مخاطر الهندسة المناخية قد تكون اسوأ من تغيّر المناخ نفسه


قد تمنحنا هندسة المناخ بعض الوقت الإضافي لمعالجة مستويات الكربون في غلافنا الجوي ولكن لها أيضًا بعض العوامل الوخيمة على المناخ الإقليمي والتنوع البيولوجي للكوكب

التحكم بالمناخ

وُصفت الهندسة المناخية الشمسية كوسيلةٍ واعدةٍ لضمان صلاحية كوكبنا للعيش عن طريق التبريد الاصطناعي للمناخ. ومع ذلك، فإن البدء بمثل هذا السيناريو يمكن أن تكون له عواقب وخيمةٌ إذا تم عكس أو إيقاف هذه الطريقة فجأة، وفقًا لدراسةٍ جديدة.

تتخذ هندسة المناخ أشكالًا مختلفًة كثيرة، وأغلبها تستخدم مبادئ مختلفةً جذريًا لتحقيق نفس الهدف النهائي. الهندسة المناخية تتمحور حول استخدام الهباء الجوي (مادة غازية مضغوطة تُطلق إلى الهواء) لتعكس أشعة الشمس مرةً أخرى إلى الفضاء. ليس لهذه التقنية تأثيرٌ مباشرٌ على مستويات الكربون في الغلاف الجوي، لذا فهي ليست حلًا نهائيًا لتغير المناخ. ومع ذلك، يقول مؤيدوها أنه يمكن أن تقلل من درجات الحرارة، مما يمنحنا بعض الوقت الإضافي لإزالة المزيد من الكربون من الغلاف الجوي.

قُدمت دراسة جديدة بقيادة كريستوفر تريسوس (Christopher Trisos)، عالم البيئة في المركز الوطني للتجميع الاجتماعي والبيئي، لتقييم مخاطر اتخاذ مثل هذا الإجراء لفترةٍ محدودةٍ من الزمن. وتقترح الورقة، التي نُشرت في مجلة نيتشر لعلم البيئة والتطور أن الإنهاء المفاجئ لبرنامج الهندسة المناخية الشمسي يمكن أن يسبب ضررًا أكبر من تغير المناخ نفسه.

وقال جانوس باستور(Janos Pasztor)، المدير التنفيذي لمبادرة إدارة الهندسة المناخية في كارنيجي، >>تبحث الدراسة بدايةً سريعةً وإنهاءً سريعًا للهندسة المناخية الشمسية  وهو ما قد لا يكون الطريق الذي سيتخذه العالم<<. وأضاف >>لكننا نعيش في عالمٍ غير مثالي. يمكن أن تحدث أمورٌ غير متوقعة. وأشاطر المؤلفين القلق الضمني الذي مفاده أن هناك سيناريو معقول بأن بلدًا واحدًا أو مجموعةً صغيرةً من البلدان أو حتى شخصًا غنيًا يمكن أن يشارك فعلًا في نشر الهندسة المناخية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى هذا النوع من البداية السريعة والتوقف السريع.

خلصت الدراسة إلى أن هذا النوع من الهندسة المناخية، سيكون له تأثيرٌ كبيرٌ على النظم البيئية الإقليمية. قارن الباحثون التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار في سيناريو حيث تم تشغيل مشروع الهندسة المناخية من عام 2020 إلى عام 2070 مع مناطق لم تُطبق بها الهندسة المناخية. حيث وجدت أن التغيرات السابقة مقارنةً مع المناخات الحالية كانت أكثر دراماتيكية بنسبة بين 2 إلى 4 أضعاف. مما يعني أن الكائنات الحية سوف تضطر إلى السفر في اتجاهٍ واحدٍ للحفاظ على مستوى مماثل من الأمطار، وفي اتجاهٍ مختلف لملاحقة درجة الحرارة التي اعتادوا عليها. ويُعتقد أن المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي، مثل المحيطات المدارية وحوض الأمازون، ستواجه الخطر الأعظم.

كما يقول ايضًا >>تنمو بعض الأشجار في نطاق درجات حرارةٍ معينة، وبعض الحيوانات تستطيع العيش في نطاق درجات حرارةٍ معينة، وهلم جرًا – وهذا هو التوازن الطبيعي للأشياء. إذا قمت بتغيير درجة الحرارة ببطء، يمكن لبعض الحيوانات أن تتحرك مع درجة الحرارة. لقد رأينا بعض الأسماك تتحرك شمالًا حيث تصبح المياه أكثر دفئًا. بعض النباتات يمكن أن تتحرك أيضًا، ولكن بالطبع بصورةٍ أبطأ بكثير.

فكّر قبل ان تقفز

المشكلة في البداية والإنهاء السريع لمشروع الهندسة المناخية الشمسية هي أنه حتى لو كانت الأنواع قادرةً على التكيف مع التغييرات الأولية لبيئتها، فإن تغييراتٍ أخرى ستطرأ بعد بضعة عقود في وقت لاحق.

يقول دينيس ل. هارتمان(Dennis L. Hartmann) ، الأستاذ في قسم علوم الغلاف الجوي بجامعة واشنطن>> إن التحكم بالإشعاع الشمسي يجب أن يستمر ويزداد لتعويض زيادة ارتفاع درجة الحرارة بسبب الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري التي تساعد على ارتفاع درجة حرارة الكوكب)، عند إيقاف التحكم بالإشعاع لأي سبب من الأسباب، فإن ارتفاع درجات الحرارة السريع سيؤدي إلى نتائج كارثية محتملة <<.

من أكبر التحديات في تنفيذ الهندسة المناخية الشمسية أن أي مشروعٍ يجب أن يصمد أمام تغيراتٍ سياسيةٍ على مدار عقود. ولا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا إذا كان هناك اتفاقٌ دوليٌ على متابعة هذه التغييرات، وعندئذ ينبغي إنشاء مؤسسةٍ لضمان استمراريتها.

وتؤكد مبادرة إدارة الهندسة المناخية في كارنيغي أن مواصلة استكشاف المخاطر والمنافع وإطار الحوكمة المشترك هي شروطٌ مسبقةٌ قبل البدء بالهندسة المناخية الشمسية. وذلك لأنهم يقولون بأن عواقب الانتشار السريع لها مخاطر متعددة

>هذه الدراسة هي بالضبط ما نحتاجه<<، ويقول باستور ايضًا. >>إنها واحدةٌ من العديد من المشاكل التي نحتاج إلى معرفة المزيد عنها، لكن من الواضح أن هذه الدراسة تتناول هذه المخاطر وأنا اثني عليها<<.


  • ترجمة: مصطفى المالكي
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر