لدى الرياضيات الكثير من الأرقام المُميزة، لكن لا يعلق أي منها في المُخيّلة تمامًا مثل النسبة الذهبية، بدءًا من الأهرامات إلى الخضروات، من فن عصر النهضة إلى صَدَف الرخويات، نرى ذلك الرقم كثيرًا باستمرار، ويُعتَقَد أن يكون شائِعًا جدًا في الطبيعة، إلا أنّه ليس كذلك!

هُناك أمثِلةٌ تقريبيةٌ دالةٌ عليه، أو لها علاقةٌ بالرياضيات الخاصة به، لكن ادعاء أنّ النسبة الذهبية هي شيءٌ كونيٌّ يُعتبر أمرًا مُبالغًا فيه. الأمر في الأغلب هو مُجرَّد رؤيتنا لنمطٍ مُحدّدٍ جدًا ومعروفٍ، في حين توجد في الواقع أنماطٌ أكثر عمومية.

هُناك مِنصّتا نقاشٍ رئيسيتان عندما يتعلّق الأمر بوجود النسبة في الطبيعة (أرقام فيبوناتشي، واللوالب الذهبية).

تُشكِّل أرقام فيبوناتشي تسلسُلًا، فكل رقمٍ يُساوي مجموع الرقمين السابقين، ويكون التسلسُل كالتالي: 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، وهكذا.
النسبة بين كل رقمي فيبوناتشي مُتجاورين هي تقريبًا النسبة الذهبية، إذ تتواجد بتلات النباتات وأوراق الأشجار غالِبًا في هذا التوزيع، ولعدم تصرُّف كل النباتات على هذا النحو؛ لا يُمكننا ادعاء أنّها شيءٌ عالميّ.

يدخل اللولب الذهبي غالِبًا في هذه الجدال، يتبع كلٌّ من بروكلي رومانسكي وصَدَفة النوتي البحري بِنياتٍ لولبيةً مُنتظِمة، لكنّهما لا يتبعان اللولبية الذهبية التقليدية، إذ تنشأ لولبيةٌ كهذه بزيادة نصف قطر اللولب بواسطة النسبة الذهبية كل 90 درجة.

يُمكن وصف صَدَفة حيوان النوتي البحري تحديدًا بشكلٍ أفضل، إذ تتمدَّد صَدَفته بواسطة النسبة الذهبية كل 180 درجة، وحتى هذا لايزال تقريبًا.

إذا أرادت النباتات أن تزيد تعرُّض أوراقها للشمس على سبيل المثال، فهي بحاجةٍ ماسةٍ أن تجعلها تنمو بزوايا غير مُتكرِّرة.

إذن، اللوالب التي نراها هي نتيجةٌ لهذا السلوك، ووجود قيمةٍ غير عقلانيةٍ يدعم ذلك، فكل هذه التوزيعات تتبع لوالب لوغاريتمية، وهي الشكل الرياضي العام للنسبة الذهبية.

قد تعتبر تلك لحظة إدراكك للأمر، لكن ما تزال هُناك روابِط رياضيةٌ أعمق بين كل الأشياء الحية.

ما معنى ذلك؟ حسنًا، خُلاصة الأمر بشكلٍ عام هو أنّ الطبيعة كسولة، وتُريد بذل أقل جُهدٍ من أجل أقصى نتيجة.

أبسط طريقةٍ لفعل ذلك هو عن طريق إعطاء تعليماتٍ بسيطةٍ مثل (أولًا انمُ، ثُم انعطف بزاويةٍ مُعينةٍ، وانمُ مرةً أُخرى).

يوصَف ذلك رياضيًا بشكلٍ أفضل بواسطة (الهندسة الكسيرية – Fractals)، وهي أنماطٌ مُتكرِرةٌ ينتهي بها الأمر صانِعة لوالب لوغاريتمية.

من المهم أيضًا تذكُّر أنّه من وِجهة نظر الفيزياء، اللوالب عبارةٌ عن تكويناتٍ مُنخفضة الطاقة، إذن، الرياضيات هي حقًا لغة الكون، لكنها تمتلك حصيلةً لغويةً أغنى بكثيرٍ من النسبة الذهبية.


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: رؤى درخباني

المصدر