يقول الأطباء أن زراعة الخلايا الجذعية يمكن أن يكون الدواء السحري للعديد من المرضى المصابين بالتصلب المتعدد؛ إذ أظهرت نتائج من تجربة دولية أنها قادرة على إيقاف المرض وتحسين الأعراض.

ويشمل ذلك القضاء تمامًا على الجهاز المناعي للمرضى باستخدام أدوية السرطان، ثم إعادة تشغيله بواسطة زراعة الخلايا الجذعية.

تقول لويز ويليتس والتي تبلغ من العمر 36 عامًا وتعيش في مقاطعة روثرهام، وهي الآن لا تعاني من أي أعراض بعد العلاج، إنها تشعر وكأنها معجزة.

جدير بالذكر أن هناك حوالي 100 ألف شخص في المملكة المتحدة مصابين بمرض التصلب العصبي المتعدد الذي يهاجم الأعصاب في المخ والحبل الشوكي.

شارك أكثر من 100 مريض في الدراسة في مستشفيات شيكاغو وشيفيلد وأوبسالا في السويد وساو باولو في البرازيل، وكانوا جميعًا يعانون من الصورة المتقطعة من المرض، إذ أنه كان يأتي على هيئة هجمات من المرض تليها فترات خالية من أي أعراض.

تم نشر النتائج المؤقتة في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية لزراعة العظام والنخاع في لشبونة.

تلقى المرضى زراعة للخلايا الجذعية المكونة للدم (haematopoietic stem cell) أو علاجًا دوائيًا فقط.

وبعد عام واحد، انتكس مريضٌ واحد فقط من المجموعة التي تلقت الخلايا الجذعية مقارنة بـ 39 مريضًا في مجموعة الأدوية.

بعد متابعة متوسطها ثلاث سنوات، فشلت عملية زراعة الخلايا الجذعية في ثلاثة من أصل 52 مريضًا (6٪)، مقارنة بـ 30 من 50 (60٪) في المجموعة التي تلقت الدواء.

كما أن حدة المرض انخفضت بشكل ملحوظ في المجموعة الأولى، في حين تفاقمت الأعراض في المجموعة الدوائية.

يقول البروفيسور ريتشارد بيرت، كبير الباحثين في جامعة نورث وسترن في شيكاغو: «إن النتائج تميل بشكل مذهل ناحية زراعة الخلايا الجذعية مقابل أفضل الأدوية المتاحة حاليًا.

لقد كان مجتمع طب الأعصاب متشككًا بشأن هذا العلاج، لكن هذه النتائج ستغير ذلك».

يُستخدَم العلاج الكيميائي لتدمير الجهاز المناعي المُصاب.

ثم يُعاد زرع الخلايا الجذعية المأخوذة من الدم والنخاع العظمي للمريض.

هذه الخلايا تكون سليمة وغير مُصابة بالتصلب العصبي المتعدد، وتقوم بإعادة بناء النظام المناعي.

يقول البروفيسور جون سنودن، عالم الدم ومدير عمليات زرع نخاع العظام والدم في مستشفى هالامشير في شيفيلد: «نحن سعداء بالنتائج، فهي تغير قواعد اللعبة للمرضى المصابين بالتصلب المتعدد المقاوم للأدوية».

ويقول البروفيسور باسيل شاراك، طبيب الأعصاب ومدير أبحاث مرض التصلب العصبي المتعدد في مستشفى رويال هالامشير: «هذا تحليل مؤقت، ولكن مع ذلك، فإنه أفضل نتيجة رأيتها في أي تجربة لعلاج مرض التصلب المتعدد على الإطلاق».

تم تشخيص لويز بمرض التصلب العصبي المتعدد في عام 2010 عندما كانت تبلغ من العمر 28 عامًا فقط، وتقول: «التصلب المتعدد تحكم في حياتي وعشت في خوف دائم من الانتكاسة القادمة.

أسوأ وقت مررت به عندما لم أكن قادرة على مغادرة السرير، لأنه لم يكن لدي أي استقرار في جسدي.

لقد كافحت كي أتمكن من المشي بل وقضيت بعض الوقت في كرسي متحرك أيضًا.

كما أنه أثر على عقلي وإدراكي للأمور، إذ كان الأمر أشبه بضباب دماغي، كما أني كنت أخطئ أحيانًا في قراءة الكلمات، وكنت أكافح لكي أواكب المحادثات البسيطة».

صوّرت بانوراما لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) خضوعها لعملية زراعة الخلايا الجذعية في أكتوبر 2015، وقد عادت إلى حالتها الصحية الكاملة بعدها.

تزوجت لويز من شريكها ستيف في الذكرى الأولى للعملية، وابنتها الرضيعة (جوي) تبلغ الآن شهرًا من العمر.

وتقول: «أشعر أن تشخيصي كان مجرد حلم سيئ.

الآن أنا أعيش كل يوم كما أريد، بدلًا من أكون محكومة دومًا بالتصلب العصبي المتعدد».

تُكلف عملية الزرع حوالي 30.000 جنيه استرليني، وهو تقريبًا نفس السعر لاستهلاك سنة من بعض الأدوية التي تعالج المرض.

ولكن المشكلة أن الأطباء يحذرون أن العملية غير مناسبة لجميع مرضى التصلب المتعدد؛ لأنها مرهقة جدًا للجسد، وتشمل العلاج الكيميائي، بالإضافة لقضاء بضعة أسابيع في العزل الصحي بالمستشفى.

وقالت الدكتورة سوزان كوهلاساس، مديرة الأبحاث في جمعية مرض التصلب العصبي المتعدد: «إن عملية زرع الخلايا الجذعية ستكون قريبًا جدًا دواءً معتمدًا في إنجلترا، وعندما يحدث ذلك، ستكون أولويتنا التأكد من أن من يمكنهم الاستفادة منه، سيتمكنون من الحصول عليه بالفعل.

لقد رأينا نتائج غيرت حياة بعض الأشخاص بعد أن كانوا قد فقدوا الأمل، ولا يمكن أن نضيع الفرصة على بعض المرضى لمجرد أنهم يسكنون في أماكن بعيدة، أو لا تتوافر بها طريقة العلاج هذه».


  • ترجمة: أحمد حسين إبراهيم.
  • تدقيق: مينا أبانوب.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر