قد يبدو الإجراء السنوي الذي نستبدل به ساعة من ضوء النهار مقابل ساعة من السطوع في المساء تغيير غير ضار، لكنه ليس كذلك، حيث أنَّ التوقيت الصيفي قاتلٌ حقيقيّ.

في كل سنة في يوم الإثنين الذي يلي التحول إلى التوقيت الصيفي (في الولايات المتحدة، وكلّ الإحصاءات هنا من مستشفيات وجِهات أمريكية)، تُسجّل المستشفيات ارتفاعًا مقداره 24% في إصابات السكتة القلبية على مستوى الدولة.

هل الأمر مجرد صدفة؟ على الأغلب ليس كذلك، حيث يلاحظ الأطباء سلوكًا معاكسًا في فصل الخريف، وتشير التقارير إلى انخفاض نسبة إصابات السكتة القلبية بمقدار 21% عند يوم الثلاثاء بعد إرجاع الساعة إلى الوراء (التوقيت المعتاد)، وحصول الناس على ساعةِ نومٍ إضافية.

إنَّ إمكانية موتنا بسبب التوقيت الصيفي هي بسبب مواعيد النوم المتقطّعة، فعند بدء التوقيت الصيفي وبدلًا من أن تتحرّك عقارب الساعة من 1:59 صباحًا إلى 2:00 صباحًا، تقفز العقارب ساعة كاملة إلى 3:00 صباحًا، ويُقدر الباحثون هنا بأننا نحرم أنفسنا من 40 دقيقة نوم إضافية بسبب هذا الإجراء.

يقول ماثيو والكر (Matthew Walker)، مؤلّف كتاب (كيف ننام-How We Sleep) لموقع بيزنس إنسايدر (Buisness Insider): «إنّ جسمنا ضعيفٌ، حساسٌ، وسريع التأثر تجاه خسارة ساعة واحدة من النوم»، ويضيف بأنّ هذه التجربة العالمية التي نقوم بتنفيذها مرتين كل عام هي إشارة لمدى حساسية أجسامنا تجاه هذه الرغبة لتغيير مواعيد العمل، حيث يكون هذا التغيير في فصل الخريف نعمة وفي فصل الربيع لعنة مميتة.

تستمر موجة السكتات القلبية المأساوية ليومٍ واحدٍ فقط، لكنّ أجسامنا يمكن ألّا تتعافى كليًّا من صدمة التوقيت الصيفي لأسابيع، ونكون أكثر عرضةً لارتكاب حوادث مميتة على الطرقات.

يُقَدِر الباحثون بأن حوادث السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية والتي سببها سائقون لم يحصلوا على القسط الكافي من النوم بسبب التبديل إلى التوقيت الصيفي، قد سببت زيادة في الوفيات مقدارها 30 شخصًا إضافيًّا في الفترة 2002-2011.

يشرح لنا والكر في كتابه أيضًا: «بسبب فترات الانتباه والاهتمام وفترات النوم القليل، يكون الدماغ بمثل حساسية القلب تجاه اضطرابات النوم الصغيرة جدًا».

المشكلة لا تتوقف هنا، بل يتسبب التبديل إلى التوقيت الصيفي (الحفاظ على ضوء النهار) (DST) (Daylight Saving Time) زيادة الإصابات في مواقع العمل والسكتات الدماغية، ويمكن أن يسبب أيضًا طفرة (زيادة) مؤقتة في حالات الانتحار في مثل هذا الوقت من السنة.

لقد أوردت تقارير إخبارية لمحطة ABC أنه ولهذه الأسباب، فقد بدأت ولايات أمريكية مثل فلوريدا وماساتشوستس بتشكيل جماعات (حملات) ضاغطة (Lobby) من أجل إلغاء هذا التغيير في التوقيت (كما ترفض هاواي وأريزونا الالتزام بتغيير التوقيت).

لماذا نقوم بتوفير ضوء النهار من أجل المساء؟

تم ابتكار تغيير التوقيت من أجل الحفاظ على ضوء النهار (التوقيت الشتوي والصيفي) في الأصل كطريقة من أجل توفير الطاقة، وتم تطبيقها في ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى.

على الأغلب هذه العملية لا تساهم بتوفير أيّ مقدار من الطاقة على الإطلاق، هذا ما تقترحه العديد من الأبحاث الحديثة.

هناك بعض الأدلة على أنّ ضوء المساء يمكن أن يقلل من الجرائم ويزيد من الوقت الذي يقضيه الناس في ممارسة التمارين الرياضية، على الأقل في مناخات محددة.

يشترك أقل من نصف بلدان العالم في هذا الإجراء النصف سنوي لتغيير التوقيت، ويسبّب هذا التقليد (العادة) حتمًا خسارة بعض الناس لحياتهم.

وبينما قد يعجبك أن اليوم بعد انتهاء العمل في التوقيت الصيفي يظل مضيئًا لساعة إضافية، تذكّر أن تنتبه لصحة قلبك وتركيزك.


  • ترجمة: يازد حسامو
  • إعداد: لؤي حاج يوسف
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر