guloseq

العديد منّا ربما سمع بمرض الاسقربوط الذي عانى منه البحّارة خصوصاً ، لكن العديد منّا لم يسمع بقية الحكاية و ما وراء هذا المرض من أسرار.

مرض الاسقربوط ناتج عن نقص فيتامين C و لذلك نرى على العديد من المنتجات الغذائية و بالخط العريض “غني بفيتامين C” ، لكن هل تعلم أن باقي الحيوانات و النباتات حتّى لا تحتاج لفيتامين C في غذائها حيث تنتج أجسامها حاجتها من فيتامين C ، فقط الرئيسيات بسيطة الأنف Haplorhini و منها الإنسان و الشيمبانزي تحتاج إلى فيتامين C في غذائها إضافة إلى بعض الأنواع كخنازير غينيا و بعض الخفافيش في طفرات منفصلة.

السبب في ذلك هو طفرة عطلت جين Gulo ( L-gulono-γ-lactone oxidase) لدى السلف المشترك للرئيسيات بسيطة الأنف ،
جين Gulo مسؤولُ عن المرحلة الرابعة و الأخيرة في المسار الجزيئي لتشكيل حمض الاسكوربيك داخل الجسم و الذي يتحول لفيتامين C (المراحل الثلاثة السابقة ما زالت عاملة لكن تعطل المرحلة الرابعة أدى إلى انعدام قدرتنا نحن و القرود العليا على إنتاج فيتامين C).

سلسلة الجين تحوي عدة كودونات توقف “روامز توقف”و طفرات حذف “إلغاء” مشتركة عند كل من البشر و الشيمبانزي و الغوريلات و الأورانج أوتان و الماكاك و قرد الترسير حولت جين Gulo إلى جين زائف لا وظيفة له عند هذه الكائنات ، في الصورة لكودون توقف مشترك بين جينوم البشر و القردة العليا و قردة العالم القديم.
الأدلة تشير إلى أن الطفرة حدثت قبل حوالي 61 مليون عام لدى السلف المشترك بعد انفصال الرئيسيات بسيطة الأنف عن الهباريات Strepsirrhini فالهباريات لديها جين Gulo وظيفي و يقوم بإنتاج فيتامين C.
حدوث الطفرة في الموضع نفسه لدى كل من قرود العالم القديم و قرود العالم الجديد و القردة العليا و البشر دليل وراثي قوي على انحدارها من سلف مشترك.

يحاول معارضو التطور تشويه هذا الدليل بالقول أن خنازير غينيا لديها نفس الطفرة فلا يمكن اعتبار هذه الطفرة دليلاً على السلف المشترك ، في الحقيقة الرئيسيات من ضمنها نحن فقدت 7 إكسونات من أصل 12 إكسون في سلسلة هذا الجين في حين أن خنزير غينيا فقد الإكسون الأول و الخامس و جزء من السادس في حين أن طفرة خنزير غينيا تعود لـ14 مليون عام.

كيف تغلبنا على هذه الطفرة السلبية؟

نقص فيتامين C من الجسم لفترة طويلة يؤدي إلى الموت فكيف انتصرنا على هذا التحدي لمدة 61 مليون عام؟ ،من المعروف أن أسلافنا تطورت في مناطق غابات و غذائها يعتمد على الثمار (حتى يومنا هذا تعتمد أغلب الرئيسيات على الثمار) ،وجود الثمار الغنية بفيتامين C “حمضيات” في نظامنا الغذائي مكننا من تجاوز هذا الطفرة و الاستمرار..

و يطرح هذا الجين الزائف تحدياً لأنصار التصميم الذكي ، فما الفائدة من إيجاد المراحل الثلاث كاملةً في كائن و تعطيل المرحلة الرابعة جاعلةً الجين كله غير وظيفي إن لم يكن التفسير هو التطور عبر آلياته الطبيعية (الطفرات) و تأقلمنا مع التغيير الحاصل (اعتماد الحمضيات الغنية بفيتامين C لتجاوز الطفرة التي منعتنا من إنتاج هذا الفيتامين في أجسادنا)؟

[divider] [author ]إعداد : راوان خاشوق

تصميم الصورة : صلاح الإبراهيم[/author] [divider]

المصادر : كتاب Human Evolution
Genes, Genealogies and Phylogenies ، من إصدارات جامعة كامبردج ، الفصل الثالث Pseudogenealogy

مصدر 1 ، مصدر 2 ، مصدر 3 ، مصدر 4