نواجه في بعض الأحيان صعوبةً في تحديد سبب انجذابنا لشخصٍ ما بدقة، فقد يكون ثقته بنفسه، أو حس الفكاهة لديه، أو هيئته فقط.

لقد حاولت الكثير من الأبحاث على مر السنين تفسير سبب إعجابنا ببعضنا بعضًا، واختلفت النتائج آنذاك، إذ أظهرت أن النساء قد يحببن رائحة الرجال اللذين يتبعون نظام حميةٍ معين، على عكس الرجال الذين يجدون أفضل النساء ضمن مجموعات أكثر جاذبية.

واقترحت الأبحاث أننا نميل غالبًا للأشخاص الذين يشاركوننا بعض الصفات، وقد ألقينا نظرة على عدد من الدراسات؛ محاولةً لمعرفة الأساس الذي يجعلنا نفضل هيئة شخصٍ على آخر، ومن هنا يحدد العلم تسع سمات في الوجه تجعل الشخص أكثر جاذبية بالنسبة لنا، وهي:

سمات الوجه المتعلقة بالجاذبية

1- التناسق

أظهرت دراسات كانت قد نُشرت في مجلة علم النفس المقارن (Comparative psychology)، ومجلة التطور والسلوك البشري (evolution and human behavior)، أنه ضمن ظروف التجربة فضَّل كُلًّا من النساء والرجال أكثرَ الوجوهِ تناسقًا.

ووجدت دراسة تقوم على توأم متماثلٍ، أن التوأم الذي يملك وجهًا أكثر تناسقا تم عدُّه أكثر جاذبية، وهو الأمر ذاته عند قرود المكاك – نوع من أنواع القرود -، إذ لُوحظ أنها تحدق في الوجوه المتناسقة، أكثر من غيرها لفترة طويلة.

وكانت إحدى النتائج التي توصل إليها العلماء لشرح هذه الأفعال – ضمن معايير التطور-، هي أن الوجه المتناسق علامة للصحة الجيدة.

إن امتلاك وجه طوّر ملامح متناسقة، انعكاس لامتلاكك جينات جيدة؛ والسبب أنك تطورت بشكل أكثر نجاحًا بمواجهة ضغوط البيئة المحيطة أثناء وجودك بالرحم.

بيد أنه في عام 2014م، في بحث لجامعة برنل (Burnel) في لندن، تمت مقارنة التناسق الوجهي لحوالي 5000 مراهق، وأظهرت النتائج عدم وجود أي ترابط بين التناسق والصحة العامة.

2- عدم التناسق

بالرغم من عدم كونها حقيقة مطلقة، إلا أنه يمكنك في الواقع أن تفكر في العديد من المشاهير اللذين يثيرون إعجابك وهم لا يملكون وجوهًا متناسقة أبدا، ويمكن لابتسامة ملتوية أحيانا أن تكون سببا في جذب أحدهم، كما هو الحال لدى الممثل الأمريكي ميلو فينتميليا (Milo ventimiglia).

والحقيقة، إن التناسق المطلق يجبر الأشخاص على الظهور بمظهر غريبٍ نوعا ما، فعندما يجعل المشاهير وجوههم متناسقة، يبدون غير طبيعيين أبدا.

3- الوسطية

يميل بعض الناس للإعجاب بالوجوه المتوسطة الواضحة، أو بأولئك الذين يشبهون الآخرين ضمن عموم السكان.

وقد قامت مجلة نيتشر (Nature) عام 1878م بنشر ورقة، لُوحظ فيها لأول مرة أن عدة وجوه مختلطة فيما بينها، كانت أكثر جاذبية من الوجوه الفريدة.

وفي دراسة نُشرت بمجلة الطبيعة البشرية (human nature)، تم الحديث عن السبب الممكن لذلك، فوفقا للدراسة تمثل الوجوه البسيطة، مجموعة متنوعة من الجينات، وهي غالبا ما تكون ميزة جينية في مقاومة الأمراض والطفيليات.

4- الهيئة التي توحي بعمر أكبر

وجدت دراسة نشرت عام 2012م، بمجلة علم النفس التطوري (Evolutionary psychology)، أن النساء يفضلن الرجال الذين يبدون بعمر أكبر، ووفقا للدراسة، كلما زاد الاستقلال المالي لدى النساء، كلما زاد إعجابهن بالرجال الأكبر سنًا.

وإن أحد التفسيرات التي وضعتها هذه الأبحاث، هي ( تأثير جورج كلوني)، إذ تتمتع النساء بالخصوبة فقط فترة البلوغ، وسن اليأس، في حين يبقى الرجال قادرين على الإنجاب حتى سن أكبر، وقد تحصل النساء على عرض أفضل، حتى يصبح الرجل بحالة مادية جيدة مع التقدم في العمر.

5- شعر الوجه

يُفضل بعض الأشخاص اللحية الكثيفة للرجال، ولا يُفضل بعضهم الآخر ذلك، وفي دراسة أجريت عام 2013م، تم فيها تعيين 177 رجلًا، و 351 امرأةً؛ لرؤية بعض الصور لرجال دون شعر وجه، ورجال بشعر قصير وخفيف على الوجه، أو بشعر قصيرة وكثيف، أو بلحية كاملة، وأظهرت النتائج آنذاك، أن النساء ترى الذقن ذات الشعر القصير والكثيف أكثر جاذبية، أو بعمر 10 أيام من نموها.

وكان كلًا من الذقن الكثيفة، والذقن ذات الشعر القصير والخفيف، أو دونه، أقل جاذبية بشكل متساوٍ من الذقن ذات الشعر القصير والكثيف.

6- ندوب الوجه

وهي تعتمد على الجنس، رجلًا كان أو امرأة، فقد وجدت دراسة نشرت بمجلة الاختلافات الشخصية والأفراد (personality and individual differences)، أن الرجال الذين يملكون ندبة في وجههم يعدون أكثر جاذبية، بينما النساء يفقدن ذلك.

وقد أخذ الباحثون صورًا لـ 24 طالبًا وطالبةً، ثم قاموا ببعض التغيير فيها؛ لتظهر عليها الندوب، ثم طلبوا من 200 طالب أن يقيّموا جاذبية الصور، فيما إذا كانوا يرون أن هذا الشخص جيد لعلاقة طويلة أو قصيرة الأمد.

وتم تقييم الرجال أصحاب الندوب على أنهم أكثر جاذبية لعلاقة قصيرة الأمد، خلافًا للرجال الذين لا يملكون ندوبًا على وجوههم، أما النساء فلم يكن هناك خلاف حول جاذبيتهن بندوب أو دونها.

7- الأُلفة

وفقًا لدراسة نشرتها مجلة كيورنت بيولوجي (Current biology)، ليس للجينات علاقة كبيرة بذلك، وقد وجد الباحثون أن أنماط الوجوه التي تثير إعجابنا، تتأثر بتجاربنا الشخصية في الحياة أكثر من أي شيء آخر.

ووجدت الدراسة أن للتوائم المتماثلة أفكارًا مختلفة عمن يعتقدون أنه جذاب، مقترحة أن الاستعداد الوراثي لا يعد عاملًا، وعلى كلٍ، فإن الجينات تشرح فقط 50% من التنوع في ميول الأشخاص.

وأوضح أصحاب الدراسة أن هذه النتائج تشرح كيف يصنع المشاهير العارضات ثروتهم من جمال مظهرهم، بينما يستمر الأصدقاء بالاختلاف حول أذواقهم.

8- البساطة

وجدت دراسة أُجريت عام 2016م، أن النساء يملن إلى هيئة الرجل بالمجمل أكثر من الميول إلى ميزات معينة كالشفاه والعيون، وقد عين الباحثون في فرنسا 169 رجلًا، وعرضوا عليهم مجموعتين عشوائيتين لعدة وجوه من النساء، وطُلِب منهم تقييم الجاذبية بمقياس (صفر إلى 20 )، وأظهرت النتائج بالمجمل، أن الوجوه التي وجدها الرجال جذابة كانت الوجوه (خفيفة التشفير)، أي الوجوه المتناسقة، والأكثر بساطة، والتي لا تمتلك ملامح مميزة.

9- التشابه مع الوالدين

اقترحت الأبحاث أننا نميل لرؤية الأشخاص الذين يشبهون والدهم _المعاكس لجنسنا_ بشكل جذاب، ووفقا لبحث في جامعة سانت أندروز فإننا ننجذب للملامح التي كان يملكها والدانا عند ولادتنا، والسبب الممكن لذلك، هو رؤيتنا لهم كأول من منحنا الرعاية وشاركنا مشاعر إيجابية عبر تلك الملامح.

وفي دراسة أجريت عام 2002م، طلب الباحثون من المشاركين تقييم عدة وجوه من أعمار مختلفة، وقال كاتب البحث: “وجدنا أن إعجاب النساء المولودات لأبوين كبيرين (أكبر من 30 سنة) بالشباب كان قليلا، وأنهن قد انجذبن إلى ملامح العمر في وجوه الرجال أكثر من النساء المولودات لأبوين صغيرين (أقل من 30 سنة)”.

و”بالنسبة للرجال، فإن تفضيلهم لوجوه النساء كان متأثرًا بعمر والدتهم وليس عمر والدهم، وهذا التفضيل كان فقط لعلاقة طويلة الأمد”.

وفي دراسة متابعة أيضًا، وضمن عينة مكونة من 697 رجلًا و امرأة، أظهرت العينة أن الناس مرجحون للحصول على شريك حميمي، في الوقت الذي يمتلك فيه لون عيني وشعر والده ذاته، المعاكس لجنس أولئك الناس.


  • ترجمة: عمر إسماعيل
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر