سكوت ومارك كيلي (Scott, Mark Kelly) توأمٌ متطابقٌ لهما نفس سلاسل الأحماض النووية.

في حين إمضاء سكوت سنةً في الفضاء، مكث أخوه مارك على الأرض، ما أعطى ناسا فرصةً مميزةً لرؤية كيفية تغيير السفر إلى الفضاء العقل والجسم البشريّ.

كُشفت بعض النتائج المبهرة، قرابة سبعةٍ في المئة من الحمض النووي لسكوت ربما قد تغيرت بشكلٍ دائمٍ في الفضاء.

عندما وقف سكوت كيلي رائد الفضاء في ناسافي مارس السابق بعد أن أمضى سنةً في الفضاء كان أطول بمقدار بوصتين(5 سنتيمترات).

المهندس المحنك صاحب أربع رحلاتٍ فضائية، جزءٌ من دراسة ناسا طويلة الأمد التي تسعى لاكتشاف كيفية تغيير البقاء في الفضاء أجسامنا وعقولنا.

يمنح سكوت كيلي ناسا-في وضعٍ فريدٍ من نوعه-نظرةً ثاقبةً على هذه التغيرات؛ لأنه رائد فضاءٍ ولديه توأم، ولأغراضٍ بحثيةٍ تقارن ناسا بين حمض سكوت كيلي النووي وحمض أخيه التوأم المطابق مارك كيلي.

مكث مارك على الأرض أثناء بقاء سكوت لمدة 340 يومًا على متن محطة الفضاء الدولية، ومنح ناسا فرصةً نادرةً لمقارنة أثر البقاء في الفضاء في جيناته.

على الرغم من أنَّ كلًا من الشقيقين ولدا بنفس سلاسل الأحماض النووية، ولقد عرّضت الحياة سلاسل الأحماض النووية لكلٍ منهما إلى مجموعةٍ متباينةٍ من التجارب, وكان البقاء في الفضاء أحد تلك التجارب،لقد أثرت تلك التجارب على طريقة جينات كيلي في التعبير،أو (تحويل المعلومات – gene expression).

وقد تبين أن طول سكوت المكتشف حديثًا ما هو إلا نتيجةٌ مؤقتةٌ لتمدد عموده الفقري في بيئةٍ خاليةٍ من الجاذبية، وليس تغيرًا في جيناته، ولكنها واحدةٌ من العديد من التغيرات التي وثقها الباحثون حتى الآن.

ولقد وُجدت عميقًا في حمض سكوت النوويّ، مجموعةٌ من التغيرات التي لم توجد عند أخيه مارك، في حين أن بعضها مؤقتًا وبعضها يبدو أنه تحدَّث في أثناء وجوده في الفضاء فقط، بعضها الأخر كان طويل الأمد.

يقول (كريستوفر ماسون- Christopher Mason) باحثٌ رئيسيٌّ في هذه الدراسة، وأستاذ مساعد في كلية ويل كورنيل للطب: «عندما صعد سكوت إلى الفضاء كان ذلك بمثابة الألعاب النارية على مستوى التعبير الجينيّ، ولكن التغيرات التي تبدو وكأنها ستلازمه لبعض الوقت تشمل تغيراتٍ في وظائف النظام المناعيّ ووظائف شبكية العين المتعلقة بصحة عينه».

ما يقارب سبعة بالمئة من جينات سكوت كيلي ربما تكون قد تغيرت بشكلٍ دائمٍ نتيجةً لبقائه في الفضاء، ووفقًا لماسون، فإنَّ حوالي سبعة بالمئة من جينات سكوت لم تعد لطبيعتها منذ أن عاد إلى الأرض منذ عامين، وقال سكوتإنه كان مندهشًا بتلك التغيرات.

يقول سكوت: «لقد قرأت بالفعل في مجلةٍفي ذلك اليوم أن سبعة بالمئة من حمضي النووي تغيرت بشكلٍ دائم، وبينما أقرأ ذلك قلت في نفسي مندهشًا هذا يبدو غريبًا».

يبدو أن هذه التغيرات حدثت في الجينات التي تتحكم بوظائف متعلقةٍ بنظامه المناعيّ، وتشكل العظام وترميم الحمض النووي، وكذلك المتعلقة أيضًا بالاستجابة للأوساط الغنية بالأوكسجين أو الغنية بثاني أكسيد الكربون.

يقول ماسون إنَّه مع الكثير من هذه التغيرات يبدو وكأن جسده يحاول أن يفهم هذه البيئة الفضائية ويستجيب لها.

وأضاف أن جينات سكوت تُظهر في كثيرٍ من النواحي علاماتٍ لتفاعل الجسم مع ما يعتبره تهديدًا.

في كثير من الأحيان عندما يواجه الجسم شيئًا غريبًا، تكون هناك استجابةٌ مناعية،فيعتقد الجسم أن هناك سببًا للدفاع عن نفسه، نحن نعلم أن هناك جوانب للبقاء في الفضاء ليست ممتعة، وهذا هو التعبير الجزيئيُّ لاستجابة الجسم لهذا الإجهاد.

النتائج الكاملة لهذه الدراسة لم تُنشر بعد، ولكن النتائج الأولية لهذه البيانات تعطي العلماء الكثير لتأمله.

تعتمد بعض هذه النتائج على ما كنا نعرفه بالفعل، مثل حقيقة أن الوجود في الفضاء يمدد عمودك الفقريّ، ويقلص عضلاتك، ويعبث بدورة نومك.

لكنَّ التأثيرات طويلة المدى تأخذ أجسادنا في رحلةٍ قصيرةٍ خارج الغلاف الجويّ للأرض بعيدًا جدًا عن كونها مفهومة.

فيما يلي نظرةٌ سريعةٌ على ما كشفه الباحثون حتى الآن:

القسيم الطرفي لسكوت أصبح أطول ثم انكمش إلى طبيعته:

(القسيم الطرفي- telomeres)،أو القطعة النهائية لكروموسومات سكوت أصبحت أطول من المماثلة لأخيه بينما كان في الفضاء، ثم عادت بسرعةٍ إلى طولها الطبيعيّ بمجرد عودته إلى الوطن.

تقول (سوزان بيلي- Susan Bailey) عالمة أحياءٍ إشعاعية في جامعة ولاية كولورادو في فورت كولينز: «هذا بالضبط عكس ماكنا نعتقد؛ لأن القسيم الطرفي الأقصر مرتبطٌ عمومًا بالتقدم في العمر».

وما زال العلماء يدرسون ما يعنيه ذلك، وأن يكون متصلًا بالقيام بمزيدٍمن التمارين الرياضية وتناول عددٍ أقل من السعرات الحرارية أثناء الوجود في الفضاء.

التعبير الجيني لسكوت تغير من عدة جوانب:

أظهرت جينات سكوت زيادةً ونقصانًا لمستويات الميثيل، وهي عمليةٌ تؤدي إلى تفعيل الجينات وإيقافها.

قال ماسون في بيان العام السابق: «أحد أكثر الأشياء إثارةً التي رأيناها عند النظر في التحويل الجيني في الفضاء هو أننا نشهد انفجارًا حقيقيًا، كأنه إطلاقٌ للألعاب النارية بمجرد دخول الجسم في الفضاء، ووفقًا لناسا هذا يمكن أن يكون مؤشرًا على أن الجينات أكثر حساسيةً لتغير البيئة سواءً على الأرض أو في الفضاء».

احتواء أمعاء التوأم على بكتيريا مختلفة:

لاحظ العلماء اختلافاتٍ بين بكتيريا الأمعاء عند الأخوين لمدة سنةٍ طوال الدراسة (وهي ميكروباتٌ تساعد في عملية الهضم)، قالت ناسا إنَّ هذا ناتجٌ على الأرجح عن اختلاف نظامهما الغذائيّ، وكذلك اختلاف البيئة.

يبحث العلماء فيما يسمونه (الجين الفضائية- space gene)، ووجدواعند ترتيب الحمض النووي (الريبوزي –RNA) في خلايا الدم البيضاء للتوأمأن أكثر من مئتي ألف جزيءRNA تمالتعبيرعنها بشكلٍ مختلف بين الأخوين.

وقالت ناسا إنه من الطبيعي أن يكون لدى التوائم طفراتٌ فريدةٌ في جيناتهما، لكن العلماء يتطلعون إلى معرفة ما إذا كان من الممكن تنشيط جينٍ فضائيٍّ أثناء وجود سكوت في الفضاء.

لازالت ناسا تبحث في نتائج الدراسة وتتوقع أن تنشر النتائج كاملةً هذا العام، سيقوم هذا البحث بتقديم معلوماتٍ هامةٍ للرحلات الفضائية، بما فيها الرحلات المحتملة إلى المريخ لسنواتٍ قادمة.


  • ترجمة: يوسف مصطفى.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر