أن ترمق حصانك بنظرة ازدراء هو وسيلة أكيدة لتثير استياءها، والأبحاث تدعم ذلك!

تُظهر دراسة جديدة أنّ الأحصنة لا تلاحظ فقط أنّك في مزاج سيء وحسب، بل ستتذكر ذلك لاحقًا؛ حتّى لو لم تفعل شيئًا لإزعاجها.

تقترح أدلة تعتمد على دراسة أنجزت في جامعتي «بورتسموث» و«سرسيكس» بأن الأحصنة تستجيب بشكل مختلف تجاه الأشخاص، وذلك إذا رأت صورة فوتوغرافية سابقة تظهرهم عابسين أو مبتسمين.

يقول الفيزيولوجي (Karen McComb): «وجدنا أن الأحصنة لا تستطيع قراءة تعابير الوجه الإنساني فقط، لكنها تستطيع أيضًا تذكُر الحالة العاطفية السابقة للشخص عند مقابلة ذات الشخص مرةً أخرى لاحقًا في ذات اليوم؛ وأيضًا، يكيفون تصرفاتهم وفقًا لتلك المعطيات».

«بشكل أساسي، الأحصنة لديها ذاكرة للمشاعر».

بالنسبة لأغلب الناس الذين يعيشون في عالم آلي لا يعتمد على الأحصنة، هذا البحث لا يتعدى كونه معلومةً طريفةً مثيرةً للاهتمام.

لكن، بالنسبة للأشخاص الذين يتعاملون مع هذه الحيوانات، فإنّه من الجيد الحصول على دليل صلب يدعم ما يعتقده الكثيرون بأنّ الأحصنة شديدةُ الانتباه للأفعال والتصرفات.

لذلك، من الأفضل أن تنتبه لسلوكك.

حقًا، يجب ألّا نتفاجئ كثيرًا، فالحيوانات الأخرى المُدجّنة مثل الكلاب، وحتى الخراف الوديعة يمكن أن تستجيب وتتذكر تفاصيل وجوه الأشخاص.

لتحري ما إذا كانت الأحصنة لديها هذه المهارة، بالتفاعل مع المشاعر التي تظهر على وجوهنا، قام العلماء باختبار، مستخدمين صورًا تبدي تعابير الفرح والغضب، ووجد الباحثون أنّ الأحصنة أبدت رد فعلٍ سلبي، وزيادةً في عدد ضربات القلب تجاه الصور الأكثر عدائية.

وللمفاجأة، أبدت الأحصنة تحيُزًا أيضًا في طريقة النظر لتلك الصور، فقد أمالت رؤوسها لتحدق في الصور بواسطة العين اليسرى؛ وقد يكون ذلك بسبب اختلاف كيفية معالجة نصف الكرة المخيّة للتنبيه المهدِّد للحياة.

لمتابعة هذه الدراسة، توجّه الفريق إلى الإسطبل واستخدموا نفس التقنية الأساسية لتحري وجود تأثير ثابت لردة الفعل، حول كيفية تعامل 24 حصانًا في أربعة أماكن على امتداد (ساسكس) بجنوب شرق إنجلترا مع الأشخاص المبتسمين والمتجهّمين.

بعد عدة ساعات من رؤية صورة لشخص مبتسم أو عابس، تم إحضار الأشخاص الظاهرين بالصور لمقابلة الأحصنة، لكن هنا كانت تعابير الأشخاص محايدة.

لم يبدُ أنّ هذا قد أثّر على الأحصنة، فقد استطاعت تذكّر الأشخاص ومزاجهم مستخدمين زوايا مختلفة للنظر، وارتفع معدل دقات القلب عند الأحصنة التي تذكّرت الأشخاص الذين بَدَوا نكديين أو متجهمين.

فالأحصنة حيوانات ذكية للغاية وتستطيع ملاحظة التغيرات الطفيفة في حالة الشخص.

في بداية القرن الماضي جذب الحصان (Clever Hans) اهتمامًا عالميًا، إذ بدا أنّه يستطيع التعرّف على الأرقام وحتّى القيام بالحساب، بينما هو بالحقيقة كان يتفاعل مع تغيّرات طفيفة في وضعية مالكه عند قيامه بعملية الحساب المزعومة.

إذًا لتفادي حدوث مثل هذا التأثير على تلك الأحصنة الذكية، لم يكن الأشخاص الموجودون بالصور على علِم بالصورة التي عُرِضَت على كلّ حصان، وبالتالي مُنعوا من الغش في هذه التجربة.

أجريت تجربة مشابهة على 24 حصانًا آخرين تمّ اتّخاذهم كمجموعة مراقبة، لتقابل شخصًا غريبًا بتعابير جادّة وقاسية، غير الشخص الظاهر في الصورة.

وبعد ملاحظة التحليل الإحصائي لمعدل ضربات القلب وردود الفعل السلوكية كان واضحًا أنّ الأحصنة لديها موهبة في التعرّف على التعابير العاطفية للأشخاص بعد مرور ساعات من رؤيتهم.

يقول عالم النفس (Leanne Proops) من جامعة بورتسموث: «نحن نعلم أنّ الأحصنة حيوانات ذكيةٌ اجتماعيًا لكن هذه أول مرة يَثْبُتُ أنّ حيوانًا من الثدييات لديه هذه القدرة الخاصّة.

والصادم بالموضوع أنّ الأحصنة فعلت كل ذلك بعد مشاهدة صورة شخص بتعبير مميز بفترة وجيزة، ولم تكن لهم تجارب إيجابية أو سلبية قوية مع ذلك الشخص».


  • ترجمة: زياد الشاعر.
  • تدقيق: محمد عبدالحميد ابوقصيصة.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر