أيّ نوع من السحر هذا !

لا يُعدّ ذلك قراءة للأفكار تمامًا، لكنّه قريب من ذلك..

فالعلماء الآن قادرون على تحديد الأغاني التي يستمع لها الناس، فقط  باستخدام مسحFMRI  (الرنين المغناطيسي الوظيفي) لأدمغتهم والذي يقيس تدفق الدم ونشاط الدماغ.

ويهدف البحث لمساعدتنا على فهم كيفيّة تفاعل العقل مع الموسيقى وكيفيّة تطوير واجهات الدماغ المستقبلية لمساعدة الناس الذين لا يمكنهم التواصل بشكل طبيعي، مثل المصابين بمتلازمة المنحبس (وهي حالة مرضية يكون فيها المريض في حالة استيقاظ ووعي، لكنه غير قادر على التواصل الشفهي مع الآخرين لكونه في حالة شلل كامل لكل عضلاته الإرادية عدا عضلات العينين).

وبالإضافة إلى ذلك، بحسب فريق الباحثين الدولي القائم على الدراسة يمكننا تأليف الأغاني باستخدام أفكارنا،على الرغم من أن هذا النوع من مفهوم الخيال العلمي مازال بعيدًا.

كتب الباحثون في ورقتهم المنشورة: «على الرغم من كونه طريقًا طويلًا لتحقيق هذا النهج المتقدم لإعادة التشكيل، فإننا نقدم كخطوة أولى نهجًا جديدًا لرواية القطع الموسيقية».

اعتمدت التجارب على نموذج فك التشفير، حيث قام نظام الكمبيوتر بمراقبة أنماط نشاط الدماغ التي تسببها أغانٍ معينة (بمعنى أيّة أجزاء من الدماغ تتوهج ومتى)، ثم محاولة التعرف على الأغنية الصحيحة مرة أخرى فقط من بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي.

استمع ستة متطوعين لأربعين قطعة موسيقية تغطي الموسيقى الكلاسيكية، وموسيقى الروك، والبوب، والجاز، وغيرها.

وقد تم تزويد ماسح الرنين المغناطيسي ببرنامج مخصص لقياس نشاط الدماغ الناتج عن الخصائص الموسيقية المختلفة بما في ذلك النغمات، ومدى هدوء وصخب الأغنية، بالإضافة إلى الإيقاع والجرس الموسيقي.

عند اكتمال التحليل، تم تكرار بعض الألحان، وكانت مهمة نظام الكمبيوتر تخمين الأغاني التي تم اختيارها.

عندما أُعطي الحاسوب مباشرةً خيارين فقط أحدهما صحيح، كان الاختيار صحيح بنسبة 85 في المئة.

ثم اتسعت التجربة بحيث كان على النظام اختيار الأغنية الصحيحة من بين عشرة خيارات ممكنة، وذلك فقط باستخدام بيانات مسح الدماغ من المستمع.

وفي هذه الحالة حصل الحاسب على إجابات صحيحة بنسبة 74 في المئة.

ومن بين النتائج الأخرى التي توصلت إليها الدراسة عدم استخدام المستمعين لنصف محدد من الدماغ لمعالجة الموسيقى، إذْ لم يكن هنالك أي تحيز تجاه الجانب الأيسر أو الأيمن من الدماغ.

وعلى الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول العلماء فيها رسم خرائط لتأثير الأغاني على نشاط الدماغ، إلا أن هذه التجربة تتعمق مع خيارات أوسع من الأغاني وقائمة تشغيل أكثر تنوعًا من الأبحاث السابقة.

ويقول الباحثون أن هذا النوع من التقنية يمكن أن يُستخدم في تحديد الألحان التي يفضلها الناس، والسبب وراء تفضيل بعض الناس لأغنية معينة قد لا يفضلها الآخرون.

هذه الدراسة هي جزء من جهد أوسع لفهم المزيد عن تأثير الموسيقى علينا، بالإضافة لأبحاث جديدة حول كيفية تعزيز بعض الموسيقى للإنتاجية، وكيف أن طريقة تغير نشاط الدماغ يمكن أن تغير فعلًا من ذوقنا في الموسيقى.

وفي النهاية يمكن تطبيق هذه التقنية الجديدة لمساعدة الناس الذين يعانون من مشاكل الهلوسة السمعية، لكننا نحتاج إلى الكثير من البيانات قبل القيام بذلك.


  • ترجمة: حبيب بدران
  • تدقيق: سهى يازجي
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر