البريمو في التفاضل والتكامل:

وُلد إسحق نيوتن العالم الأكثر شهرة في كل العصور في عام 1643.

كان معلمًا مريعًا قضى أوقاتًا طويلةً يدرس للغرف الفارغة في كامبريدج، قضى جزءًا كبيرًا من عمره كخيميائيٍّ سريٍّ، وكتب عن الدين أكثر مما كتب عن العلم.

حينما اكتشف حساب التفاضل والتكامل فعل ذلك بطريقةٍ غير مباشرة، لم يرهق نفسه في شرح ذلك لمدة عشرين عامًا، وفي الوقت الذي بدأ النشر كان قد مر حوالي ثلاثين عامًا، وتزامن مع نشر غوتفريد فيلهلم ليبنيز نظامَه على نطاقٍ واسع.

لقد اعترف الرجلان بعمل بعضهما البعض، لكنَّ جدلًا واسعًا حول أول من وضع حساب التفاضل والتكامل قد أُثير من مؤيديهما.

يقول العالم الناطق بالإنجليزية (نيوتن): »إن الأدلة أثبتت أن ليبنز قد عدّل في وثائقه ليدعم ادعاءه، في حين أن نيوتن قدم القليل لكي يثبت ادعاءه بخلاف القول«.

ويميل المؤرخون إلى أنَّ كلاهما وصل لعلم التفاضل والتكامل بشكلٍ مستقل.

الفلوجستون والأكسجين:

وُلد أنطوان لوران دي لافوازييه في فرنسا في 1743، أبُ الكيمياء الحديثة، لكنه لم يكن والد المشروبات الغازية، وهذا الشرف يعود إلى معاصره، جوزيف بريستلي.

ولد بريستلي في إنكلترا في 1733، اخترع المياه الغازية نتيجةً لتجاربه مع الغازات، أو كما سماه «الأنواع المختلفة من الهواء».

فتجربته التي شملت الفئران الخانقة، لم تحرره من الاعتقاد الهامشيّ في الـ«فلوجستون» -وهي مادةٌ اقتُرحت في القرن السابع عشر لإطلاقها في الهواء أثناء الاحتراق-.

لقد اشتُهر بادعائه أنه أنتج تجريبيًا هواء الـ «ديفلوجيستيك»، والذي يمكن أن يمتص المزيد من الفلوجستون وبالتالي يساعد على الاحتراق.

في عام 1774 قدم بريستلي عمله للافوازييه، الذي أُعجب في البداية بالنتائج ولكنه رفض في نهاية المطاف هراء الفلوجستون، أطلق لافوازييه على  هواء الـ«ديفلوجيستيك» لبريستلي«الأوكسجين»، بحجة أن مادة الحرق تمتص الأكسجين من الهواء، بدلًا من إنتاج فلوجستون.

رفض بريستلي قبول هذا، على الرغم من الأدلة الوافرة، وأدى رفضه إلى عزلته في الأوساط العلمية ولُقب بالدكتور فلوجستون.

البنية البيولوجية والوظيفية:

أظهر أحد الفصول الأولى من علم الأحياء الحديث العداء بين عالمي التشريح المقارن الفرنسيين (إتيان جوفري سانت-هيلير –(Étienne Geoffroy Saint-Hilaire  و(جورج كوفييه – (Georges Cuvier.

في عام 1793، في سن ال 22، كان جوفري أستاذ علم الحيوان في المتحف الوطني للطبيعة في باريس. وسرعان ما وظف عبقريًا آخر صغير السن هو كوفييه، لقد عملا معًا معظم حياتهما، حصلا على شهرةٍ واسعةٍ حتى تم قبول كوفييه في أكاديمية العلوم، شرفٌ لم يحصل عليه جوفري لمدة اثني عشر عامًا ما أدى إلى السقوط الشخصي والعلمي.

لقد كان محور الخلاف بينهما هو عظمة تُسمى (العظم اللامي أو اللساني – (hyoid، في (قردة العواء – (howler monkeys كما في الرئيسيات الأخرى تقع في قاعدة الفك، اعتقد كوفييه أن الله أعطى قردة العواء هذا الشكل الصحيح لكي تتمكن من العواء، في حين اعتقد جوفري أن عظمة اللساني لدى القرود قد تكيفت لتسهل عليهم العواء.

أعلن معظم المراقبين المعاصريين وقتها أن وجهة نظر كوفييه كانت هي الأصوب، ربما لأنه كان ذا علاقاتٍ جيدة، ويُعترف الآن بجوفري أنه أحد رواد فكرة التطور.

اكتشاف الذرة:

يعرف معظم الناس أن النظرية الذرية بدأت مع الفلاسفة اليونانيين القدماء ديموكريتوس وليوسيبوس، ونحن نميل إلى التغاضي عن الكيفية التي تم الاعتراض بها على هذه الفكرة حتى أوائل القرن العشرين.

ولد لودفيغ بولتزمان في 1844، فيزيائيٌّ نمساويٌّ مشهورٌ بشرح كيف تؤدي خصائص الذرات إلى الخصائص الدقيقة للمادة.

وبالرغم من أن عمله يُعتبر الآن علامةً بارزةً في الديناميكا الحرارية، فقد واجه معارضةً شرسةً من الفيزيائيين (فيلهلم أوستوالد – Wilhelm Ostwald) و(إرنست ماخ – (Ernst Mach، اللذين اعتبرا الذرات بناءً نظريًا غير حقيقي، وأعلنوا أن الوقت قد حان لاستبدال «صورة العالم الذرية القديمة».

في عام 1904، في مؤتمرٍ حضره العديد من الأسماء الكبيرة في الفيزياء اليوم، بما في ذلك بولتزمان ومن هم ضد فكرته، كان هناك شعورٌ أن أوستوالد وماخ  قد انتصرا في هذا اليوم، وأصبح العالم الذري دون برهان.

شنق بولتزمان نفسه في عام 1906، كان لديه ما نطلق عليه الآن اضطرابًا ثنائي القطب، ولكن البعض يتكهن أن انتحاره كان مرتبطًا بمعالجة النظرية الذرية، ويصنف المؤرخ ستيفن بروش انتحاره كأحد المآسي الكبرى في تاريخ العلم.

الانجراف القاري:

لأن العلم يعتمد في تطوره على استعراض الأقران وسباق الأفكار في خشونةٍ وقسوة، يمكننا أن نغفر لألفريد فيجنر شعوره بالاضطهاد قليلًا.

كان الألماني، الذي ولد في عام 1880، أحد علماء الأرصاد الجوية، وباحثًا قطبيًا، وجيولوجيًا في وقتٍ ما، أصبح مفتونًا بالتشابه بين الحفريات على جانبي المحيط الأطلسي والطريقة التي تتلاءم بها أشكال القارات مع بعضها البعض بدقة.

في عام 1915 قدم نظريةً جديدةً تجادل أن القارات كانت قد انضمت معًا في كتلةٍ واحدةٍ ضخمة، وسماها (كونتيرفرزشيبونج – Kontinentalverschiebung)، ونحن نسميها الآن الانجراف القاري.

في الوقت الذي تجاهل معظم العلماء نظريته الخيالية، أخذت مجموعةٌ من العلماء الأمور أبعد من ذلك بعد قراءة طبعةٍ سيئةٍ مترجمةٍ من عمل فيجنر ما جعل قبولهم لها أمرًا محالًا.

نظمت الجمعية الأمريكية لعلماء الجيولوجيا النفطية مؤتمرًا كاملًا لغرضٍ وحيدٍ هو طمس نظريته.

ومع ذلك، في نهاية المطاف دافع عنه الألمانية وأصبح عمله الأساس للتوافق العلمي الحالي لفكرة الصفائح التكتونية.

سياسات علم الاجتماع:

ازدادت حدة العداء الشديد بين عالمي البيولوجيا الأمريكيين (إدوارد أو ويلسون –  (Edward O. Wilson و(ريتشارد ليوينتين – (Richard Lewontin في السبعينيات.

عمل كلاهما في متحف هارفارد لعلم الحيوان المقارن، كان ويلسون القيّم على علم الحشرات، واشتُهر بعمله على النمل.

أما ليوينتين فهو أستاذ علم الأحياء، وعالم الوراثة السكاني المتخصص في تطبيق نظرية الألعاب على التطور.

طرح ويلسون نظريةً تُسمى «علم الاجتماع الاجتماعيّ»، والتي عرَّفها بأنها «الدراسة المنهجية للأساس البيولوجي لكل السلوك الاجتماعي»، وقدر البعض هذه النظرية على نحوٍ ضعيف، إذ يبدو أنها تنطوي على تبريرٍ بيولوجيٍّ لبعض الترتيبات السياسية وعدم المساواة الاجتماعية.

ليوينتين، الذي تأثرت آراءه بالماركسية، حمل على أفكار ويلسون في كل محفلٍ يمكن أن يجده، إذ انتقد النظرية على أنها عنصرية وجنسية ورأسمالية.

أشار ويلسون ببساطةٍ إلى أن الماركسية هي «نظريةٌ رائعة، للأنواع الخاطئة»، ما يعني أن الشيوعية قد تعمل بشكلٍ جيدٍ مع النمل ولكن ليس مع البشر، الأمر الذي أشعل جنون ليوينتين.


  • ترجمة: مصطفى العدوي
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر