منظمة الصحة العالمية تصنّف (اضطراب الألعاب) ضمن أمراض الصحة العقلية

أضافت منظمة الصحة العالمية WHO (اضطراب الألعاب) لقائمة الأمراض العقلية.

ستظهر هذه الإضافة في النسخة الجديدة من التصنيف العالمي للأمراض (ICD) وهو قائمة موحّدة تضم الأمراض والحالات الطبية الأخرى تُعدهّا منظمة الصحة العالمية WHO، وتُستخدم في جميع دول العالم، وقد نُشرت هذه النسخة يوم الأحد.

إن المُراد من الإضافة هو مساعدة أخصّائي الطب السريري على تحديد النقطة التي تتحول فيها هواية أو تسلية اللعب بألعاب الفيديو لنقطة إشكاليّة. كما يمكن أن يُساعد هذا الأفراد، الذين يشعرون بأنهم يعانون من اضطراب اللعب، أن يحصلوا على العلاج.

يدرج التصنيف العالمي سلوك اللعب على أنّه اضطراب إذا واجه ثلاث حالات وهي:

إذا فقد الشخص التحكم بعادات اللعب لديه

إذا بدأ بتفضيل اللعب على الاهتمامات الحياتية أو النشاطات اليومية الأخرى

إذا استمرّ باللعب على الرغم من النتائج السلبية الواضحة.

يجب أن يكون هذا النمط واضحًا لفترة مقدارها سنة قبل وضع التشخيص وذلك وفقًا للتعريف.

هذا يُضيف اللعب لقائمة السلوكيات التي يمكن أن تُصبح إشكاليّةً إذا أفقدت الناس السيطرة على حياتهم، بما في ذلك لعب القمار والاضطرابات المرتبطة باستخدام مواد مثل الكحول، الماريجوانا، الكافيين، أو النيكوتين.

ولكن تعريف السلوكيات، كاللعب، على أنها إدمانية أو كمرض صحي عقلي لايزال محط جدل. إذ يجادل بعض الباحثين على أن سلوك اللعب الإشكالي هو غالبًا من أعراض الأمراض النفسية بدلًا من أن يكون مرضًا نفسيًا بحد ذاته، خطيرًا بما يكفي لإلحاق الضرر بالعلاقات الشخصية

إنّ مصطلح “اللعب” يغطي بالطبع مجموعةً واسعةً من النشاطات التي يمكن أن تكون نشاطات فردية أو اجتماعية.

يتضمن ذلك لعب لعبة ألغاز سريعة على هاتفك الذكي أثناء ركوب مترو الأنفاق، أو الاجتماع مع الأصدقاء للعب Minecraft، والجلوس على جهاز كمبيوتر مدمج خصيصًا لمرحلة الهجوم في Destiny 2 متعددة الساعات.

ليس المقصود من تعريف منظمة الصحة العالمية التلميح بأن أي نوع من الألعاب هو إدماني، أو القول بأن جزءًا محددًا منه يؤدي إلى اضطراب.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية؛ سيوصف لعب ألعاب الفيديو بأنه اضطراب صحي نفسي فقط إذا كان السلوك شديدًا كفايةً ليؤدي إلى (اضطراب ملحوظ أو ضعف كبير في الوظائف الشخصية، العائلية، الاجتماعية، التعليمية، أو المهنية).

وبكلمات أخرى يجب أن يؤذي ذلك العلاقات الشخصية ويتضارب مع المدرسة أو العمل.

وقال شيخار ساكسينا Shekhar Saxena، مدير قسم الصحة العقلية وإدمان المخدرات في منظمة الصحة العالمية، في فيديو على يوتيوب يناقش فيه التغييرات التي أجريت على التصنيف الدولي للأمراض: «يبقى اضطراب اللعب غير شائع ولكنه ما يزال مهمًا للغاية».

«يجب على التصنيف العالمي ICD مواكبة الاضطرابات والأمراض المتطورة وهذا المرض واحد منها».

سايكولوجيا اللعب

حصل نقاش في المجتمع النفسي حول إذا ما كانت لتلك الألعاب القدرة الإدمانية الكافية لتُوصف بأنها اضطراب لبعض الوقت. ورفضت الجمعية الأمريكية للطب النفسي أن تصنف الإدمان على اللعب بأنه اضطراب ولكنها قالت أنّه يستحق المزيد من البحث.

وقبل قرار منظمة الصحة العالمية أصدرت جمعية علم النفس وتقنيات الإعلام في جمعية علم النفس الأمريكية بيانًا أعربت فيه عن قلقها إزاء فكرة (اضطراب الألعاب) بسبب عدم كفاية الأبحاث حول هذا الموضوع:

«لم يوفّر البحث الوضوح حول كيفية تعريف الإدمان على ألعاب الفيديو (VGA)، وما هي الأعراض الأوضح التي تُشخّصه، كمية انتشاره، ما إذا كان موجودًا فعلًا كاضطراب مستقل، أو عندما يحدث فهو مجرد عرض لأعراض تشخيصية أخرى للصحة العقلية».

إنّ جزءًا من المشكلة يكمن في كيفية التمييز بين قضاء الكثير من الوقت ببساطة في اللعب وبين سلوك الإدمان الحقيقي.

كتبت مجموعة من الباحثين من جامعة نوتنغهام ترنت Nottingham Trent University في المملكة المتحدة في ورقة نُشرت الصيف الماضي في مجلة سلوك الإدمان Journal of Addictive Behaviour: «يحتاج الباحثون لوضع خط واضح بين الشخص الذي يمكن أن يستخدم الألعاب بشكل مفرط ولكن غير إشكاليّ وبين الشخص الذي يواجه اختلالًا كبيرًا في حياته اليومية بسبب الإفراط في اللعب».

يوجد الكثير من القصص حول أشخاص أصبح تصرفهم المتعلق باللعب إشكاليًا، إذ أصبح الناس عالقين في الألعاب عبر الإنترنت لدرجة أنهم أفسدوا العلاقات وفقدوا الوظائف.

صممت الألعاب غالبًا لتُجبر الناس على مواصلة اللعب وفي بعض الحالات مواصلة إنفاق المال. كما يمكن أن يتوازى اللعب القهري واستخدام المواد الإشكاليّة.

لكن اللعب الإشكالي قد يعمل كآلية تأقلم مختلة للبعض وفقًا لباحثي نوتنغهام ترنت Nottingham Trent، فيتحول الشخص الذي يعاني من الاكتئاب أو القلق إلى اللعب أو إساءة استخدام المواد، كشرب الكحول، كطريقة لتخفّف من هذه الأعراض.

فوائد، مضار، ومستقبل (اضّطراب اللعب)

وفقًا لما قاله بروس لي Bruce Lee، الأستاذ المشارك في الصحة الدولية في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة Johns Hopkins Bloomberg School of Public Health، فإنّ معرفة الدرجة التي يمكن للعب الألعاب أن تؤثر بها بشكل ضار (أو نافع) يتعلق بما تحتويه اللعبة.

وقد كتب لي في صحيفة فوربس Forbes: «إن عادات اللعب يمكن أن تكون نافعةً نفسيًا أيضًا».

أظهر البحث في الجانب الإيجابي أن اللعب يمكن أن يخفّف التوتر ويحسّن من القدرة على حل المشاكل ويعزّز ميزة التنسيق بين اليد والعين. إذ يمكن للتكنولوجيا التي نظنّ أنها بُنيت من أجل اللعب، كالواقع الافتراضي، أن تُستخدم أيضًا في العلاج النفسي.
ومع ذلك يحاول الناس أن يجدوا توازنًا صحيًا مع اللعب.

لايزال الباحثون يحاولون فهم مخاطر وآثار النشاط (اللعب)، وذلك منذ أن أصبح هذا مؤخرًا نشاطًا شائعًا؛ إذ تحتوي 63% من الأسر الأمريكية على (لاعب دائم) واحد على الأقل وهذا الأمر لم يكن موجودًا قبل عدة أجيال.

تقوم منظمة الصحة العالمية بإنشاء قائمة التصنيف العالمي ليتسنّى لكل دولة أن تستخدم النظام المُوحّد لتصنيف الأمراض، والذي سيسمح بطريقة موحدة لتحديد الأمراض ومواصلة تعقّب الأمراض الشائعة.

لكن سيستغرق ذلك بعض الوقت قبل أن يتم تطبيق التصنيف العالمي من قبل دول العالم، إذ يقرّر كل نظام من أنظمة الرعاية الصحية متى سيبدأ استخدام القائمة المُحدّثة والذي يستوجب إجراء تغيير في أشكال حفظ السجلات الطبية المتنوعة.

لم تتبنَّ الولايات المتحدة القائمة الأخيرة من التصنيف العالمي حتى عام 2015، على الرغم من أنّ هذا التصنيف قد أُنجز عام 1992 وتم تبنيه لأول مرة من عام 1994. وحالما تتبنى الدول الأعضاء النظام الجديد سوف تقرّر كيف يجب أن تتم معالجة هذه التشخيصات من قبل أنظمة الرعاية الصحية وشركات التأمين.

وفي غضون ذلك سوف تستمر الأبحاث حول آثار الألعاب.


  • ترجمة: عدي بكسراوي
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: إيناس الحاج علي
  • المصدر