إذا كنت تعتقد أن الطعام الذي تتناوله يسقط من فمك إلى معدتك ويُهضم على الفور فأنت مخطئ، فعملية الهضم الطبيعية تستغرق ما بين 6 إلى 7 ساعات وأحيانًا أكثر من ذلك، لكن في حال كنت تعاني من الإسهال، ستلاحظ بالتأكيد أن رحلة الطعام من الفم إلى خارج الجسم لا تستغرق وقتاً يذكر، فما هو السبب؟

قبل أن نتعمّق في آلية حدوث الإسهال دعونا نلقي نظرة سريعة على عملية الهضم الطبيعية وكيف تتم.

رحلة الطعام في أجسامنا:

عندما تضع اللقمة في الفم يتم أولًا طحنها إلى قطع صغيرة بوساطة الأسنان إضافة لترطيبها باللعاب، ثم يدفعها اللسان إلى نهاية الفم حيث تُبلع وتسافر بعدها عبر المريء لتصل إلى المعدة، وهنا يُعالَج الطعام بشتى الوسائل بفعل الإنزيمات والعُصارات الهاضمة، قبل أن يمر إلى الأمعاء الدقيقة حيث يتم امتصاص الجزيئات المعقدة مثل السكر والأحماض الأمينية والدسمة وبعد ذلك يُرسَل الطعام غير المُمتص والذي لم يُهضم إلى الأمعاء الغليظة.

وبعد أن ينهي الطعام رحلته في السبيل الهضمي، يتجه ما تبقى منه نحو المستقيم لينتظر المرحلة الأخيرة من رحلته، أي الخروج من الجسم.

تحتوي الأمعاء الغليظة على مجموعة من الأعصاب التي تستجيب للضغط.

وعندما يصل الطعام (أصبح يدعى برازًا هنا) إلى كمية معينة تُرسَل إشارة إلى الدماغ بأن الوقت حان للتوجه إلى المرحاض.

وعندما يتدخّل الإنسان فعليًا بعملية التغوط فإنه يتحكم إراديًا بالمصرّة الشرجية ويتم إخراج الفضلات من الجسم نهائيًا.

بعد هذا الملخص القصير لعملية الهضم، لنتعرف على الحدثيّات التي تحصل في الإسهال:

في الظروف العادية يعمل جهاز الهضم بشكل طبيعي، لكن إذا أكلت شيئًا فاسدًا (تسمم طعام) فإن ذلك سيزعج جهازك الهضمي وستخرج الأمور عن السيطرة.

أغلب حالات الإسهال تحصل بسبب الجراثيم والطفيليات أو الفيروسات.

عندما تتناول شيئًا يسبّب التهابًا أو إنتانًا جرثوميًا في الأمعاء فسيحدث رد فعل غير طبيعي في المعدة وستباشر حزمةٌ معقدةٌ من الأعصابِ (الموجودة في الأمعاء) العمل، إذ ستُنقل إشارة الخطر إلى الدماغ الذي سيقوم بدوره بتفعيل زر الطوارئ وتوجيه جهاز الهضم لإفراغ وطرد كل شيء بالسرعة القصوى.

وللمساعدة في عملية الإفراغ فإن الماء والسوائل الأخرى ستختلط مع الطعام الضار داخل الأمعاء وتُسرّع عملية إخراج هذا الطعام خارج الجسم.

لتتوضح العملية بشكل أفضل، تخيل أن أمعاءك عبارة عن سكة قطار وأن الطعام الذي تتناوله هو عربات القطار التي تسير على هذه السكة، وفي الظروف الطبيعية فإن الفترة اللازمة لانتقال القطار من المحطة الأولى (الفم) إلى المحطة الثانية (الشرج) تستغرق عدة ساعات.

وطالما أن القطار يسير على السكة فإن كل شيء على ما يرام.

لكن في اللحظة التي تضع بها مجموعة عربات رديئة على السكة ستبدأ سلسلة من الأحداث، ستكشف الحساسات على طول السكة (الأعصاب في بطانة الأمعاء) عربات القطار وتعتبرها جسمًا غريبًا، وستقوم بإرسال إشارات استغاثة للمسؤول (الدماغ)، والدماغ هنا يملك خيارين: إما أن يطرد العربات إلى المكان الذي أتت منه (نقصد الإقياء)، لكن ذلك قد يكون مؤلمًا وقد يسبّب ضررًا في السكة (التهاب)، أو أن يقذف بالعربات الرديئة باتجاه الأسفل إلى المحطة الثانية.

ولتسهيل الخروج السريع في الخيار الثاني (أي الإسهال)، فإن الدماغ يقوم بإغراق الأمعاء بالماء والسوائل الأخرى مما سيُغرق العربات الرديئة ويجعلها رطبة ولزجة وبالتالي سيساعد بشكل كبير في رمي العربات خارجًا بسرعة كبيرة.

هل عرفتم الآن السبب وراء سفر الطعام السريع خلال الجسم في حال الإصابة بالإسهال!


  • ترجمة: عمر إسماعيل.
  • تدقيق: رزان حميدة.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر