إذا كانت الشمس تجذب الأجسام نحوها مباشرةً، فلم تدور حولها؟


 ينص قانون نيوتن للحركة على:

MP وAP هما كتلة وتسارع كوكبٍ ما، MS هو كتلة الشمس، R هي المسافة بينهما، G  ثابتٌ كونيّ.

يقول هذا القانون الجريء: «إذا كنت موجودًا بجوار الشمس، فأنت تتسارع باتجاهها».

كافة الكواكب والأقمار حتى حبات الغبار يرددون نفس العبارة الآمرة: «أنت، تتسارع ناحيتي!»، مجرد تمثيل كتلة الشمس 99.86% من مجموع كتلة المجموعة الشمسية، يجعلها تقولها بصوتٍ أعلى.

أي قوةٍ -كالجاذبية- تسبب تسارع الأجسام التي تؤثر عليها، لذا، لكي نفهم ما تفعله القوة -أي قوة- من الضروري أن نفهم التسارع (العجلة).

(السرعة المتجهة – (Velocity تصف مقدار سرعة تغير مكانك، بينما تصف العجلة مقدار سرعة تغير سرعتك المتجهة.

(السرعة المتجهة – (Velocity تختلف عن (السرعة – (Speed، لأن السرعة المتجهة هي وصفٌ لسرعة واتجاه حركتك، فحين نقول: «10 كم\س شمالًا» نتحدث عن سرعةٍ متجهة، أما حين نقول: «10 كم\س» فنحن نتحدث عن سرعة.

لذا من الممكن أن يكتسب جسمك عجلةً تقوم بتغيير سرعتك المتجهة عن طريق تغيير سرعتك أو تغيير اتجاه حركتك.

تخيل أنك في سيارة (سرعتك المتجهة تشير إلى الأمام):

  • إذا تسارعت إلى الأمام، فإن سرعتك تتزايد.
  • إذا تسارعت إلى الخلف، فأنت تتباطأ.
  • إذا تسارعت إلى اليمين أو اليسار، فأنت تنحرف إلى أحد الاتجاهين، لكنك تحافظ على نفس سرعتك.

لاحظ أنك حين تتحدث عن العجلة بهذه الطريقة، فالدفعة التي ستشعر بها فجأة حين تكبس دواسة الوقود هي ذاتها التي ستشعر بها في حزام الأمان حين تكبس دواسة المكابح، وهي نفسها التي تدفعك يسارًا حين تنحرف بالسيارة يمينًا.

تنطبق نفس القاعدة على الكواكب، فكوكبٌ يتحرك حول الشمس في مسارٍ دائريّ، يحافظ على مكانه من الشمس متعامدًا مع الاتجاه الذي يتحرك فيه، ما يعني أن الكوكب يدور بلا توقف.

لكن بنفس السرعة، تتحرك الكواكب بسرعةٍ كبيرةٍ لدرجة أنه إذا انحرف مسارها قليلًا، فستبتعد لمسافةٍ كبيرةٍ تجعل الشمس كأنها في مكانٍ جديد، يظل متعامدًا على اتجاه الحركة.

بتلك الطريقة، يمكن للكواكب أن تتسارع دائمًا باتجاه الشمس دون أن تقترب أبدًا.

سبب الحركة الجانبية للكواكب هو أن تلك الكواكب إن لم تتحرك إلى الجانب فستجد نفسها داخل الشمس في وقتٍ قصير.

في الحقيقة، ليست الشمس سوى مجموعةً من كتل المادة التي لم تكن تتحرك جانبيًا بسرعةٍ كافيةٍ عند تكوّن المجموعة الشمسية (هذه المجموعة من الكتل هي تقريبًا كل كتلة المجموعة الشمسية).

أما سبب تحرك الأجسام في مساراتٍ دائرية، فهو سؤالٌ جانبيّ.

الإجابة المختصرة هي أن الأجسام التي لا تدور تظل مضطربةً حتى ينتظم مدارها في شكلٍ دائريٍّ بما يكفي، أو تتحطم، ليس المقصود أن المدارات الدائرية أفضل، كل ما في الأمر أن المدارات الأخرى تنطوي على خطورةٍ أعلى للتصادم، أو التداخل التجاذبيّ (مع المشتري على سبيل المثال)، والتي تقود إلى مساراتٍ قصيرةٍ ومؤسفة.

بافتراض أن المدار مستقر، فسيكون على شكل قطعٍ ناقص (بيضاوي – (Ellipse، السبب في ذلك يطول شرحه، والدائرة هي أبسط أشكال القطوع الناقصة، لكن القطوع الناقصة قد تصير مشدودةً بشكلٍ كبير.

على سبيل المثال، مدارات المذنبات تتخذ أشكال قطوعٍ ناقصةٍ شديدة الوضوح (مثل سيدنا). في هذه المدارات تكون المذنبات في حالة ابتعادٍ أو اقترابٍ دائمٍ من الشمس في معظم الأوقات. لذا فبالنسبة لهذه المذنبات، تغير الشمس سرعتهم معظم الوقت، عوضًا عن تغيير اتجاههم.

لا يوجد ما يميز مدارات الكواكب، فالكواكب الثمانية (أو التسعة أو أكثر) ليست الكواكب الوحيدة التي تكونت، لكنها الوحيدة التي بقيت.

فحين تكون الأجسام في مداراتٍ شديدة البيضاوية، فهي تميل إلى الترنح في كل الاتجاهات والاصطدام بالأجسام الأخرى، وحين يصطدم جسمٌ بآخر فهناك احتمالاتٌ محدودةٌ لما سينتج عن ذلك، فقد ينفصلان، وقد يلتحمان.

حين ننظر إلى جيراننا من الكواكب، نرى شقوقًا وآثارًا تشي بحدوث صدماتٍ تكاد قوتها تبلغ الحد الأقصى الذي يتحمله الكوكب دون أن يتفتت، المفترض أنه كانت هناك صدماتٌ أكبر مما كان ليتحمله الكوكب، لكن هذه الصدمات (بطبيعة الحال) لن تترك آثارًا لنكشف عنها.

لذا، فالأجسام ذات المدارات البيضاوية المبالغ فيها، تزيد احتمالات انفجارها، لكن، حتى حين يصطدم جسمان ويندمجان سويًا، فالمسار الناتج للجسم المندمج سيكون متوسط المسارين الأصليين، وهو ما يميل لأن يكون دائريًا أكثر، يكون هذا جزءًا من عملية النمو، فتعطينا حلقات زحل بمساراتها الدائرية التي تكاد تبلغ حد الكمال مثالًا بديعًا عن ذلك، والتي تكونت بنفس الطريقة.

مع الوضع في الاعتبار ضخامة الوقت المتاح، تميل كتل المادة العشوائية في الفضاء إلى التكثف في شكل كرة (تحتوي معظم المادة)، وقرصًا رفيعًا من بقايا المادة يدور حول تلك الكرة في مسارٍ دائريّ.


  • ترجمة: إبراهيم صيام
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر