الدواء الذي يؤثّر على الوعي والمسمى (LSD) معروفٌ بقدرته على أن يسبب هلوسات بصريّة غريبة: حتى جرعة صغيرة من هذا الدواء من الممكن أن تحوّل الجدران المستوية لغرفة نومك إلى شيء ما قادم من (Wonderland).

الأشياء تلتوي، الألوان تمتزج، ونمطٌ معقّدٌ سيضيف وميضًا لكلّ شيء تراه، لكن كيف سيبدو تأثير الـ LSD إذا كنتَ أعمى؟

في حالة غير عادية نشرت في إصدار شهر أبريل من مجلة (Cognition and Consciousness)، تُبيّن أنَّ نجم روك سابق يبلغ من العمر 70 عامًا لديه بعض الإجابات.

هذا الرجل، المعروف باسم «Mr. Blue Pentagon» قام بإعطاء الباحثون تفاصيل دقيقة لما كان يحدث معه عند تناوله حبوبه المفضلة من الـ (LSD) في مسيرته الفنية في سبعينات القرن الماضي.

ولدَ السيّد بينتاغون وهو أعمى، لم يتمكن من اختبار الإبصار مع أو بدون دواء (LSD)، وبدلًا من هذا، تحت تأثير المواد المهلوسة، عانى من هلوسات سمعيّة ولمسية قوية، متضمنةً التداخل بين هاتين الحالتين، طبقًا للتقرير.

أخبر السيد بينتاغون الباحثون: «لم أستطع رؤية أي صور بصرية، ولا يمكنني رؤية أو تخيّل كيف يبدو الظلام والضوء»، لكن تحت تأثير (LSD)، بدت الأصوات كأنّها فريدة، والاستماع إلى موسيقى ما جعلني أشعر وكأنّي مغمورٌ في شلال، كما قال «جلبَت موسيقى باخ المسماة third Brandenburg concerto إحساسَ الشلال، حيثُ تمكّنت من سماع أصوات الكمانات في روحي، ووجدت نفسي في مناجاة فردية استمرت لأكثر من ساعة مستخدمًا نوتات مختلفة من صوتي.

أعطى LSD كلَّ شيءٍ قيمة.

الأصوات القادمة من الأغاني التي استمع لها عادةً أصبحت ثلاثية الأبعاد، عميقة ومطولة».

حالة السيد بينتاغون هي لمحة نادرة بخصوص كيف من الممكن أن يؤثر(LSD) في غياب البصر، وبغضّ النظر عن بعض الأسئلة والأجوبة على موقع ريديت، المصدر الوحيد الآخر هي دراسة تمت في 1963 على 24 شخص أعمى، والتي قادها أخصائي بصريات لمعرفة ما إذا كانت الشبكية الغير تالفة (الجزء من العين الذي يتحسس الضوء) كافية للحصول على هلوسات بصرية (الجواب هو لا)، ولم تتضمّن الدراسة التجربة النفسية للمشتركين.

إنّ فهمنا لتجربة السيد بينتاغون مع هذا الدواء من الممكن أن يعطينا نظرة فريدة حول كيف تتم التجارب النبيلة المختلفة المرتبطة بالعديد من الحواس في الدماغ، وبالذات الدماغ المربوط بصورة مختلفة بسبب افتقاره للبصر، طبقًا للباحثين من جامعة باث في المملكة المتحدة، الذين نشروا البحث.

الحس المرافق (Synesthesia)، هي حالة نادرة حيث يتم الإحساس بحاسة ما على شكل حاسة أخرى؛ على سبيل المثال من الممكن أن يسمع شخصٌ ما الألوان أو يتذوق الأصوات.

تداخل الحواس هذا من الممكن أن يحدث بسبب تضارب الاتصالات بين شبكات الدماغ التي تحلّل كل حاسة، كما افترض العلماء.

اقترحت العديد من التقارير المنقولة وما تم توثيقه في بعض الدراسات، تسبب (LSD) اضطراب حواس سمعيٍّ-بصريّ، وهي حالة تؤثر فيها الأصوات والرؤية على بعضها البعض، ويبدو أنّ السيد بينتاغون قد اختبر ظاهرة مشابهة، لكن بدلًا من أن يخلط الرؤية والسمع، تضمنت الحالة الحواس التي كانت موجودة عنده: السمع واللمس، كما اقترح العلماء.

لا يزال هنالك الكثير لاكتشافه عن التقرير النوعي هذا والمبني على شخصٍ واحد.

تقول إيلسا جيروم، الباحثة السريرية للرابطة متعددة الاختصاصات لدراسات المواد المخدّرة (MAPS)، والتي لم تشارك في البحث: «إنّ الحصول على نظرة داخلية من قصة فردية هو أمر مشابه للمستحيل».

جيروم، المصابة بتلف في بصرها، قالت: «أنا غير مقتنعة بأنّ الحصول على إعاقة بصرية من الممكن أن يضيف أي تجربة إضافية حول كيف من الممكن لأدوية (LSD) أن تغيّر العملية الحسية، لكنّه من الممكن أن يوفّر حافزًا أكبر لتجربة التأثير الحسي للمواد المخدرة».

الدماغ عند العمى

التفاصيل حول طريقة عمل (LSD) في الدماغ غير واضحة حتّى الآن، لكن العلماء يعتقدون أنّ التأثير المهلوس لأدوية (LSD) يحدث لأنّ هذه الأدوية من الممكن أن تغير الاتصالات العصبية في الدماغ.

وبصورةٍ خاصّة، تستولي (LSD) على مستقبلات السيروتونين، أحد النواقل العصبية المستخدمة في التواصل، والهلوسة البصريّة من الممكن أن يكون سببها أنّ (LSD) يحفّز المستقبلات هذه في القشرة البصرية، الجزء من الدماغ الذي يعالج الضوء، اللون، والمعلومات البصرية الأخرى.

أوّل دراسة بحثت في تأثير (LSD) على الدماغ باستخدام التكنولوجيا الحديثة تمّ نشرها مؤخّرًا، في 2016، في مجلة (Proceedings of the National Academy of Sciences).

في تلك الدراسة، عندما تناول الناس (LSD)، لاحظ العلماء أنّ القشرة البصرية كانت فعّالة بصورة غير اعتيادية، وحدثَت فعاليات أخرى متزامنة في مناطق أخرى من الدماغ، وكان الاتصال هذا مرتبطًا بالهلوسات البصرية المعقّدة التي اختبرها المشاركون.

تتطور القشرة البصرية إلى نظامٍ فعّال بصورةٍ تامّة في فترة مبكّرة من الحياة استجابةً للمعلومات القادمة من العين، لكن بغياب التجربة البصريّة المبكّرة، وهي الحالة بالنسبة لهؤلاء الذين ولدوا وهم عميان، لا تتطور القشرة البصرية بطريقة طبيعية، وبدلًا عن هذا، تتم إعادة ربطها بحواس السمع واللمس.

من الممكن أن يفسّر هذا تجربة السيد بينتاغون مع (LSD).

تقول جيروم: «أتوقّع أنّ المنطقة التي كانت من المفترض أن تكون مسؤولة عن البصر لا يحدث لها هذا الأمر في حالة السيد بينتاغون، لذا أعتقد أن (LSD) ستفعل نفس الشيء في منطقة القشرة هذه، لكن بما أنّ هذه المنطقة بالنسبة له، مرتبطة بحواسٍ أخرى، إذًا ستتأثر هذه الحواس».

الهلوسة البصرية والسمعية هي جزء واحد من آثار (LSD)، حيث يمكن لهذا الدواء أن يسبب تغيّرات عميقة في العواطف والوعي، والتي يتم الإبلاغ عنها من قبل الأشخاص المصابين بالعمى وهؤلاء الذين يستطيعون النظر.

حيثُ تشير الدراسات القليلة بخصوص هذا الموضوع أنّ (LSD) قد يقوم بهذا عن طريق تخفيض الحاجز بين شبكات الدماغ، سامحةً بالتواصل فيما بينها بطريقة أكثر مرونة.


  • ترجمة: سنان حربة.
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر