجسام النمل على ما هي عليه.

معادلة مؤشر كتلة الجسم لا تتشارك هذه الرؤية؛ إذ يمكن أن تجعل الناس يبدون أكثر وزنًا، بينما هم ليسوا كذلك.

وبمقارنة طول شخص ما 152سم (5 أقدام) يحمل مؤشرًا طبيعيًا حسب مؤشر كتلة الجسم ذو الرقم (22)، سيتماثل بما يتناسب مع شخص ذي طول 183سم (6 أقدام) يحمل الرقم (26.5) على مؤشر كتلة الجسم، ما يعتبر ذو وزنٍ زائدٍ.

وطبقًا لمعدلات مؤشر كتلة للجسم سيعتبر معظم الأستراليين ذوي أجسام سمينة، 28% منهم سيعتبرون سمينين، 35% ذوو وزن زائد، 35% ذوو معدل طبيعي للوزن، وأكثر من 2% سيعتبر وزنهم أقل من المعدل الطبيعي.

ولا شك أن مؤشر الوزن زائد سيعني أن هناك مشكلة صحية حقيقة تواجههم، ولكن ربما تكون زيادة معدل طول السكان منذ عام 1830 قد أثرت على النتيجة.

لحسن حظ كويتليت، كان هناك قليلون من امتلكوا أجسامًا كسوبرمان في وقته وذلك للتشكيك في معادلته.

ولحسن حظ جوناثان سويفت أنه لم يكن هناك (مهندس ذو عضلات) ليسائل مؤلفته الساخرة عن البروبدينغناغ العمالقة ذوي 12 ضعفًا طول جوليفر، ويشير إلى أن وزنهم كان ليكون أكثر من 100 طن، ومؤشر كتلة جسم يتعدى المئات.

لا أنصح بتغيير الطريقة التي يحسب بها مؤشر الكتلة للجسم، بغض النظر عن عيوبها، فلا نريد أن نلقي بكل سجلات الـ188 السنة الماضية لمؤشر كتلة الجسم (البيانات الخامة -الطول والوزن- لم يتم الاحتفاظ بسجلها في معظم الحالات)؛ وبدلًا من تغيير ذلك، نستطيع أن نعدّل المعدلات القياسية الرقمية لمؤشر كتلة الجسم للوزن الطبيعي والوزن الناقص والوزن الزائد والوزن السمين بالنسبة للطول وكذلك الجنس وشكل الجسم.

وربما حينها سيكون بمقدور المهندس المعضل النحيف أن يرتاح ويهدأ بدلًا من تجويع نفسه حد الجلد والعظم.


  • ترجمة: لبيد الأغبري
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر