يدّعي العديد من الناس رؤية أشكال حيوانات في الغيوم، أو وجه رجل على سطح القمر، رؤية وجه رجل في سطح القمر، أو سماع أصوات خفية في التسجيلات عند تشغيلها عكسيًا، أو حتى المسيح في فنجان القهوة و لفظ الله في اغصان الشجر وغيرها من الظواهر.

يعود سبب هذه الرؤية الغير طبيعية لدماغنا الذي يعمد لمحاولة إيجاد الأنماط المألوفة في المعطيات العشوائية المبهمة وتسمى هذه الظاهرة بالبارادوليا (Pareidolia) وهي ظاهرة نفسية مبنية على الأعتقاد بأن أي مؤثر عشوائي مبهم قد يكون مهمًا وذو معنى.

استطاع الإنسان البدائي تفادي الحيوانات المتوحشة عند رؤيتها نتيجة هذه الخاصية، فالبشر لديهم نوعان من الأخطاء الإحصائية، الأول منها يتضمن رؤية شيئ غير موجود بالحقيقة وهو ما يدعى بالبارانويا (paranoia) أو جنون الشك والإضطهاد، والثاني يتضمن عدم رؤية الشيئ الموجود بالحقيقة وهذا ما يعرف بالغفلان لذلك فقد كان البشر عرضة للنوع الأول من هذه الأخطاء لما كان له من فوائد على الناحية التطورية فقد كان من الأفضل للإنسان ان يتخيل الحيوانات المفترسة ويحتمي منها على ان يغفل عنها في حال وجودها ويعرض حياته للخطر.

صورة فضائية لتشكيل جيولوجي في سيدونيا(المريخ)، غالباً ما تسمى “وجة على المريخ”.لاحقاً ألتقطت صور من زوايا أخرى لا يضهر فيها شكل الوجه.

يسمى القسم المسؤول عن التعرف على الوجوه في الدماغ بالتلفيف المغزلي (fusiform gyrus) وهو يتألف من قسمين، اليساري منه يعمل بشكل حدسي سريع يحكم من خلاله إذا كان الشيئ وجهاً أم لا ، بينما يعمل القسم اليميني منه بشكل أبطئ وأكثر دقة إلا أنه يحتاج لمجهود ووقت أكثر، وبما أن الدماغ كسول فإنه يقفز لإطلاق الاستنتاجات والأحكام؛ إلا أن تخيل الوجوه والأشكال ليست ظاهرة الخداع الوحيدة التي يقع الدماغ ضحية لها وإنما هناك ظاهرة الاستسقاط (apophenia) التي نربط فيها ما نرى بتفسيرات ومعاني غير عادية كما في حالة رؤية الأشباح والجن أو الصحون الطائرة وغيرها من الظواهر الخارقة للطبيعة فالبشر لديهم ميل لتصديق الأدلة التي تدعم قناعاتهم ومعارفهم المسبقة وهو ما يعرف بالإنحياز التأكيدي الذي يعد أساساً تقوم عليه نظريات المؤامرة.

كل هذه الظواهر تضيف قيمة لمقولة ريتشارد فاينمان عالم الفيزياء النظرية ” المبدأ الأول أن لا تخدع نفسك ولو أنك الشخص الأسهل للخداع “.

الفائدة التطورية للبارادوليا:

يعتقد العالم كارل ساجان (عالم فضاء و كاتب أمريكي) أن هذه الظاهرة نشأت لتساعد البشر على التعرف على الوجوه البشرية في جزء من الثانية، الأمر الذي يعد مفيدا من وجهة نظر تاريخة وتطوريه حيث أن البشر بحاجة للتعرف على الحلفاء و الأعداء في سرعة و دقة.

أدناه بعض الأمثلة المشهورة:


  • إعداد: سارة الجبر.
  • تحرير: يمام اليوسف.
  • المصدر